الاقتصاد الأميركي ينمو 4.3% في الربع الثالث

شهد الاقتصاد الأميركي نمواً أسرع من المتوقع في الربع الثالث من العام، مدفوعاً بشكل أساسي بزيادة إنفاق المستهلكين. ومع ذلك، يبدو أن هذا الزخم قد بدأ في التلاشي مع ارتفاع تكاليف المعيشة وتأثير الإغلاق الحكومي الأخير، مما يثير تساؤلات حول استدامة هذا النمو في المستقبل القريب.
ووفقًا لمكتب التحليل الاقتصادي التابع لوزارة التجارة، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي قدره 4.3% في الربع الثالث، متجاوزًا توقعات المحللين التي كانت تشير إلى نمو بنسبة 3.3%. يأتي هذا بعد نمو بنسبة 3.8% في الربع الثاني، مما يدل على تباطؤ تدريجي في وتيرة النمو.
إنفاق المستهلكين ودوره في النمو الاقتصادي
يعزى التسارع في إنفاق المستهلكين بشكل كبير إلى الإقبال على شراء السيارات الكهربائية قبل انتهاء الإعفاءات الضريبية في نهاية سبتمبر/أيلول. وقد أدى ذلك إلى زيادة مؤقتة في الطلب، لكن المبيعات انخفضت في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني. تباين الإنفاق في القطاعات الأخرى، مما يشير إلى أن الدعم القوي لنمو الناتج المحلي الإجمالي قد يكون محدودًا.
بالإضافة إلى ذلك، تشير تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس إلى أن الإغلاق الحكومي الذي استمر 43 يومًا قد يؤدي إلى خفض ما بين نقطة ونقطتين مئويتين من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع. يتوقع المكتب تعويض جزء من هذا الانخفاض، لكنه يقدر أن ما بين 7 و 14 مليار دولار قد لا يتم تعويضه بالكامل.
تأثير السياسات الاقتصادية على المستهلكين
وتظهر بيانات استطلاعات الرأي أن الأسر ذات الدخل المرتفع هي المحرك الرئيسي لنمو الإنفاق الاستهلاكي، وذلك بفضل الأداء القوي لسوق الأسهم وزيادة الثروة. في المقابل، يواجه المستهلكون من ذوي الدخل المتوسط والمنخفض صعوبات متزايدة في تحمل تكاليف المعيشة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن هذه الرسوم الجمركية أثرت بشكل متفاوت على الشركات، حيث تمكنت الشركات الكبيرة من امتصاص معظم التكاليف الإضافية، بينما عانت الشركات الصغيرة بشكل أكبر. كما أن ارتفاع تكاليف الطاقة، المرتبط جزئيًا بالطلب المتزايد على الكهرباء من مراكز البيانات، يضيف إلى الضغوط التضخمية التي تواجهها الأسر.
القدرة الشرائية وتوقعات المستقبل
وتشير التقارير إلى أن سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب ساهمت في ما يوصف بأنه أزمة القدرة الشرائية، مما يؤثر على شعبيته. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يواجه بعض الأفراد ارتفاعًا كبيرًا في أقساط التأمين الصحي في عام 2026، مما يزيد من الضغوط المالية على الأسر.
في هذا السياق، قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) بتخفيض سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق 3.50% و 3.75% في وقت سابق من هذا الشهر. ومع ذلك، أشار البنك إلى أنه من غير المرجح أن يقوم بتخفيضات إضافية في التكاليف في المستقبل القريب، حيث يراقب عن كثب تطورات سوق العمل ومعدلات التضخم.
بشكل عام، يشير الوضع الحالي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي الأميركي، مع وجود عوامل متعددة تساهم في هذا التباطؤ. من المتوقع أن يستمر البنك المركزي في تقييم البيانات الاقتصادية الواردة، مع التركيز بشكل خاص على التضخم وسوق العمل، قبل اتخاذ أي قرارات بشأن السياسة النقدية في المستقبل. وستكون التطورات في السياسة التجارية، وتكاليف الطاقة، وأسعار التأمين الصحي من بين العوامل الرئيسية التي يجب مراقبتها في الأشهر المقبلة.





