السفير اليمني لـ «الأنباء»: الكويت وقفت مع اليمن في السراء والضراء ولها في قلوب اليمنيين مكانة لا تزول

- تدخلات الكويت في الشأن اليمني دائماً إيجابية وتخدم شعبه عبر مساهماتها التنموية والتعليمية والصحية والثقافية والإنسانية
- 7.5 مليارات دولار إجمالي الخسائر الناجمة عن توقف إنتاج وتصدير النفط اليمني من نوفمبر 2022 حتى أبريل 2025
أسامة دياب
أشاد السفير اليمني لدى دولة الكويت البروفيسور علي منصور بن سفاع بعمق العلاقات اليمنية – الكويتية، مؤكدا أنها تمتد بجذورها إلى أعماق التاريخ، وتتسم بالود والدعم المتبادل، موضحا أن تدخلات الكويت في الشأن اليمني كانت دائما إيجابية وبناءة، وتهدف إلى خدمة الشعب اليمني في مختلف المجالات.
وأضاف السفير بن سفاع في تصريحات لـ «الأنباء» أن أيادي الكويت البيضاء وصلت إلى كل بقعة من اليمن، عبر مساهماتها التنموية والتعليمية والصحية والثقافية والإنسانية، مشيرا إلى أن هذه المواقف ستظل محفورة في وجدان كل يمني.
وتابع السفير: «التدخلات السياسية الكويتية في اليمن كانت ولاتزال حميدة، وتبحث عن حلول سلمية تضمن الخروج من الأزمات دون إلحاق الضرر بأي طرف، فالكويت استضافت في عام 2016 أطراف النزاع اليمني – الحكومة الشرعية والحوثيين – وقدمت كل الدعم اللوجستي لإنجاح مفاوضات السلام، في ظل رعاية كريمة من الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الذي تابع شخصيا تفاصيل المبادرة».
وأوضح أن تعقيدات الأزمة اليمنية تجاوزت قدرة اليمنيين على حلها داخليا، في ظل تدخلات خارجية، ما أدى إلى فشل تلك المحادثات، ومع ذلك، لم تيأس الكويت، بل ظلت ملتزمة بمبادرات السلام ودعم جهود الحل السياسي.
وتابع السفير أن من يزور اليمن يدرك حجم الدعم الكويتي، إذ لا يكاد يخلو مكان من مدرسة أو مستشفى أو منشأة أقامتها الكويت، مؤكدا أن هذا الدعم امتد منذ ستينيات القرن الماضي دون النظر إلى انتماءات أيديولوجية أو مصالح سياسية أو اقتصادية، بل كان موجها للإنسان اليمني قبل كل شيء. وأشار إلى أن العلاقات الثنائية بين البلدين تشهد زخما متزايدا، خاصة بعد زيارة وزير الخارجية اليمني إلى الكويت مؤخرا، والتي أثمرت توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية في المجالات السياسية والديبلوماسية، بما في ذلك اتفاقية تعاون مع المعهد الديبلوماسي الكويتي.
وأضاف أن هذه الزيارة أعادت تحريك عدد من المشاريع التنموية التي توقفت نتيجة تعثر اليمن في الوفاء بالتزاماتها، حيث تم الاتفاق على إعادة جدولة الديون، ووقع الصندوق الكويتي للتنمية اتفاقية بهذا الشأن مع مجلس القيادة الرئاسي اليمني، لاستئنافها وبدء تنفيذ مشاريع تنموية جديدة.
وتابع قائلا «ما لمسناه من دفء في التعامل وحماس في دعم اليمن من قبل القيادة الكويتية يعبر عن نبل هذا البلد، ومهما تحدثنا عن الكويت فلن نوفيها حقها، فستبقى الكويت دولة شقيقة وصديقة، وقفت مع اليمن في السراء والضراء، ولها في قلوب اليمنيين مكانة لا تزول».
وردا على سؤال حول أبرز نتائج توقف إنتاج وتصدير النفط اليمني الخام منذ أكتوبر 2022 وأثر ذلك على الاقتصاد الوطني، أوضح بن سفاع أنه منذ الحرب الحوثية في عام 2015م، وأحدثها الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له موانئ تصدير النفط الخام اليمني وعلى وجه الخصوص ميناء الشحر النفطي بتاريخ 21 أكتوبر 2022م، و21 نوفمبر 2022م، على التوالي وإصابة العوامة رقم 1 «SPM» دقيقة جدا وكبيرة، مما تسبب ذلك في توقف العملية الإنتاجية والتصديرية للنفط الخام ابتداء من أكتوبر 2022م حتى اليوم، فيما عدا إنتاجا طفيفا من قبل الشركات الوطنية لتغطية احتياجات مصفاة مأرب ووحدة إنتاج الديزل وجزء من احتياجات محطة كهرباء الرئيس في عدن، وذلك في ظل غياب كامل لأي تدخل أممي أو دولي لردع هذه الميليشيات الإرهابية.
وأضاف بن سفاع «أدى توقف إنتاج وتصدير النفط الخام إلى خسائر كبيرة ومباشرة في الاقتصاد الوطني تمثلت في توقف إنتاج وتصدير النفط الخام، وما ترتب عن ذلك من خسارة أهم مورد إيرادي لتمويل نفقات الدولة، الأمر الذي تسبب في عجز كبير في المالية العامة وعجز عن الوفاء بالالتزامات الأساسية مما زاد من المعاناة الإنسانية».
ولخص السفير اليمني أبرز تلك الآثار المترتبة على توقف إنتاج وتصدير النفط الخام، مشيرا إلى أن أولها أولا الأثر المالي والاقتصادي، إذ تعد عملية إنتاج وتصدير النفط الخام، والعائد المالي الناتج عنها، ركيزة مالية واقتصادية، حيث يمثل هذا القطاع الاقتصادي 90% من الصادرات السلعية الخارجية لليمن و80% من إجمالي إيرادات الموازنة العامة، حيث تعتبر عائدات النفط والغاز من أهم مصادر تدفق العملة الصعبة التي تغذي الاحتياطات الخارجية من النقد الأجنبي وتمول واردات السلع الغذائية وغير الغذائية وتدعم استقرار سعر صرف العملة الوطنية.
وشدد على أن تراجع حجم الموارد العامة يهدد بعجز الحكومة عن الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه الإنفاق على الخدمات العامة وفي مقدمتها الكهرباء وتأمين رواتب موظفي الدولة، وتحريك عجلة الاقتصاد، بالإضافة إلى عدم القدرة على تغطية نفقات القطاعات الأساسية، مثل الصحة والتعليم.
وذكر أن صادرات النفط الخام اليمني للخارج لكل من مزيج خام المسيلة ومزيج خام مآرب خلال عام 2014م بلغت ما يقارب 1.7 مليار دولار تقريبا، في حين بلغ إجمالي الكميات المباعة (للمصافي المحلية) لأغراض الاستهلاك المحلي 1.9 مليار دولار تقريبا بإجمالي إيراد تم تحقيقه في العام 2014م بلغ 3.5 مليارات دولار تقريبا.
وأشار إلى أنه بعد عملية استئناف أعمال إنتاج وتصدير النفط الخام في العام 2016م، فقد بلغت إيرادات صادرات النفط الخام اليمني في عام 2021م ما يقارب 1 مليار دولار تقريبا، في حين بلغت إيرادات عام 2022م حتى شهر سبتمبر 2022م، ما يقارب 1.1 مليار دولار قبل أن تتوقف أنشطة إنتاج وتصدير النفط الخام منذ أكتوبر 2022م.
ولفت إلى أن الخسائر المالية نتيجة توقف أعمال تصدير النفط الخام جاءت على النحو التالي:
– 150.000.000 دولار تقريبا قيمة إيرادات الكمية غير المبيعة من نفط خام المسيلة لمبيعات شهر أكتوبر 2022م.
– 11.000.000 دولار تقريبا قيمة إيرادات نفط خام شبوة لمبيعات شهر أكتوبر 2022م.
– 130.000.000 دولار تقريبا، وذلك بشكل شهري كمقدار توقف الإنتاج من مزيج المسيلة ومزيج نفط خام مأرب الخفيف. وكشف بن سفاع أن إجمالي الخسائر الناجمة عن توقف إنتاج وتصدير النفط تبلغ ما يقارب 4.1 مليارات دولار أميركي في فترة من نوفمبر 2022 حتى أبريل 2025، وفي حال مقارنتها بمتوسط إيرادات عام 2014- والتي تعتبر سنة أساس – فإن الخسائر تبلغ 7.5 مليارات دولار تقريبا. وأشار إلى أن هجوم «الحوثي» على ناقلات النفط الخام نتج عنه خسائر مالية وغرامات تحملتها الدولة نتيجة عدم تمكنها من الإيفاء بالتزاماتها التعاقدية لمبيعات شهر أكتوبر 2022، مبينا أن الدولة أيضا ستتحمل تكاليف باهظة عند إعادة الإنتاج من جديد وإعادته إلى مستوياته السابقة، والتي ستتطلب فترة طويلة نظرا لخصوصية المكامن الموجودة في تلك القطاعات وستتطلب تكاليــف كبيــرة جـــدا لاستئنافها وصيانتها، وهجر الآبــار بطريقة تتوافق مع المعايير الدولية في الصناعة النفطية، فضلا عن التأثير المالي على عـدم مقدرة الدولة على توفيــر التمويل اللازم لتحديث وحدة الطاقة لمصفاة عدن، وبالتالي عـدم التمكن من إعادة تشغيل شركـة مصافي عدن والاستمرار في الاعتماد على تغطية احتياجات السوق المحلية بالمشتقات النفطية من الخارج وبالعملة الصعبة، والتي تسهم في التأثير على العملة المحلية وزيادة التضخم في البلد، بالإضافة إلى الخسائر الناتجة عن شراء واستبدال عوامة SPM بديلة عن العوامة رقم 1 في ميناء الشحر البترولي والتي تعرضت لضربة تخريبية في يوم 21 نوفمبر 2022م، أدت إلى غرقها جزئيا وخروجها عن الخدمة، حيث تم إجراء إصلاحات طارئة ومؤقتة لإبقائها عاملة.
وشدد بن سفاع على أن توقف إنتاج وتصدير النفط اليمني أثر بصورة مباشرة على السمة الاستثمارية لليمن وتسبب في مشاكل قانونية مع الشركات الأجنبية، كما أدى إلى إحجام الشركات النفطية عن شراء النفط اليمني بسبب مخاطر نقله وللحفاظ على أرواح طواقم السفن.