العسكر يعظون.. جدعون ليفي: إسرائيل من جيش الشعب إلى جيش الرب

أثار مقال للكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي جدلاً واسعاً حول التوجه المتزايد للجيش الإسرائيلي نحو تبني روايات دينية وتوراتية في تدريبه وحملاته التوعوية. يركز المقال على حملة “من أجل يهودا” التي تديرها كتيبة يهودا، والتي يرى ليفي أنها تعكس تحولاً خطيراً في الجيش من مؤسسة وطنية إلى أداة عقائدية، مما قد يؤثر على سلوك الجنود تجاه الفلسطينيين. هذا التحول في الجيش الإسرائيلي يثير تساؤلات حول تأثيره على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وأشار ليفي إلى أن هذا التوجه يحدث في ظل انشغال الرأي العام بقضية تجنيد اليهود المتدينين (الحريديم)، بينما يغفل عن خطر أكبر يتمثل في إضفاء الشرعية الدينية على الاحتلال العسكري. الحملة الجديدة، وفقاً للمقال، تتضمن تنظيم جولات ميدانية للجنود والمدنيين في الضفة الغربية، تركز على سرد روايات تاريخية ودينية تبرر الوجود العسكري الإسرائيلي.
تأثير الروايات الدينية على الجيش الإسرائيلي
يرى المحللون أن استخدام الروايات الدينية في الجيش الإسرائيلي ليس ظاهرة جديدة، لكنها تتصاعد في الآونة الأخيرة، خاصة مع صعود اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية. وتشير التقارير إلى أن هذه الروايات تهدف إلى تعزيز الروح المعنوية للجنود وتبرير أفعالهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
جولات “في أرض الميعاد” وتأثيرها على الجنود
تتضمن حملة “من أجل يهودا” تنظيم ما يسمى بـ “جولات الجيش الإسرائيلي”، وهي رحلات ميدانية إلى مواقع تاريخية ودينية في الضفة الغربية. خلال هذه الجولات، يتم تقديم تفسيرات توراتية للوجود الإسرائيلي في المنطقة، مع تجاهل تام للحقوق والوجود الفلسطيني.
ويؤكد ليفي أن هذه الجولات تعمل على غسل أدمغة الجنود وتعزيز قناعاتهم المسيانية، مما يجعلهم أكثر استعداداً لممارسة العنف ضد الفلسطينيين. ويشير إلى أن قادة عسكريين بارزين يلقون خطباً دينية حول “لماذا نحن هنا؟”، بدلاً من التركيز على المهام العسكرية والأخلاقية.
غياب الرواية الفلسطينية وتداعياته
أحد الجوانب الأكثر إثارة للقلق في هذه الحملة، وفقاً لليفي، هو غياب أي ذكر للفلسطينيين أو روايتهم في السرديات المقدمة. هذا التجاهل، يرى الكاتب، يعكس رؤية خطيرة تعتبر الفلسطينيين “غير موجودين”، مما يسهل استمرار القمع والعنف ضدهم.
ويضيف أن هذا التجاهل يؤدي إلى تفاقم التوتر في المنطقة وتقويض أي فرصة لتحقيق سلام عادل ودائم. فالتركيز على الروايات الدينية والتاريخية الإسرائيلية، مع استبعاد الرواية الفلسطينية، يخلق بيئة من عدم الثقة والكراهية.
وتشير بعض الدراسات إلى أن التعرض المستمر لهذه الروايات الدينية قد يؤدي إلى تطرف الجنود وتبريرهم لأفعال عنيفة ضد المدنيين الفلسطينيين. هذا الأمر يثير مخاوف بشأن المساءلة القانونية والأخلاقية للجيش الإسرائيلي.
في المقابل، يرى بعض المؤيدين لهذه الحملات أنها وسيلة لتعزيز الهوية الوطنية للجنود وتقوية ارتباطهم بالأرض والتاريخ. ويؤكدون أن هذه الجولات لا تهدف إلى التحريض على العنف، بل إلى فهم أعمق للجذور الدينية والتاريخية للصراع.
الجيش الإسرائيلي، الذي كان يُنظر إليه تقليدياً على أنه جيش الشعب، يواجه انتقادات متزايدة بسبب تحوله نحو تبني روايات دينية متطرفة. هذا التحول يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين الجيش والمجتمع الإسرائيلي، وتأثيره على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية يظل قضية خلافية، وتأثير الروايات الدينية على سلوك الجنود يثير قلقاً بالغاً. الروايات التاريخية المتناقضة حول المنطقة تلعب دوراً هاماً في تشكيل تصورات الجنود والمدنيين على حد سواء. السياسات العسكرية الإسرائيلية تخضع لتدقيق متزايد من قبل المنظمات الحقوقية الدولية.
من المتوقع أن يستمر الجدل حول هذه الحملة في الأوساط الإسرائيلية والفلسطينية، وأن تزداد الضغوط على الجيش الإسرائيلي لمراجعة سياساته وتجنب تبني روايات دينية قد تؤدي إلى تفاقم العنف والتوتر في المنطقة. من المرجح أن تصدر تقارير إضافية حول تأثير هذه الحملات على سلوك الجنود في الأشهر القادمة، مما قد يدفع إلى إجراء تغييرات في التدريب العسكري والبرامج التوعوية.





