اللجنة الفنية والقانونية الكويتية ـ العراقية: استمرار عقد الاجتماعات بصفة دورية وصولاً إلى ترسيم الحدود لما بعد العلامة رقم 162

عقدت الكويت والعراق الاجتماع الثاني عشر للجنة الفنية والقانونية المشتركة لمناقشة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وتحديداً المنطقة الواقعة بعد العلامة 162 الكويتية. جرى الاجتماع يوم أمس، برئاسة السفير الشيخ جراح جابر الأحمد من الجانب الكويتي والسفير محمد حسين بحر العلوم من الجانب العراقي. يمثل هذا الاجتماع استمراراً للجهود الدبلوماسية والقانونية الرامية إلى حل هذه القضية الحدودية الهامة.
يهدف هذا اللقاء الدوري إلى تحقيق تقدم ملموس في عملية تحديد الحدود البحرية المتنازع عليها، وذلك وفقاً للقانون الدولي وأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982. وتأتي هذه الجهود في سياق تعزيز العلاقات الثنائية بين الكويت والعراق، والسعي إلى الاستقرار الإقليمي.
أهمية ترسيم الحدود البحرية بين الكويت والعراق
تعتبر قضية ترسيم الحدود البحرية بين الكويت والعراق من القضايا المعلقة منذ فترة طويلة، وتتطلب حلاً نهابياً يرضي الطرفين ويضمن حقوقهما المشروعة. هذا الحل ضروري لتنظيم الملاحة البحرية، واستغلال الموارد الطبيعية في المنطقة، وتجنب أي نزاعات مستقبلية.
خلفية تاريخية للنزاع
تعود جذور النزاع إلى اتفاقية الحدود البرية والبحرية الموقعة عام 1992، والتي لم تحسم بشكل كامل مسألة الحدود البحرية بعد العلامة 162. وقد شهدت القضية تطورات متعددة على مر السنين، بما في ذلك مفاوضات سابقة وجهود وساطة من قبل أطراف دولية.
وفقًا لمصادر دبلوماسية، فإن الخلاف الرئيسي يتركز حول تفسير بعض بنود الاتفاقية السابقة، وتحديد نقطة الانطلاق لترسيم الحدود البحرية بعد العلامة 162. كما أن هناك اختلافًا في وجهات النظر حول كيفية تطبيق مبادئ القانون الدولي في هذه الحالة الخاصة.
مبادئ القانون الدولي كأساس للمفاوضات
أكد الجانبان الكويتي والعراقي على التزامهما بمبادئ وقواعد القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، كأساس لعملية ترسيم الحدود البحرية. وتشمل هذه المبادئ احترام سيادة الدول، وحسن الجوار، وتسوية المنازعات بالطرق السلمية.
وتعتبر اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار مرجعًا أساسيًا في تحديد الحقوق والالتزامات للدول فيما يتعلق بالبحار والمحيطات. وتحدد الاتفاقية مناطق بحرية مختلفة، مثل المياه الإقليمية والمنطقة المتاخمة والمنطقة الاقتصادية الخالصة، وتحدد قواعد استغلال الموارد الطبيعية في هذه المناطق.
التقدم المحرز في الاجتماعات السابقة
على الرغم من عدم التوصل إلى اتفاق نهائي حتى الآن، إلا أن الاجتماعات السابقة للجنة الفنية والقانونية المشتركة حققت بعض التقدم في تحديد النقاط الخلافية، وتبادل وجهات النظر حول الحلول الممكنة. وقد تمكن الجانبان من الاتفاق على بعض المبادئ العامة التي ستوجه عملية ترسيم الحدود البحرية.
وتشير التقارير إلى أن الجانبين قد تبادلا الخرائط والوثائق المتعلقة بالحدود البحرية، وقاما بتحليل البيانات الجيولوجية والجغرافية لتحديد أفضل مسار للحدود. كما أن هناك تعاونًا فنيًا بين الخبراء من كلا البلدين لتقييم الآثار البيئية والاقتصادية لأي اتفاق محتمل.
العلاقات الثنائية والتعاون الإقليمي
تأتي هذه المفاوضات في إطار سعي الكويت والعراق إلى تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسية والاقتصادية والأمنية. وقد شهدت العلاقات بين البلدين تحسناً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، بعد فترة من التوتر وعدم الاستقرار.
بالإضافة إلى ذلك، فإن ترسيم الحدود البحرية يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار الإقليمي، وتعزيز التعاون بين دول الخليج العربي. وتحرص الكويت والعراق على التنسيق مع دول المنطقة لحل أي قضايا حدودية أو بحرية معلقة، وضمان الأمن البحري في المنطقة.
وتشمل مجالات التعاون الأخرى بين الكويت والعراق تطوير البنية التحتية، وزيادة التبادل التجاري، وتسهيل حركة الأفراد والبضائع عبر الحدود. كما أن هناك تعاونًا في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
الخطوات المستقبلية والتحديات المحتملة
من المتوقع أن تستمر اللجنة الفنية والقانونية المشتركة في عقد اجتماعاتها الدورية، بهدف استكمال عملية ترسيم الحدود البحرية في أقرب وقت ممكن. ولم يتم تحديد موعد محدد للاجتماع القادم، ولكن من المرجح أن يعقد في الكويت أو بغداد خلال الأشهر القليلة المقبلة.
ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات التي قد تعيق التوصل إلى اتفاق نهائي. وتشمل هذه التحديات الاختلافات في وجهات النظر حول بعض المسائل القانونية والفنية، والضغوط السياسية الداخلية والخارجية على كلا البلدين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن أي اتفاق بشأن ترسيم الحدود البحرية قد يتطلب موافقة البرلمانات في كلا البلدين، وهو ما قد يستغرق بعض الوقت. ومن المهم أيضًا مراعاة مصالح جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الشركات النفطية التي تعمل في المنطقة.
في الختام، يظل ملف ترسيم الحدود البحرية بين الكويت والعراق مفتوحًا، ويتطلب جهودًا متواصلة وحوارًا بناءً من قبل الطرفين. وستستمر المفاوضات على الأرجح في الأشهر المقبلة، مع التركيز على إيجاد حلول عملية وقانونية ترضي جميع الأطراف، وتعزز الاستقرار الإقليمي.





