المجاعة في قطاع غزة أصبحت شبه حتمية

حذرت الأمم المتحدة مجدداً أمس الجمعة من أن مجاعة في قطاع غزة «أصبحت شبه حتمية، ما لم يتغير شيء» مع إظهار الإحصاءات الرسمية أن عشرات الأطفال ماتوا جوعاً، فيما أعلنت «صحة» غزة عن سقوط 193 ضحية جديدة من المدنيين في قصف استهدف مناطق مختلفة في القطاع، وعن وفاة عدد من الأطفال في مستشفيات شمال القطاع بسبب سوء التغذية والجفاف وتفشي المجاعة.
ولدى الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية معايير معينة لتحديد حالة المجاعة ولم تعلن بعد في قطاع غزة رغم الوضع الكارثي فيه. لكن «حتى إعلان حالة مجاعة، يكون الأوان قد فات بالنسبة إلى كثر»، وفق ما أكّد الناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» ينس لايركه.
وقال لايركه في المؤتمر الصحافي الدوري للأمم المتحدة أمس الجمعة في جنيف «لا نريد أن نصل إلى هذا الوضع ويجب أن تتغير الأمور».
وأشار لايركه إلى أن الوفيات تشكل علامات تحذيرية «مقلقة جداً لأن الأمن الغذائي قبل هذا الصراع في غزة لم يكن سيئاً إلى هذا الحد». وأضاف «كان الناس يملكون الطعام، كانوا قادرين على إنتاج طعامهم» والآن حتى «إنتاج المواد الغذائية في غزة أصبح شبه مستحيل».
شرايين الحياة
وقالت منظمة الصحة العالمية أمس الجمعة إن السكان في قطاع غزة يخاطرون بحياتهم من أجل الحصول على الغذاء والماء وغيرهما من الضروريات، في ظل ما وصلت إليه الأوضاع من جوع ويأس وسط استمرار الهجوم الإسرائيلي. وقال كريستيان ليندماير المتحدث باسم المنظمة للصحفيين في جنيف «النظام في غزة على شفير الانهيار، بل أكثر من ذلك… جميع شرايين الحياة في غزة انقطعت بشكل أو بآخر». وأضاف: «الناس في حاجة ماسة للغذاء والمياه النظيفة، لأي إمدادات، لدرجة أنهم يخاطرون بحياتهم للحصول على أي طعام أو أي إمدادات لدعم أطفالهم وإعالة أنفسهم». وقال: «إمدادات الغذاء متوقفة عمداً. دعونا لا ننسى ذلك».
كما قال الناطق إنه وفقاً للإحصاءات الرسمية التي جمعتها سلطات «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة، سجلت وفاة عشرات الأطفال رسمياً بسبب سوء التغذية. وأضاف أن هذا العدد بالتأكيد أقل من الأرقام الفعلية.
وكشف أحدث تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) يوم الخميس، أنه اعتباراً من 7 فبراير، فإن جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة يواجهون مستويات عالية من انعدام حاد للأمن الغذائي، وأن أكثر من 50 % منهم وصل إلى مستوى الطوارئ، ويواجه واحد على الأقل من كل أربعة ظروفاً كارثية.
وقالت «الفاو» إن سلسلة الإمدادات الغذائية في غزة تعطلت بشدة، حيث أفادت التقارير أن 97 % من المياه الجوفية غير صالحة للاستهلاك البشري.
16 مجزرة
في الأثناء قالت وزارة الصحة في قطاع غزة أمس الجمعة، إن الجيش الإسرائيلي ارتكب 16 مجزرة قتل خلالها حوالي 193 فلسطينياً خلال الـ24 ساعة الماضية من خلال شن هجمات جوية وبرية على مناطق مختلفة من القطاع، غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن، إلى المستشفيات، جراء الغارات الإسرائيلية وعمليات الاستهداف، طوال ليل الخميس وحتى صباح الجمعة.
وأوضحت الوزارة أنها عثرت على جثامين 30 شخصاً في حي الزيتون، بعد تراجع الدبابات، مرجحة قتلهم بمجرد خروجهم من منازلهم، إذ عُثر على جثامينهم أمام المنازل. وأكدت، وفاة عدد من الأطفال في مستشفى كمال عدوان بمدينة جباليا، وفي مستشفى الشفاء بمدينة غزة بسبب سوء التغذية والجفاف وتفشي المجاعة، وهي الأنباء التي أكدها مدير مستشفى كمال عدوان في جباليا، لافتاً إلى أن مستشفيات غزة تعمل بإمكانيات ضعيفة للغاية ما تسبب في زيادة عدد الضحايا، محذراً من تحول مستشفيات غزة إلى مقابر جماعية بسبب التكدس ونقص الإمكانيات.
وقال مكتب الإعلام الحكومي في غزة، إن قوات الاحتلال ارتكبت عدداً من الجرائم بحق المدنيين العزل، وشنت عشرات الغارات الجوية في مناطق النصيرات، والبريج، والزيتون، والشيخ رضوان، وجباليا، وخان يونس، ورفح، أودت بحياة العشرات.
وأعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة «حماس»، الجمعة، سقوط 7 من المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، ورجحت ارتفاع عدد المحتجزين الذين فقدوا حياتهم نتيجة القصف الإسرائيلي إلى 70 شخصاً. وقالت كتائب القسام، في بيان صحافي: «نؤكد أن عدد أسرى العدو الذين تم قتلهم نتيجة العمليات العسكرية لجيش العدو في قطاع غزة قد يتجاوز 70 أسيراً».
وأوضحت الوزارة أن الضحايا الجدد رفعوا عدد حصيلة القتلى إلى 30 ألفاً و228، فيما تجاوز عدد الإصابات حاجز الـ71 ألفاً و350 منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع في السابع من أكتوبر الماضي.