«المحاسبة» يوافق على طلب «الكهرباء» استيراد الطاقة من شبكة الربط بين يناير ومارس بـ 43.5 مليون دينار

وافق ديوان المحاسبة الكويتي على طلب وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة لاستيراد الطاقة الكهربائية من خلال هيئة الربط الخليجي، وذلك لتغطية احتياجات البلاد خلال فترة حرجة. ويهدف هذا الإجراء، الذي تتراوح قيمته الإجمالية 43.5 مليون دينار كويتي، إلى ضمان استقرار إمدادات الكهرباء مع استعداد البلاد لمواجهة ذروة الطلب في فصل الصيف. يأتي هذا القرار في ظل تحديات مستمرة تواجهها الكويت في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة.
استيراد الكهرباء: خطة طوارئ لمواجهة نقص الطاقة
أعلنت مصادر رسمية عن موافقة ديوان المحاسبة على استيراد الطاقة الكهربائية من هيئة الربط الخليجي خلال الفترة من بداية يناير وحتى نهاية مارس. يبلغ إجمالي قيمة هذه الصفقة 43.5 مليون دينار كويتي، مما يعكس حجم العجز الكهربائي الذي تسعى الكويت لتعويضه خلال هذه الأشهر. تستهدف هذه الخطوة توفير احتياطيات إضافية من الطاقة الكهربائية، خاصةً مع قرب موسم الصيف الذي يشهد عادةً ارتفاعًا حادًا في الطلب.
تهدف وزارة الكهرباء والماء إلى استغلال فترة الاستيراد لإجراء صيانة دورية لوحدات إنتاج الكهرباء ومحطات تحلية المياه. هذه الصيانة ضرورية لضمان جاهزية هذه المنشآت لاستقبال فصل الصيف وتلبية الاحتياجات المتزايدة من المياه والطاقة. ومن المتوقع أن يتم توقيع عقد إضافي بعد انتهاء هذا الاتفاق المبدئي، لتأمين إمدادات مستمرة خلال أشهر الصيف.
تأثير الاستيراد على الشبكة الوطنية
بدأت الكويت في استيراد الكهرباء من خلال الشبكة الخليجية منذ منتصف مارس الماضي، حيث تراوحت الكميات المستوردة بين 600 ميغاواط وأكثر من 900 ميغاواط. يشير هذا إلى الاعتماد المتزايد على مصادر الطاقة الخارجية لتلبية احتياجات البلاد. وتعتبر هذه الزيادة في الاستيراد استجابة مباشرة لارتفاع الطلب على الكهرباء، والذي تجاوز القدرة الإنتاجية المحلية في بعض الأحيان.
وفقًا لإحصائيات وزارة الكهرباء لشهر نوفمبر الماضي، بلغ إجمالي الكهرباء المستوردة من الشبكة الخليجية 648 ميغاواط. في الوقت نفسه، تراوح مخزون المياه العذبة بين 61.7% في بداية الشهر و47.9% في نهايته. هذا التباين يسلط الضوء على أهمية ترشيد استهلاك المياه إلى جانب الجهود المبذولة لتأمين إمدادات الكهرباء.
مشروع محطة الصبية والرؤية المستقبلية
بالتزامن مع جهود استيراد الكهرباء، ترتكز الوزارة على مشاريع تطويرية طويلة الأجل لزيادة القدرة الإنتاجية المحلية. تنتظر الوزارة حاليًا موافقة وزارة المالية على تعزيز الميزانية المخصصة لمناقصة مشروع محطة الصبية المرحلة الرابعة، والتي من المتوقع أن تنتج 900 ميغاواط. يعتبر هذا المشروع بالغ الأهمية في معالجة النقص المزمن في الكهرباء الذي تعاني منه البلاد.
تعتمد خطط الوزارة بشكل كبير على إنجاز مشروع محطة الزور الشمالية، والتي تتضمن المرحلتين الثانية والثالثة. من المتوقع أن يساهم هذا المشروع بشكل كبير في زيادة القدرة الإنتاجية للكهرباء وتخفيف الضغط على الشبكة الوطنية. بمجرد دخول محطة الزور الشمالية حيز التشغيل، ستتمكن الكويت من تقليل اعتمادها على استيراد الطاقة الكهربائية.
تحديات الطاقة في الكويت ليست جديدة. فقد واجهت البلاد صعوبات في تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء خلال السنوات الأخيرة، خاصةً في أشهر الصيف. يعزى هذا النقص إلى عدة عوامل، منها النمو السكاني السريع والتوسع الحضري وارتفاع درجات الحرارة. بالإضافة إلى ذلك، تواجه البلاد تحديات في تحديث البنية التحتية للطاقة وتنويع مصادرها.
وتهدف الحكومة الكويتية إلى تحقيق رؤية مستقبلية أكثر استدامة في قطاع الطاقة، من خلال زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية. هناك خطط طموحة لإنشاء مشاريع كبيرة للطاقة الشمسية في البلاد، بهدف تقليل الانبعاثات الكربونية وتنويع مصادر الطاقة. ومع ذلك، لا تزال هذه المشاريع في مراحلها الأولية وتتطلب استثمارات كبيرة.
في الوقت الحالي، يمثل استيراد الكهرباء من الخليج حلاً مؤقتًا لتلبية الاحتياجات العاجلة للبلاد. بينما تنتظر الوزارة اعتماد ميزانية محطة الصبية، من المتوقع أن يستمر استيراد الطاقة الكهربائية خلال الأشهر القادمة. من الضروري مراقبة تطورات هذه المشاريع، خاصة فيما يتعلق بالموافقات المالية والجداول الزمنية للتنفيذ، لتقييم مدى فعاليتها في معالجة أزمة نقص الكهرباء في الكويت.
المرحلة القادمة ستشهد متابعة وإشراف من ديوان المحاسبة على تنفيذ عملية الاستيراد بشكل كامل. كما ستشهد أيضًا جهودًا حثيثة من وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة لتسريع وتيرة العمل في المشاريع المستقبلية، بما في ذلك محطة الزور الشمالية. تبقى قدرة الكويت على تلبية احتياجاتها من الطاقة بشكل مستقل هي التحدي الأكبر الذي تواجهه.





