المغربية ليلى العلمي.. “أميركية أخرى” تمزج الإنجليزية بالعربية

واشنطن – تواصل الكاتبة المغربية الأمريكية ليلي العلمي مسيرتها الأدبية المتميزة، محققةً شهرة واسعة بأعمالها التي تتناول قضايا الهجرة والهوية والانتماء، وتُكتب باللغة الإنجليزية. وقد برزت العلمي كصوت فريد في الأدب المعاصر، مستلهمةً من تجربتها الشخصية كهاجرة ومواطنة مشروطة في الولايات المتحدة، ومقدمةً رؤى عميقة حول التحديات التي تواجه المهاجرين والمنفيين.
عُرفت العلمي بأسلوبها السردي القوي وقدرتها على استكشاف التعقيدات الإنسانية، حيث تتناول في رواياتها وقصصها القصيرة مواضيع حساسة مثل العنصرية والتمييز والبحث عن الذات في عالم متغير. وقد حازت أعمالها على العديد من الجوائز والتقديرات النقدية، مما يؤكد مكانتها كأديبة مؤثرة في المشهد الأدبي العالمي.
رحلة ليلى العلمي: من المغرب إلى الأدب الإنجليزي
لم يكن طريق العلمي نحو الأدب سهلاً أو متوقعاً. ففي بيئة عائلية ومدرسية تتداخل فيها اللغتان العربية والفرنسية في المغرب، نشأت العلمي وهي تقرأ وتستكشف الأدب الفرنسي أولاً، قبل أن تكتشف أعمال كتاب مغاربة مثل إدريس الشرايبي وعبد الكبير الخطيبي. لكنها لم تتبنَّ الكتابة بالفرنسية، ولم تقتصر على اللغة العربية، بل اتجهت نحو اللغة الإنجليزية.
بدأت العلمي دراستها الأكاديمية في مجال اللغة الإنجليزية، مما فتح لها آفاقاً جديدة في التعبير عن أفكارها وتجاربها. وقد أدى هذا المسار التعليمي إلى هجرتها إلى الولايات المتحدة في مطلع التسعينيات لمتابعة دراسات الدكتوراه في اللسانيات بجامعة جنوب كاليفورنيا.
على الرغم من طموحها في العودة إلى المغرب للعمل كأستاذة جامعية، إلا أن الظروف قادتها إلى الاستقرار في الولايات المتحدة، وتحولت إلى مهاجرة غير راغبة. هذه التجربة شكلت نقطة تحول في حياتها، وأثرت بشكل كبير على كتاباتها اللاحقة.
تأثير الهجرة على أعمالها
تعتبر الهجرة موضوعاً مركزياً في أعمال العلمي، حيث تستكشف التحديات النفسية والاجتماعية التي يواجهها المهاجرون في بلاد الغربة. في مجموعتها القصصية الأولى “الأمل ومساعٍ خطيرة أخرى” (2005)، تناولت قصة مأساوية لمهاجرين مغاربة لقوا حتفهم أثناء محاولتهم العبور إلى إسبانيا.
كما تناولت في روايتها “الابن السري” (2009) قضايا الهوية والانتماء من خلال قصة شاب نشأ في حي فقير بالدار البيضاء ويكتشف حقيقة والده. وفي رواية “ما رواه المغربي” (2014)، استلهمت العلمي قصة حقيقية لأول مستكشف أسود لأمريكا، وهو مغربي مُستعبد، لتقدم سردًا تاريخيًا مؤثرًا حول قضايا العرق والعبودية.
“مواطنون مشروطون” وقضايا الهوية الأمريكية
تُعد رواية “مواطنون مشروطون” (2020) من أبرز أعمال العلمي، حيث تتناول بشكل نقدي مفهوم المواطنة في الولايات المتحدة، وكيف يمكن أن يكون مشروطًا بالعرق والأصل القومي والجنس. تستند العلمي في هذه الرواية إلى تجربتها الشخصية كمهاجرة، وتسلط الضوء على التحديات التي يواجهها المجنسون في الحصول على حقوق كاملة كمواطنين.
تستمر العلمي في استكشاف هذه القضايا المعقدة في أعمالها الأدبية، وتقديم رؤى جديدة حول الهوية والانتماء في عالم يتسم بالتنوع والتغير. كما أنها تستخدم اللغة الإنجليزية كأداة للتعبير عن هذه الرؤى، مع الحفاظ على ارتباطها الوثيق بثقافتها المغربية.
أحدث أعمالها، رواية “فندق الأحلام” (2025)، تواصل استكشاف هذه الثيمات، حيث تتناول قصة عائلة مهاجرة تحاول بناء حياة جديدة في أمريكا، وتواجه في الوقت نفسه صراعات داخلية وخارجية. الرواية تلقى اهتمامًا كبيرًا من النقاد والجمهور على حد سواء، وتُعتبر إضافة قيمة إلى الأدب الأمريكي المعاصر.
من المتوقع أن تستمر ليلي العلمي في تقديم أعمال أدبية متميزة تساهم في إثراء الحوار حول قضايا الهجرة والهوية والانتماء. وستظل أعمالها مصدر إلهام للعديد من الكتاب والمفكرين الذين يسعون إلى فهم التعقيدات الإنسانية في عالمنا المعاصر. وما زال النقاد يترقبون أعمالها القادمة لمعرفة كيف ستتطور رؤيتها الأدبية في المستقبل.





