بالفيديو.. السفيرة البريطانية لـ «الأنباء»: عائلتي جزء من مهمتي الديبلوماسية..ولم أجد التأقلم مع الحياة في الكويت صعباً

- وسائل التواصل الاجتماعي أداة مفيدة ولديها إمكانات هائلة ولو فقدناها فسنخسر أكثر مما سنكسب
- تعليم الأطفال والبحث عن مدارس جيدة وتكوين صداقات باستمرار عبء على العائلة الديبلوماسية
- أحب الطهي وأعد لأسرتي أطباقاً مميزة تنال استحسانهم وابنتي الكبرى تشاركني نفس الشغف
- أؤمن بأن للأزواج دوراً مهماً فهم يسهمون في دعم شركائهم كونهم جزءاً من المجتمع الديبلوماسي
- أحرص على قراءة التعليقات وأتفهم أن هناك من لا يوافق على جميع سياسات بريطانيا داخلياً أو خارجياً
- ابنتي الكبرى تدرس اللغة العربية يومياً ولا تتحدث بها في المنزل ومع ذلك تفهم قدراً جيداً منها
- قمنا بتدريب عدد من الأطباء الكويتيين الذين تم إرسالهم لاحقاً إلى غزة في مؤسسة David Nott Foundation
- الإعلام الرقمي مهم تماماً كما الإعلام التقليدي والأهم بالنسبة لي هو القدرة على الوصول إلى جمهور أوسع
- هناك الكثير من الأنشطة والمطاعم الرائعة في الكويت والناس ودودون وكرماء ويرحبون بالزائرين بشكل جميل
أجرى اللقاء: أسامة دياب
بعيدا عن السياسة وزخم المواقف الرسمية التي تتوافق تارة وتختلف تارة أخرى، تفتح صفحة «ما وراء الديبلوماسية.. الوجه الآخر للسفراء وعائلاتهم» نافذتها على الجانب الإنساني في حياة الدبلوماسيين المعتمدين لدى الكويت، ليرووا حكاياتهم خارج إطار البروتوكول الرسمي.
وفي لقاء خاص لا يخلو من الصراحة والإنسانية، تشاركنا السفيرة البريطانية لدى البلاد بليندا لويس تجربتها الشخصية في تحقيق التوازن بين الدور الرسمي كسفيرة تمثل المملكة المتحدة، وبين حياتها كأم وزوجة تعيش مع أسرتها بين ثقافتين في بلد مضياف كالكويت، كيف تقضي وقتها خارج أسوار العمل الديبلوماسي؟ كيف تتأقلم عائلتها مع النمط المعيشي الجديد؟ وما الذي يجعل هذه المحطة من مسيرتها مختلفة عن سابقاتها؟
بليندا لويس تكشف لنا عن الجانب الآخر من الحياة الديبلوماسية، حيث تختلط الواجبات الرسمية بالحياة العائلية اليومية، وحيث تبنى الجسور الإنسانية والثقافية جنبا إلى جنب مع العلاقات السياسية. سفيرة تحمل على عاتقها تمثيل وطن، لكنها في الوقت ذاته لا تغفل عن تفاصيل الحياة التي تمنح تجربتها مذاقا خاصا، في هذا الحوار، نقترب أكثر من بليندا الإنسانة، الأم، والزوجة… فإلى التفاصيل:
بناء على تجربتك، ما أبرز المزايا والعيوب التي تواجهها أسرة الديبلوماسي عندما يطلب منها الانتقال من بلد إلى أخرى كل 3-4 سنوات؟
٭ أعتقد أن هناك العديد من الإيجابيات للتنقل من بلد لآخر كل 3-4 سنوات، ولكن بالطبع هناك بعض السلبيات أيضا، فهو بالطبع فرصة استثنائية للعائلة الديبلوماسية لاكتساب خبرات ثقافية متنوعة، وبناء صداقات حول العالم، واستكشاف أطعمة وعادات لم تكن لتعرفها العائلة لولا هذه الحياة، ولكن، لا شك أن ذلك قد يكون إلى حد ما مربكا للأطفال، خاصة فيما يتعلق بتعليمهم، والبحث عن مدارس جيدة، ومساعدتهم على التأقلم، فهم يكونون صداقات جديدة باستمرار، ولكن هذا يعني أيضا أنهم يفقدون أصدقاءهم القدامى، وهذا أمر صعب عليهم، وهو بالفعل عبء كبير على العائلة بأكملها، أما بالنسبة للأزواج فقد يكون من الصعب عليهم الاستمرار في مسيرتهم المهنية، فغالبا ما يبدأ أحدهم وظيفة جديدة، ثم يطلب منهم الانتقال إلى مكان آخر. لذلك أرى أن التحدي يكمن في الطبيعة المؤقتة لإقامة الزوج والأطفال، ومع ذلك، أعتقد أن الإيجابيات تفوق السلبيات، ولكن لابد لي دائما من تذكير نفسي بأن القرارات التي اتخذها بشأن عملي لا تخصني وحدي، بل تؤثر على عائلتي بأكملها.
ما الدور الذي يلعبه أزواج أو زوجات السفراء في العمل الديبلوماسي؟ وما أهم التحديات التي يواجهونها؟
٭ لحسن الحظ، أتمتع بدعم شريك حياة ملتزم ومساند، وهو ما أعتبره عنصرا أساسيا في العمل الديبلوماسي، لاسيما في الجوانب المرتبطة بالحياة الاجتماعية والتمثيل الخارجي، بالفعل للأزواج دور محوري في تعزيز العلاقات الثنائية والمجتمعية، سواء من خلال المشاركة في استضافة الفعاليات أو في بناء الجسور مع مختلف الجهات، فعند تنظيم فعاليات في مقر الإقامة أو في الحديقة، يكون زوجي حاضرا دوما كجزء من فريق الاستقبال، وهو حريص على أن يشعر ضيوفنا بالترحاب والتقدير، وفي أوقات أكون فيها منشغلة بمقابلة إعلامية أو حديث مطول مع أحد الحضور، يتولى هو التواصل مع الضيوف ومرافقتهم، فنحن نعمل كشراكة متكاملة، وعندما يتحدث الآخرون معه أو يصافحونه، فهم يتواصلون مع جزء مني أيضا، ويمتلك زوجي شبكة علاقات خاصة به، تضم عددا من أعضاء السلك الديبلوماسي، إلى جانب شخصيات بارزة من المشهد الثقافي في الكويت، فضلا عن أفراد يعملون بجد لتعزيز العلاقات بين المملكة المتحدة ودولة الكويت، لذا، أؤمن بأن للأزواج دورا بالغ الأهمية، فهم لا يساهمون فقط في دعم شركائهم، بل يشكلون مجتمعهم الخاص بالإضافة إلى كونهم جزء من المجتمع الديبلوماسية.
دعينا ننتقل إلى دور الديبلوماسية الرقمية في العصر الحديث، من وجهة نظرك كيف يستخدم السفراء التكنولوجيا للتواصل مع الناس؟
٭ أعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي أداة رائعة وفعالة تتيح لي الاستماع إلى آراء أشخاص قد لا تتاح لي فرصة لقائهم شخصيا في الظروف العادية، نعلم أن عددا كبيرا من الأشخاص يتابعون حساب السفارة البريطانية في الكويت على إنستغرام، وليسوا جميعا مقيمين في الكويت، بعضهم في المملكة المتحدة أو يسافرون حول العالم، ومن الرائع أن نسمع منهم ونتعرف على اهتماماتهم، كما أن الرسائل المباشرة التي تصلنا تعزز هذا التواصل، فبفضل وسائل التواصل الاجتماعي ومنصاتها المختلفة، أصبح بإمكاننا الحصول على تعليقات وآراء من آلاف الأشخاص، وهو أمر لم يكن ممكنا لو اقتصر التواصل فقط على اللقاءات المباشرة أو الفعاليات المحدودة، ولهذا أرى أن مدى الوصول والتأثير عبر هذه المنصات أمر بالغ الأهمية، لكن في الوقت نفسه، ما زالت وسائل الإعلام التقليدية تحتفظ بقيمتها الكبيرة، وكثير من الناس ما زالوا يستمتعون بقراءة الصحف على مائدة الإفطار، أو أثناء جلوسهم على الأريكة في المساء، صحيح أن بإمكاننا تصفح الأخبار على هواتفنا ومشاركتها، لكن هناك شيئا خاصا في الجلوس بهدوء مع كوب من الشاي وقراءة صحيفة حقيقية، أو مشاهدة مقابلة تلفزيونية على شاشة كبيرة ومناقشتها مع من حولك وهذا شعور لا تمنحه لك شاشة الهاتف الصغيرة، لذا، أرى أن الإعلام الرقمي مهم، تماما كما هو حال الإعلام التقليدي، والأهم بالنسبة لي هو القدرة على الوصول إلى جمهور أوسع بكثير مما يمكن تحقيقه عبر اللقاءات الفردية فقط.
هل لديك الوقت الكافي لقراءة الرسائل المباشرة أو التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي؟ أم أن هناك من يتولى هذه المهمة ويوافيك بما يستحق الاهتمام؟
٭ أحرص من وقت لآخر على قراءة التعليقات، وإن كانت في بعض الأحيان غير جادة، أو تتسم بعدم اللباقة، وأتفهم تماما أن هناك من لا يوافق على كل السياسات التي تنتهجها الحكومة البريطانية، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، ومع ذلك، أرى أنه من المهم أن أطلع على هذه الرسائل، حتى إن لم تكن كلها إيجابية، فبعضها يعكس آراء صريحة يجب أخذها بعين الاعتبار، ما لا أفضله هو الأسلوب الجارح أو الشخصي في التعبير، فأميل إلى تجاوز هذا النوع من التعليقات، ومع ذلك، فإنني أحرص على الاطلاع على التعليقات لأن ذلك يتيح لي فهم توجهات الناس وآرائهم، أما الرسائل المباشرة، فعادة ما يطلع عليها بعض الزملاء، وإذا وردت فيها أفكار مميزة أو لافتة للانتباه، يقومون بإبلاغي بها على الفور، وفيما يخص التعليقات على منصة إنستغرام، فإنني أحاول قراءتها بنفسي، وأستمتع بذلك في كثير من الأحيان، نعم، أفعل ذلك أحيانا، ولكن، من الصعب الرد على الجميع نظرا لضيق الوقت وكثرة الالتزامات، ومع ذلك، إن صادفت تعليقا يلامس شيئا لدي أو يثير اهتمامي بشكل خاص، فإنني أعود إليه وأتفاعل معه شخصيا.
حدثينا عن الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في العمل الديبلوماسي، وفي التواصل المباشر مع أفراد مجتمعكم هنا في الكويت.
٭ هي وسيلة إضافية فعالة جدا للتواصل معنا، ولدينا صندوق مخصص للاستفسارات، وأرقام الهاتف منشورة على الموقع الإلكتروني للسفارة، بحيث يمكن للناس الوصول إلينا بطرق مختلفة، سواء عبر الكتابة أو الهاتف، ولكن في كثير من الأحيان، يكون من الأسهل على البعض إرسال رسالة عبر إحدى منصات التواصل الاجتماعي، وهذه الرسائل تتم متابعتها من قبل فريق مختص يراقب هذه القنوات بشكل مستمر.
إلى أي مدى ترين أن وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة للديبلوماسيين؟
٭ نعم، أعتقد أنها بالفعل أداة مفيدة وقيمة للغاية، ورغم أنها لا تستخدم دائما بالشكل الأمثل، إلا أن لديها إمكانات هائلة، ولو فقدنا وسائل التواصل الاجتماعي، فأظن أننا سنخسر أكثر مما سنكسب، لكنني أرى أيضا أنه من المهم، خاصة بالنسبة للشباب، أن يتعودوا على النقاش والحوار والتفاعل دون الاعتماد المفرط على الهواتف، من الضروري أن يحافظوا على مهارات التواصل الإنساني المباشر، وجها لوجه، كما كانت عليه الأمور قديما، ففي بعض الأحيان، ألاحظ أن هناك نوعا من الانسحاب أو الانعزال في أسلوب التواصل، وقد لاحظت ذلك مؤخرا عندما حضرت حفلا موسيقيا رائعا لعازف بيانو بلجيكي، وكان من اللافت للنظر كم كبير من الحضور يشاهدون العرض من خلال هواتفهم، يصورون ويحملون الفيديوهات، بينما فكرت في نفسي «أنا أمتلك مقعدا ممتازا، والعازف أمامي مباشرة، على بعد أمتار قليلة، لماذا لا أستمتع بالمشهد، لا أعرف لماذا يشعر الناس دوما بالحاجة لتوثيق كل شيء ومشاركته عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟ بالنسبة لي، أفضل أن أعود إلى المنزل وأصف التجربة بكلماتي».
دعيني أعود إلى منصات التواصل الاجتماعي، ما هو أطرف تعليق قرأتيه على الإطلاق؟
٭ أنا أحب متابعة موقع Very British Problems، والذي يضم العديد من التعليقات التي تتناول جوانب بسيطة من الحياة البريطانية، أجد العديد من تلك المنشورات مضحكة للغاية، وإذا رغبت في تحسين مزاجي، غالبا ما أزور هذا الموقع لأنني أعلم أنني سأجد شيئا يدخل البهجة على نفسي.
كيف يوازن السفراء بين التواصل مع الجمهور المحلي من المتابعين والجمهور في بلدانهم؟
٭ في الواقع، تركيزي الأكبر ينصب على الجمهور هنا في الكويت، أكثر من حضوري في المملكة المتحدة، فلدينا وزارة التجارة، ووزارة الخارجية والكومنولث والتنمية، ومؤسسات الحكومة البريطانية المختلفة التي تتولى مهام التواصل مع المصالح البريطانية في الداخل، كأن تكون شركة بريطانية ترغب في التصدير إلى السوق الكويتي، عندها يتم توجيههم للتواصل مع فريق التجارة لدينا هنا في السفارة، أما التبادلات الثقافية التي تحدث، فقد تتم متابعتها من قبل سفارة الكويت في لندن، أو إحدى الجهات الحكومية البريطانية داخل المملكة المتحدة – وليس بالضرورة أن تكون في لندن تحديدا – وهؤلاء بدورهم ينقلون الاهتمامات والاستفسارات إلى فريقنا في السفارة بالكويت، أما فيما يخص الجمهور من المغتربين البريطانيين في الكويت، أو المواطنين الكويتيين، أو أي جنسية أخرى تهتم بالمملكة المتحدة، أعتقد أن الأنشطة والفعاليات التي ننظمها تجذب الناس بسبب مضمونها، بغض النظر عن جنسية أو نوع جواز السفر الذي يحمله الحضور وهذا لا يعني أن لكل فئة اهتماماتها وأسئلتها.
كيف تصفين الدور الذي يلعبه السفير في تمثيل صورة بلاده، وخصوصا في المواقف التي تبرز الهوية الوطنية، وتجربة التعايش مع ثقافات مختلفة؟
٭ مهمتي، ببساطة، هي تمثيل المملكة المتحدة وكل ما هو جميل فيها كل ما يمكن أن يكون جاذبا ومثيرا لاهتمام الجمهور في المجتمع المحلي، سواء كان ذلك من خلال السياحة، أو الاستثمار الداخلي، أو حتى التعليم، بريطانيا بلد متعدد الثقافات ومتنوع للغاية، فعلى سبيل المثال، عندما تتجول في شوارع لندن، تسمع العديد من اللغات المختلفة، وحتى في مدينة نيوكاسل، حيث نشأت، أصبحت أسمع تنوعا لغويا متزايدا، نظرا لوجود جامعات كبرى هناك تجذب طلابا من مختلف أنحاء العالم، وأعتقد أن ذلك يجعل الكثير من الزوار، بمن فيهم القادمون من الكويت، يشعرون وكأنهم في وطنهم.
وفيما يتعلق بابنتيك، هل وجدتا البيئة التعليمية المناسبة في الكويت؟ وهل تشعران بالارتياح في مدارسهما وما مدى قدرتهما على التكيف؟
٭ ابنتاي سعيدتان جدا في مدرستهما ولديهما أصدقاء رائعون.. هما ما زالتا صغيرتين وقد بدآ تعليمهما هنا في الكويت، الكويت تضم مجموعة واسعة من المدارس البريطانية المتاحة للذين يرغبون في أن يتلقى أبناؤهم تعليما بريطانيا، ما يوفر خيارات متعددة، تكاد تجعلنا «في حيرة من النعم»، وأرى أنه من الرائع أن ينشأ أطفالي في بيئة محيطة بأطفال آخرين من دول وثقافات مختلفة، أطفال يعرفون منذ الصغر أنهم قد لا يعيشون في مكان واحد طوال حياتهم، ويتحدثون لغات متعددة، ويرتدون ملابس مختلفة، ويتناولون أطعمة مغايرة في منازلهم، وأعتقد أن هذه التجربة تزرع فيهم تقديرا واسعا لحجم وتنوع العالم من حولهم، وتعلمهم أنه بإمكان الجميع التعايش والتفاهم.
هل تعلمتا بعض الكلمات العربية والأجنبية من زملائهما في المدرسة؟
٭ نعم، بالطبع، لكن ابنتي الكبرى، رغم أنها تدرس اللغة العربية يوميا، إلا أنها لا تتحدث بها كثيرا في المنزل، فاللغة السائدة في ساحة المدرسة تظل الإنجليزية، لذا لا تجري محادثات كثيرة بالعربية، لكنها تفهم قدرا جيدا منها، أما ابنتي الصغرى، فهي في مرحلة تكون فيها كلمات من خيالها – وهو أمر شائع لدى الأطفال الصغار الذين ما زالوا يتعلمون كيف يعبرون عن أنفسهم.
هل يقوم بناتك بدعوة أصدقائهن إلى المنزل أو يقومن بزيارتهن في منازلهن؟
٭ نعم، بناتي يستمتعن كثيرا باللعب مع أصدقائهن، أحيانا يكون الأمر صاخبا بعض الشيء، لكنه ممتع، أرغب في أن يحظين بتجربة حياة طبيعية فيها قدر كبير من التواصل مع أقرانهن، حتى وإن كنا نعيش داخل مبنى السفارة، وهو ما لا يعد نمطا معتادا للمعيشة، ومع ذلك، فإنهن يستمتعن كثيرا بهذه الأنشطة، ولدينا كلابنا أيضا، وهن يحببن اللعب معها وتقديمها للآخرين.
ما الرياضات التي تمارسينها بنفسك أو مع عائلتك؟
٭ كنت في السابق مهتمة جدا باللياقة البدنية قبل أن أنجب أطفالي، كنت أمارس الرياضة خمسة أيام في الأسبوع وأتعامل معها بجدية تامة، لكن بعد الإنجاب، أصبحت مجهدة جدا، لا أنال قسطا كافيا من النوم، وأشعر بضغوط العمل ومسؤولية رعاية الأطفال، لذلك لم أعد أمارس الرياضة كثيرا الآن، وأستمتع بالمشي في الوقت الحالي، نحن نحب التنزه على الكورنيش، وزوجي كان يهوى ركوب الدراجة سابقا، ولكنه لا يتمكن من ممارستها كثيرا الآن، أما أطفالي فهم منفتحون جدا لتجربة أي رياضة جديدة، جربوا الكراتيه، والتنس، ويحبون السباحة، وهم مستعدون لتجربة أي شيء.
كيف تستفيدون من الحديقة الرائعة التي لديكم؟
٭ الحديقة بالفعل مذهلة، أشعر بامتنان كبير لوجودها، وأعتقد أنها من أكثر الأشياء التي سأفتقدها عندما أعود إلى لندن، نحن نخرج إليها يوميا، كلابنا تمشي في جزء معين منها – ليس في المساحة التي نستضيف فيها الضيوف – لكننا نحب التجول ومشاهدة الزهور والطيور المختلفة، كما ألاحظ أن العديد من زملائنا في السفارة يستغلون فترات الاستراحة في المشي داخل الحديقة، وأعتقد أن لذلك أثرا إيجابيا كبيرا على الصحة النفسية، أن تجلس قليلا، وتنظر إلى السماء.
كيف يندمج السفراء في المجتمعات التي يخدمون فيها فيما يتعلق بالتقاليد والعادات، المأكولات، الفنون والموسيقى، وما أبرز التحديات الثقافية؟
٭ أعتقد أن مسألة التكيف والاندماج تعتمد بالأساس على المكان الذي تتواجد فيه، ففي الكويت على سبيل المثال، وجدت أن الأمر سهل جدا، لأن هناك الكثير من الأنشطة، والمطاعم الرائعة، والناس هنا ودودون للغاية، وكرماء في استقبالهم، ويرحبون بالزائرين بشكل جميل، من اللطيف أيضا أن تتم دعوتك إلى منازلهم لتناول الطعام، وهناك العديد من الفعاليات الرياضية والأنشطة الثقافية التي تقام بانتظام، لذا من السهل العثور على أشياء للقيام بها، عندما تنتقل إلى مكان جديد، من المهم أن تبذل جهدا كبيرا في البداية، وأعتقد أن هذا الأمر مهم بشكل خاص لأزواج أو زوجات الديبلوماسيين، خصوصا إذا لم يكونوا يعملون هنا، فقد يكون من الصعب، بل وربما يشعرون بشيء من الوحدة، أثناء محاولة بناء شبكة اجتماعية، بالنسبة لي، لم أجد التأقلم مع الحياة في الكويت صعبا، بل وجدت ترحيبا حقيقيا وشعورا جميلا بالدفء والانتماء.
حدثينا عن أهمية تعلم اللغات وفهم الثقافات في العمل الديبلوماسي؟ هل تعرفين الكلمات العربية؟
٭ «شوية.. شوية» كنت أتمنى لو أنني تلقيت تدريبا لغويا في اللغة العربية، فعلى الرغم من أنني عملت في العراق والآن في الكويت، إلا أنني لم أتمكن من الحصول على تدريب لغوي، أعتقد أن طبيعة الوظائف التي توليتها جاءت في أوقات لم تسمح لي بالالتحاق ببرنامج التدريب المكثف الذي تقدمه وزارة الخارجية البريطانية، أستطيع، إلى حد ما، فهم سياق الحديث العام عند الاستماع إلى المحادثات، نظرا إلى أن بعض الكلمات تتكرر كثيرا، كما أستطيع استخدام بعض التحيات والعبارات البسيطة، لكن ما أحرص عليه هو العمل على تحسين طريقة النطق، وأحاول دائما استخدام اللهجة الكويتية في بعض الكلمات، رغم أنني لست بارعة في ذلك، لكنني سأستمر في المحاولة وإن كانت بعض الحروف تشكل صعوبة كبيرة بالنسبة لي في نطقها مثل الذال والضاد والطاء والعين.
اذكري 3 كلمات باللغة العربية وجملة واحدة تستخدمينها أحيانا؟
٭ أما بالنسبة لكلمات عربية أستخدمها أحيانا، فهي شكرا، تمام، إن شاء الله، ممتاز، أما عن الجملة فهي أنا السفيرة البريطانية في الكويت.
كيف تؤثر اللغة في الفهم الدولي؟
٭ أعتقد أننا بحاجة أحيانا إلى أن نكون حذرين للغاية في استخدام اللغة واختيار الكلمات، لأن الكلمات قد تحمل معاني مختلفة في ثقافات ولغات متعددة، لدينا مفهوم يعرف بـ «الأصدقاء الكاذبين» (false friends)، وقد واجهت هذا عندما كنت أدرس الروسية وأتعلم الپولندية، فبعض الكلمات تبدو متشابهة تماما ولكن معناها يختلف كليا، وقد يوقعك ذلك في مواقف محرجة أو في سوء فهم، حتى مع زوجي الأميركي، نكتشف أحيانا أن بعض الكلمات تعني أشياء مختلفة، ولهذا أعتقد أنه من المهم جدا التأكد من فهمك الشخصي والتأكد من أن الرسالة التي تحاول إيصالها يتم استقبالها بالشكل الصحيح، وخاصة عند التفاوض على نصوص رسمية، فقد تقول شيئا ويفهم بشكل مختلف تماما من الطرف الآخر.
ما الطبق الذي تعدينه لعائلتك؟
٭ أقوم بالكثير من الطهي في المنزل وأجيد تحضير وجبة الدجاج المشوي، مع البطاطا، كما أحب أيضا تحضير الفطائر، وأطبخ أيضا الكثير من الأسماك، وأحب تحضيرها بطريقة صحية وخفيفة، الطهي شيء أحبه حقا، وأتطلع الى العودة إلى لندن حيث سيكون لدي مطبخي الخاص بالكامل، وسيكون لدي وقت أكثر للطهي عندما تخف مشاغلي العملية.
للسفراء دور مهم في دعم القضايا الإنسانية والاجتماعية والفئات الضعيفة
قالت السفيرة البريطانية لدى الكويت بليندا لويس إنها قامت بعدد كبير من الأعمال بالتعاون مع جهات مختلفة في الحكومة الكويتية في مجالات المبادرات الإنسانية، وكذلك مع الصندوق الكويتي للتنمية على تنفيذ مشاريع إنسانية عبر منظمة اليونيسيف، أحدها في غزة وآخر في اليمن، ونحن نستكشف فرصا جديدة للتعاون لأننا نرغب في توسيع هذا العمل المشترك، وفي الوقت الحالي، ندرس بشكل خاص ما يمكننا القيام به لمساعدة الشعب السوداني، كما قمنا أيضا بتدريب عدد من الأطباء الكويتيين الذين تم إرسالهم لاحقا إلى غزة، وقد تم تنفيذ هذا التدريب من قبل مؤسسة طبية بريطانية خيرية تدعى David Nott Foundation، وقد تلقينا الكثير من ردود الفعل الإيجابية حول هذه المبادرة، لذلك نسعى إلى تكرار هذا النوع من التعاون مستقبلا.
للديبلوماسية أثر إيجابي في المجالات كافة
بسؤال السفيرة البريطانية عن كيفية تأثير الديبلوماسية في تجاوز السياسة، أجابت بأن الديبلوماسية يمكن أن تحدث أثرا إيجابيا في جميع هذه الجوانب المختلفة، لأنها في جوهرها تدور حول جمع الناس معا، وبناء الجسور، والتعارف، وتعزيز الثقة المتبادلة بما يمكننا من دعم بعضنا البعض والعمل المشترك، فعندما أفكر في العلاقة الديبلوماسية مع دولة الكويت، أراها تشمل كل تلك العناصر، لقد شهدنا مبادرات ثقافية رائعة، إلى جانب العديد من الأنشطة التعليمية.
وأضافت أنه ازداد عدد الطلاب الكويتيين في الجامعات البريطانية بشكل ملحوظ، كما تحدثنا عن المدارس البريطانية الموجودة هنا والتي تتمتع بسمعة متميزة، وهناك أيضا العديد من المبادرات الرياضية التي تسهم في جمع الناس معا، وكل هذه الأنشطة تهدف إلى بناء الروابط وتعزيز التفاهم المتبادل، وإتاحة الفرصة للناس ليروا كيف تمارس الأمور في ثقافة معينة مقارنة بثقافة أخرى، فالديبلوماسية الهادفة توسع آفاق الإنسان، وتساعدنا على أن نكون منفتحين فكريا، وأن نتعلم من بعضنا البعض. لذا، أرى أن الديبلوماسية تشمل كل هذه الأبعاد. وفي نهاية المطاف، هي تقوم على الثقة والصداقة.