“بحر غزة” جبهة لا هدنة فيها

غزة – كأطلالٍ غارقة، تطفو على وجه بحر غزة المشوَّه مراكب لم يتبقَّ منها إلا الحديد الصدِئ، وقوارب محطّمة يتكئ بعضها على بعض كجثثٍ حصدتها الحرب. هذا الدمار جاء نتيجة القصف الإسرائيلي لميناء غزة خلال الحرب الأخيرة.
تسببت الطائرات الحربية الإسرائيلية في تدمير ميناء غزة بشكل شبه كامل، حيث أصابته بأكثر من 26 صاروخا، مما أدى إلى شطر الميناء إلى نصفين. هذا الدمار أثر بشكل كبير على صيادي غزة، حيث خسر العديد منهم مراكبهم ومعداتهم.
تأثير الحرب على الصيادين
يقول الصيادون إن الحرب انتهت، “لكن لم يُفتح لنا البحر بعد”. فتوقف القصف البري لم ينسحب على البحر، إذ إن تقدّم الصيادين أمتارا قليلة يجعلهم في مرمى الزوارق الإسرائيلية، أو عرضة للاعتقال.
أبو جهاد الهسي، أحد الصيادين المتضررين، يقول “لا نستطيع تجاوز مسافة كيلو متر واحد”. التقدّم في العمق بات يُعرَّف لديهم بـ”المخاطرة الأمنية”، التي يضطرّون إليها لجني رزقهم.
ضياع الموسم
الصياد أحمد دياب يجلس على “لسان الميناء”، يحدّق في المدى المحاصر أمامه الذي كان يوما فضاء رزقه. يقول “البحر صاحبي وهو حياتي الثانية”. الحرب أكلت موسم الصيد كاملا وأكلت معها الثروة السمكية.
رئيس النقابة العامة للصيادين زكريا بكر يؤكد أن قوات الاحتلال اعتقلت 40 صيادا، بينهم 14 بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار. نحو 450 صيادا فقط باتوا يعملون اليوم، من أصل 4500 كانوا مسجّلين رسميا.
تدمير واسع
بكر يعود بذاكرته إلى 3 عقود مضت، حين كان تجار الأسماك من غزة يقطعون الطريق نحو الضفة الغربية والداخل. اليوم، وبعد تدمير 95% من قطاع الصيد، لا يتجاوز إنتاج غزة 2% من الإنتاج السنوي.
الصيادون يحاولون استصلاح وترميم مراكبهم دون جدوى، بسبب انعدام المواد اللازمة ومنع إدخالها. البحر يبقى الجبهة التي لا هدنة فيها منذ عقود، حيث يذهب إليه الصيادون كمن يذهب إلى رزقه وإلى حربه في آن واحد.
الآن، يتطلع الصيادون إلى إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وإلى السماح لهم بالصيد بأمان. القرارات القادمة ستحدد مصيرهم ومستقبل مهنة الصيد في غزة.





