بطريرك القدس للاتين من غزة: سنعيد إعمار البيوت والمدارس ولن نرحل

وسط ظروف إنسانية صعبة، زار البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، قطاع غزة في زيارة رعوية تأتي قبيل أعياد الميلاد، مؤكداً على أهمية التمسك بالأمل وإعادة البناء. الزيارة تحمل رسالة تضامن مع السكان المحليين، وتحديداً الجالية المسيحية التي تأثرت بشكل كبير بالحرب المستمرة، وتسليط الضوء على ضرورة تقديم الدعم الإنساني المستمر للمنطقة. هذه الزيارة تأتي في خضم تدهور الأوضاع في غزة و تزايد الاحتياجات المتعلقة بغزة.
أعياد الميلاد في غزة: رسالة أمل وسط الدمار
وصل البطريرك بيتسابالا إلى غزة برفقة المطران وليم شوملي، في زيارة تستمر ثلاثة أيام، بهدف تفقد الأوضاع في كنيسة العائلة المقدسة والاطمئنان على أحوال الرعية. وتأتي الزيارة في وقت يحل فيه عيد الميلاد للعام الثالث على التوالي وسط حصار إسرائيلي مستمر ودمار واسع النطاق، مما يجعل الاحتفالات هذا العام ذات مغزى خاص.
صرح البطريرك بيتسابالا بأنه “لن ننسى ما حدث، لكننا ننظر إلى الأمام. سنعيد إعمار بيوتنا ومدارسنا، وسنبني من جديد حياتنا”. وأضاف أن الزيارة تهدف إلى إظهار التضامن مع شعب غزة، وتأكيد التزام الكنيسة بإعادة بناء ما دمرته الحرب. وتعتبر هذه الزيارة بمثابة دعم معنوي للمسيحيين في غزة الذين يشكلون جزءًا صغيرًا ولكنه حيوي من النسيج السكاني.
تأثير الحرب على الجالية المسيحية
وفقًا لتقارير حديثة، انخفض عدد المسيحيين في قطاع غزة بشكل ملحوظ خلال فترة الحرب، حيث تقلص إلى حوالي 700 شخص مقابل 1100 قبل الحرب. العديد من أفراد الجالية اضطروا إلى النزوح من منازلهم واللجوء إلى الكنائس بحثًا عن الأمان، لكن حتى تلك الكنائس لم تسلم من القصف والتدمير.
فقد تعرضت كنيسة العائلة المقدسة لعدة اعتداءات إسرائيلية خلال الحرب، مما أدى إلى أضرار جسيمة. وفي حادثة مأساوية، استشهدت مواطنة وابنتها داخل حرم الكنيسة في ديسمبر 2023 جراء إطلاق نار من قناص إسرائيلي. كما تعرضت دار المحبة والسلام التابعة للكنيسة للقصف، مما ألحق أضرارًا كبيرة بمرافقها التي تؤوي أطفالاً وكبار سن من ذوي الاحتياجات الخاصة. وكالة الأنباء الجزائرية نقلت هذه التفاصيل.
وأشار البطريرك إلى أن ما جرى في غزة لن يُمحى من الذاكرة، موضحاً أن الزيارة هي رسالة بضرورة التطلع للمستقبل والعمل على إعادة بناء الحياة. وتأتي هذه التصريحات في سياق الدعوات المتزايدة إلى تحقيق العدالة والمساءلة عن الانتهاكات التي ارتكبت خلال الحرب.
جهود إنسانية وإعادة إعمار غزة
وتتركز جهود البطريركية اللاتينية حاليًا على تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لسكان غزة، وتحديد الاحتياجات الأساسية اللازمة لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة. وتشمل هذه الجهود توفير الغذاء والدواء والمأوى، بالإضافة إلى دعم التعليم والصحة. كما تعمل البطريركية على تنسيق الجهود مع المنظمات الدولية والمحلية لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها.المزيد من المعلومات على الجزيرة نت.
وفي هذا السياق، أعرب البطريرك عن شعوره بالراحة لوجوده بين أبناء الرعية في غزة، مؤكدًا أنهم “أظهروا خلال الحرب، وأكثر وضوحا اليوم، ماذا يعني أن يبقى الإنسان قويا في إيمانه”. وأثنى على صمودهم وإيمانهم ورجائهم، مشيرًا إلى أن شهادتهم الحية وصلت إلى العالم كله.
الاحتفالات بعيد الميلاد والتوقعات المستقبلية
من المقرر أن يترأس البطريرك بيتسابالا قداس عيد الميلاد المجيد في كنيسة العائلة المقدسة يوم الأحد القادم. الاحتفالات هذا العام ستكون متواضعة مقارنة بالسنوات السابقة، نظرًا للظروف الصعبة التي يمر بها القطاع، لكنها ستظل بمثابة فرصة للتعبير عن الأمل والتضامن. ومن المتوقع أن تشهد الكنائس في غزة إقبالاً محدودًا من المصلين بسبب القيود المفروضة على الحركة والتنقل.
بشكل عام، سيبقى الوضع في غزة معقداً وغير مستقر في الفترة المقبلة، مع استمرار الحصار والتهديدات الإسرائيلية. وما بعد عيد الميلاد يتطلب جهودًا دولية مكثفة للضغط على إسرائيل لرفع الحصار والسماح بإعادة الإعمار وتنمية الاقتصاد المحلي. كما يتطلب الأمر ضمان حماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان في القطاع.





