بعد أحداث مدن الساحل.. هذا ما بحثه المجتمعون في لقاء دول الجوار السوري بالأردن

مراسلو الجزيرة نت
عمّان ـ استضافت العاصمة الأردنية عمّان اليوم الأحد اجتماعا أمنيا رفيعا لوزراء الدفاع ورؤساء هيئات الأركان ومديري أجهزة المخابرات في كل من الأردن وسوريا والعراق ولبنان وتركيا، في ظل التطورات الأمنية والعسكرية التي تشهدها سوريا خاصة مدن الساحل.
وبحسب مصدر حكومي مطلع للجزيرة نت، فإن الاجتماع بحث في آليات دعم الشعب السوري ومساندته في جهوده الرامية إلى إعادة بناء وطنه وفق الأسس التي تضمن وحدة الأراضي السورية، وتعزيز التعاون المشترك بين الدولة السورية وجيرانها من الدول المشاركة في اجتماع عمّان.
وأضاف المصدر -الذي فضل عدم الكشف عن اسمه- أن الاجتماع الخماسي لدول جوار سوريا سعى للتأكيد على فرض الدولة السورية سيادتها كاملة على أراضيها، وصولًا إلى الأمن والاستقرار المنشود، بعد معاناة مستمرة من التوترات والاضطرابات السياسية والأمنية على مدار عقد ونصف العقد.
كذلك بحث الاجتماع التحديات المرتبطة بالحدود، وعمليات التهريب، والتجارة، والنقل، وملف اللاجئين السوريين وعودتهم الطوعية لبلادهم، وهو ما يتطلب تعاونًا وثيقًا بين سوريا الجديدة ودول الجوار وفي المقدمة منها الأردن، لا سيما أن جميع الدول المجاورة لسوريا تنظر إلى أن استقرار الدولة كونه يمثل ضرورة إستراتيجية لهذه الدول.
وبحسب مراقبين، فإن اجتماع “دول الجوار السوري” يكتسب أهميته للأردن من خلال تأكيد أولوية العلاقة بين عمّان ودمشق، خاصة ما يتعلق بالملفات الأمنية ومكافحة الإرهاب وتهريب السلاح والمخدرات، وهي قضايا شغلت الأردن لأكثر من عقد من الزمن.
كما يكتسب انعقاد اجتماع دول الجوار السوري بالأردن في أنه يعكس جهود الدول العربية مجتمعة في العمل على إعادة سوريا لمحيطها العربي من جديد.
فشل التمرد بالساحل
بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير أن اجتماع عمّان يأتي في الوقت الذي يشهد فيه الساحل السوري فوضى أشعلها خارجون عن القانون من أتباع النظام السابق، مضيفًا في حديثه للجزيرة نت أن الفوضى سرعان ما تحولت إلى ثورة مضادة قصيرة زمنيا وفاشلة، أدت في نهاية المطاف إلى مقتل سوريين مدنيين أبرياء.
وعن أهمية اجتماع عمّان بشأن سوريا ومدى نجاحه، أكد أبو طير أن نجاح الاجتماع مرهون بالحاجة إلى وجود شركاء مؤثرين خارج مجموعة الاجتماع (الدول الخمس)، بالإضافة إلى ضرورة مساعدة سوريا ماليا وعسكريا، ورفع العقوبات عنها حتى تتمكن من تحريك الاقتصاد واستعادة مواطنيها اللاجئين.
وأشار أبو طير إلى أن إخراج الاحتلال الإسرائيلي من المعادلة السورية أمر في غاية الأهمية للحديث عن استقرار سوريا بعد ذلك، بالإضافة إلى العمل على مساعدة دمشق الجديدة للانتقال إلى “صيغة الدولة” بما تعنيه من تنوع عرقي وطائفي وديني، وصولًا إلى تحقيق العدالة والقانون في البلاد.

قلق أمني
وشدد المحلل السياسي على أهمية وجود توافق عربي كامل على وصفة واحدة لسوريا، وعدم التنافس السري بين هذه الدول بشأن الملف السوري، بالإضافة إلى ضرورة أن تقرر الدولة السورية هويتها الجديدة وتعريفاتها من دون تأخير، بدلا من التيه الجزئي بسبب الظروف القائمة.
من جانبه، أكد نائب رئيس هيئة الأركان الأردني الأسبق والخبير العسكري والإستراتيجي الدكتور قاصد محمود أن اجتماع عمّان لأجل سوريا منبعه القلق الأمني الواضح القادم من هناك، مضيفا أن هناك العديد من الدول تتصارع على تقاسم سوريا وتعمل بجد من أجل تنفيذ ذلك، والمشروع الإسرائيلي أكثرها اعتداء وتأثيرًا على الأمن الإقليمي للمنطقة.
فرض واقع جديد
ولفت الخبير العسكري في حديث للجزيرة نت إلى أن إسرائيل تحاول فرض واقع جيوستراتيجي جديد ومختلف من خلال الالتفاف حول الأردن من الشمال الشرقي والاتجاه جنوبا بمحاولة السيطرة العسكرية على جنوب دمشق وصولًا إلى الحدود مع الأردن، ومن ثم هناك مخاوف أردنية إزاء تلك التحركات الإسرائيلية.
وتحدث الخبير الإستراتيجي عن المخاوف الأردنية من التوسع القادم لإيران وطموحاتها في المنطقة، وأضاف مستدركًا “وإن كانت إيران في وضع متقهقر، إلا أنها تحضر نفسها للرد وبقوة، وليس أدلّ على ذلك رفضها التفاوض مع الأميركيين من أجل تحقيق هذا الأمر”.
وشدد نائب رئيس هيئة الأركان الأردني الأسبق على أن النظام الجديد في سوريا لم ينجح في تأمين البلاد 100%، وبالتالي فإن دول الجوار السوري معنية بالخروج في معادلة أمنية تخدم الجميع، والأهم في هذه المعادلة هو الأردن الذي لا يرتبط بأدوات التأثير الإيراني في المنطقة، كما العراق ولبنان، ومن ثم فوجود الأردن كدولة تقف على الحياد الأمني والسياسي قد يساعد السوريين في محاولات الأردن التأثير إيجابًا في الواقع السوري الجديد.
وأعرب محمود عن اعتقاده أن يكون الرئيس السوري أحمد الشرع قد طلب المساعدة من الملك الأردني عبد الله الثاني لعقد هكذا مؤتمر -أثناء زيارته الأخيرة لعمّان- بهدف المساهمة في تجاوز المرحلة الصعبة التي تمر بها الدولة السورية.
ومع سقوط نظام بشار الأسد وتولّي قيادة جديدة في سوريا، يواجه الأردن معادلة جديدة تفرض عليه دورًا داعمًا للاستقرار باعتباره عاملا أساسيا في التخفيف من أزماته السياسية والاقتصادية والأمنية، يأتي هذا رغم العلاقة الأردنية السورية لم تكن في أفضل حالاتها خلال حكم حافظ الأسد أو نجله بشار، لكن في ما يبدو أن تقاربًا ما بدأ يلوح في الأفق بين البلدين.