Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

بعد سحب قواتها.. أي مستقبل لعلاقات الولايات المتحدة والنيجر؟

أكملت الولايات المتحدة سحب قواتها التي كانت تتمركز في النيجر بموجب الاتفاق العسكري الموقع في 6 يوليو/تموز 2012 من طرف سفارة واشنطن في العاصمة نيامي.

وأعلنت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، في 15 سبتمبر/أيلول الجاري، أنها أنجزت سحب قواتها بالكامل تنفيذا لمطالب النظام الحالي.

ويأتي الانسحاب الأميركي بعد فتور في العلاقات بين الجانبين بسبب انقلاب 26 يوليو/تموز 2023 الذي أطاح بالرئيس المدني المنتخب محمد بازوم.

وتعود العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة والنيجر إلى عام 1960، إذ تم تطبيع العلاقات الدبلوماسية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 1960، وفي مارس /آذار 1961 عززت واشنطن تلك العلاقة حيث افتتحت سفارة بهذه الدولة الوليدة حينها.

بداية الاهتمام

كانت السياسة الأميركية تجاه النيجر تنحصر في المساعدات الإنسانية عبر دعم برامج الأمن الغذائي ومحاربة الأمراض والأوبئة التي تنتشر بشكل كبير في منطقة الصحراء والساحل، لكن بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول توجه القادة الأميركيون للنيجر ودول المنطقة بشكل عام.

وكانت الذريعة إعلان الحرب على “الإرهاب” بحجة عودة كثير من الجماعات المسلحة التي كانت في أفغانستان إلى منطقة الصحراء والساحل، حيث وجدت فضاء ملائما للتحرك وإعادة التموضع بحكم المساحة الشاسعة والحدود المفتوحة بين الدول.

وفي ظل تلك الأجواء توجهت أنظار وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) صوب تلك المنطقة وكانت النيجر النقطة الأهم بالمنطقة لكونها تقع في قلب دول الساحل إذ تحدها من الجنوب نيجيريا، ثم تشاد شرقا، وفي الشمال الغربي تحدها الجزائر ومالي، وفي الجنوب الغربي بوركينا فاسو وبنين، وفي الشمال الشرقي ليبيا.

وعام 2002 أطلق مكتب “مكافحة الإرهاب” في واشنطن مبادرة عموم الساحل “بي إس آي” (PSI) لمكافحة “الإرهاب” وتعزيز أمن الحدود من أجل الاستقرار، وقام مسؤولون أميركيون برئاسة روبرت بيري نائب دائرة الاستخبارات والأمن بزيارة تشاد والنيجر وموريتانيا ومالي للتنسيق معها حول “مكافحة الإرهاب” وأمن الحدود.

التعاون العسكري

ولأكثر من عقد من الزمن عملت الولايات المتحدة على أن يكون شمال النيجر نقطة لمحاربة “الإرهاب” والجماعات المسلحة في منطقة الصحراء، ففي منتصف عام 2012 تم التوقيع في نيامي على اتفاقية عسكرية مع واشنطن ودخلت حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني 2013.

وتسمح الاتفاقية المذكورة للموظفين العسكريين الأميركيين دخول النيجر وممارسة المهام التي توكل إليهم من قبل رؤسائهم دون أن تكون للسلطات المضيفة أي رقابة عليهم، حتى الأفعال الجنائية التي يرتكبونها ليس من حق السلطات في نيامي مساءلتهم عنها، وإنما يخضعون في ذلك للإدارة الأميركية.

وجاء في مذكرة التعاون أن البنتاغون والموظفين التابعين من حقهم الإعفاء الكامل من الضرائب والرسوم، ولهم الحق في استيراد كل الأشياء التي يحتاجونها من تكنولوجيا أو معدات أخرى.

وبعد سريان المذكرة، وافق الرئيس الأميركي باراك أوباما عام 2013 على إرسال 100 جندي إلى النيجر لجمع المعلومات والاستخبارات الضرورية.

وعندما تزايدت الجماعات المسلّحة بمنطقة الساحل وكثر نشاطها في صحراء ليبيا والنيجر، بدأت القوات الأميركية عام 2016 بناء القاعدة الجوية 201 في منطقة أغاديز شمال العاصمة نيامي حيث حدود الجزائر وليبيا.

وقد أنفقت الولايات المتحدة أكثر من 100 مليون دولار في بناء قاعدة أغاديز، وظلت تنفق عليها حوالي 30 مليون دولار كل سنة.

ونفذت القاعدة الكثير من المهام المتعلقة بمحاربة الجماعات المسلحة وجمع المعلومات الاستخباراتية، كما قدمت الكثير من التدريبات للقوات المسلّحة في النيجر، وكانت القاعدة تستضيف أسطولا كاملا من طائرات النقل وطائرات بدون طيار.

وبالإضافة للقاعدة المذكورة، كانت القوات الأميركية تشترك مع نظيرتها الفرنسية في القاعدة العسكرية 101 في نيامي قرب مطار ديوري حماني الدولي.

وبلغ عدد الجنود الأميركيين الذين كانوا يتمركزون في النيجر 1100 جندي، وكلفوا الخزينة الأميركية قرابة مليار دولار في السنوات الأخيرة التي تلت العمل بقاعدة أغاديز.

المطالبة بالخروج

ومع الانقلاب العسكري في 26 يوليو/تموز 2023، جاء العسكر بسياسة مغايرة لما كانت تسير عليه البلاد في العهود السابقة خصوصا ما يتعلق بالعلاقات مع باريس والتنسيق مع واشنطن في شأن “مكافحة الإرهاب” والجماعات المسلّحة.

وقد تبلورت العقيدة العسكرية للمجلس العسكري الحاكم في النيجر في أن الاستقلال والسيادة يقتضيان تحرير الاقتصاد من التبعية الكاملة للشركات، وكذلك رحيل القوات العسكرية الأجنبية من جميع الأراضي التابعة للدولة.

وفي خطوة كانت مرتقبة، أعلن المجلس العسكري الحاكم في 16 مارس/آذار الماضي إلغاء الاتفاق العسكري مع الولايات المتحدة بمفعول فوري.

وفي بيان بثه التلفزيون النيجري، قال المتحدث باسم الجيش العقيد أمادو عبد الرحمن إن اتفاق 2012 فُرض على البلاد وكان ينتهك القواعد الدستورية والديمقراطية.

وفي مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست، قال رئيس الوزراء في نيامي علي محمد الأمين الزين إن سبب قطع التعاون العسكري يعود إلى تهديدات “مولي في” نائبة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، حيث قالت إن بلادها ستفرض عقوبات على النيجر إذا وقعت الأخيرة اتفاقا لبيع اليورانيوم إلى طهران.

ومنتصف أبريل/نيسان الماضي، وافقت الولايات المتحدة على سحب قواتها وحددت لذلك جدولا زمنيا ينتهي في 15 سبتمبر/أيلول الجاري.

وفي 19 مايو/أيار 2024 الماضي، بدأ انسحاب القوة المتمركزة في القاعدة 101 في نيامي، وتواصل العمل حتى تم الخروج النهائي من القاعدة الجوية 201 في أغاديز يوم 5 أغسطس/آب الماضي، وبقي حوالي 20 ضابطا للإشراف على نقل المعدات الذي انتهى في الأجل المتفق عليه.

وبمناسبة فك الارتباط العسكري بين البلدين، أقيمت مراسم للخروج حضرها عدد من الضباط من الجانبين.

وجاء في بيان صادر عن قيادة الجيش الأميركي في أفريقيا “أفريكوم” أن الانسحاب كان آمنا ومنظما ومسؤولا بفعل التعاون والتواصل الفعال بين جيشي البلدين.

جنود أميركيون يغادرون على متن طائرة شحن في نيامي خلال حفل المغادرة الأولى للقوات الأميركية من النيجر (الفرنسية)

تداعيات

ووفقا للبيان المشترك الذي صدر بعد إخلاء قاعدة أغاديز فإن هذا الانسحاب لا يضع حدا للتعاون العسكري، وإنما يلتزم الطرفان بالحفاظ على الاتصالات والعمل معا لتحديد أسس تعاون عسكري جديد يحترم مصالح كل طرف ويهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

وتعليقا على الانسحاب، قال منسق وزارة الدفاع الأميركية لغرب أفريقيا اللواء كينيث بي إيكمان إن انسحاب القوات من النيجر “ليس في صالح المنطقة من الناحية الأمنية”.

ويرى المحلل السياسي المختص بالشأن الأفريقي سلطان البان أن انعكاس الانسحاب الأميركي على النيجر مرتبط بمدى قدرة المجلس العسكري الحاكم على الصمود ومسايرة التحديات الأمنية التي ستزداد بعد رحيل الأميركيين.

وفي أغسطس/آب 2023، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن بلاده علقت المساعدات التي كانت تذهب للنيجر بسبب الانقلاب العسكري.

لكن الحكومة في نيامي أقرت عام 2024 موازنة عامة تعتمد على الموارد المحلية فقط بعد أن كانت 40% من ميزانيتها تأتي من المانحين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة.

ومن شأن انسحاب القوات الأميركية والفرنسية قبلها، أن يفتح الباب إلى تمدد النفوذ الروسي بالمنطقة وخاصة مع “تحالف كونفدرالية دول الساحل”.

مستقبل العلاقات

وفي حديث للجزيرة نت، قال المحلل السياسي المختص بالشأن الأفريقي إن العلاقات الدبلوماسية والأمنية بين البلدين تشهد فتورا بسبب إنهاء الاتفاق العسكري الذي كان يعطي للبنتاغون الأميركي مساحة كبيرة للتحرك بالمنطقة، لكن الولايات المتحدة ستبقى متشبثة بالنيجر وستعزز من الروابط الاقتصادية والتجارية لأنها لا تهتم بشرعية الحاكم بقدر ما تهتم بملاحقة روسيا والصين.

وفي أبريل/نيسان الماضي، قام رئيس الوزراء بزيارة إلى واشنطن بشأن تعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية، لكنه أكد للمسؤولين الأميركيين أن قرار بلاده بشأن رحيل القوات الأجنبية سيادي.

وفي الوقت الحالي، لم ترسل النيجر إشارات سلبية تجاه علاقتها مع واشنطن، لكن إذا اتجهت القوات الأميركية المنسحبة نحو بنين فإن ذلك قد يكون سببا لتطور جديد بالعلاقات، إذ سبق للنيجر أن اتهمت فرنسا بمحاولة زعزعة أمنها عن طريق نيجيريا وبنين، وهو الأمر الذي جعل نيامي تبقي على حدودها مغلقة مع بورتو نوفو، مما تسبب في وقف تصدير النفط النيجري عن طريق ميناء سيمي في بنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى