Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخر الاخبار

بعد عام على تحريرها.. كيف تبدّل واقع مدينة حلب؟

قبل عام، وتحديدًا يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني، دخلت قوات ردع العدوان مدينة حلب، معلنة نهاية سيطرة نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد على واحدة من كبرى المدن السورية وأكثرها رمزية. ومنذ ذلك اليوم، تحولت حلب إلى مؤشر أساسي يُقاس به مسار ما بعد السقوط، ومختبر عملي لإعادة بناء المدن التي أنهكتها الحرب والتهجير والانقسام. هذا المقال يستعرض التغيرات التي شهدتها المدينة خلال العام الماضي.

وفي الذكرى الأولى للتحرير، ترصد الجزيرة أبرز ملامح التغيير التي شهدتها المدينة، بين تحسن ملحوظ في بعض القطاعات، وتحديات لا تزال قائمة في قطاعات أخرى. الوضع في حلب يعكس بشكل كبير التحديات التي تواجهها سوريا في مرحلة ما بعد الحرب، والجهود المبذولة لإعادة الاستقرار والتنمية.

استقرار أمني نسبي في حلب

كان الأمن أول الملفات التي طُرحت بعد دخول المدينة، إذ شهدت حلب خلال السنوات السابقة حالة فوضى وتعددا في القوى المسيطرة. ومع مرور أشهر على التحرير، تراجع انتشار السلاح العشوائي، وتم ضبط عدد من المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون، وفقًا لتقارير الشرطة المحلية.

ومع ذلك، لا يزال التحدي الأمني قائمًا، حيث تشير بعض المصادر إلى وجود خلايا نائمة قد تحاول زعزعة الاستقرار. وتعمل القوات الأمنية على تعزيز إجراءات المراقبة والسيطرة لمنع أي محاولات لتقويض الأمن.

خدمات تتحسن وبنى تحتية مرهقة

وشهدت خدمات الكهرباء والمياه تغيّرا واضحا مقارنة بما قبل التحرير. ووفق مسؤولي الخدمات في المحافظة، ارتفعت ساعات وصل الكهرباء، واختفت الطوابير أمام الأفران ومحطات الوقود. هذا التحسن يعزى إلى جهود الإصلاح والصيانة التي قامت بها فرق العمل.

إلا أن بعض الأحياء لا تزال تعاني ضعف وصول المياه وتهالك شبكات الصرف الصحي. وتشير تقديرات وزارة الإدارة المحلية إلى أن إصلاح البنية التحتية المتضررة سيتطلب استثمارات كبيرة وجهودًا مستمرة.

اقتصاد وصناعة يعودان للحياة

وتعد حلب تاريخيا عاصمة الصناعة السورية، وبعد سنوات من التوقف والتدمير والنزوح الجماعي، عادت عشرات المصانع إلى العمل، خصوصا في مناطق الشيخ نجار والراموسة. هذا الانتعاش الصناعي يعكس قدرة القطاع الخاص على التعافي والتكيف مع الظروف الجديدة.

يقول رئيس غرفة الصناعة في حلب إن عودة الأمن وفتح خطوط الإمداد كانا أبرز عاملين في تحريك عجلة الإنتاج، لكنه يشير إلى أن القطاع الصناعي لا يزال بحاجة إلى دعم إضافي لتجاوز آثار الحرب الطويلة، بما في ذلك تسهيل الحصول على التمويل وتوفير المواد الخام.

عودة العائلات المهجرة إلى حلب

ومن أبرز التحولات التي شهدتها المدينة خلال هذا العام، بدء موجة عودة الأهالي بعد تهجير استمر لنحو 8 سنوات. وقدرت مصادر محلية أعداد العائدين بعشرات الآلاف، معظمهم من سكان الأحياء الشرقية سابقا. هذه العودة تعكس رغبة السكان في استعادة حياتهم الطبيعية والمساهمة في إعادة بناء مدينتهم.

ومع ذلك، تواجه العائلات العائدة تحديات كبيرة، بما في ذلك نقص السكن والوظائف وارتفاع تكاليف المعيشة. وتعمل المنظمات الإنسانية والحكومة على تقديم المساعدة اللازمة لتسهيل عملية العودة ودمج العائدين في المجتمع.

مبادرات أهلية لإعادة الإعمار

وإلى جانب الجهود الحكومية، شهدت حلب إطلاق حملات تطوعية وتمويل محلي لمشاريع إعادة التأهيل، من بينها حملة “لعيونك يا حلب”، وحملة “حلب ست الكل” التي تستعد السلطات لإطلاقها بالتزامن مع ذكرى التحرير. هذه المبادرات تعكس روح التكافل الاجتماعي والتصميم على إعادة بناء المدينة.

ويرى مراقبون أن الدور المجتمعي في حلب قد يشكل رافعة مهمة في ظل ضعف الموارد الحكومية، وأن التعاون بين القطاعين العام والخاص ضروري لتحقيق التنمية المستدامة.

إزالة رموز النظام.. تغيير بصري ورسالة سياسية

وضمن خطة أوسع لإعادة تشكيل الهوية البصرية للمدينة، وجه محافظ حلب عزام الغريب بحذف جميع الرموز والشعارات والصور المرتبطة بمرحلة النظام السابق من المدارس والدوائر الرسمية والطرق العامة. هذا الإجراء يهدف إلى إزالة آثار الماضي وبناء مستقبل جديد للمدينة.

وأكد الغريب أن “حلب مفتاح النصر لإحدى أعظم الثورات في العصر الحديث، ولأنها كانت البداية ستبقى حلب القلب والقدوة، ولا يليق أن تحمل أي تشوهات بصرية تعود لرموز النظام البائد”.

ورغم التقدم الملحوظ في ملفات الأمن والخدمات وعودة بعض النشاط الاقتصادي، فإن خبراء يرون أن حلب لا تزال في بداية الطريق، وأن تحويل مرحلة التحرير إلى نموذج تنموي متكامل سيحتاج إلى وقت واستثمارات كبيرة، فضلا عن استمرار الاستقرار. ومن المتوقع أن تعلن الحكومة السورية عن خطة شاملة لإعادة إعمار حلب في الأشهر القادمة، مع التركيز على جذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير فرص العمل للشباب. يبقى مستقبل حلب رهنًا بالاستقرار السياسي والأمني، والقدرة على تجاوز التحديات الاقتصادية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى