بلومبيرغ: رسوم ترامب تقوض الصناعة في أميركا

كشف تقرير حديث عن أن السياسات التجارية التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وخاصةً الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الوسيطة والمعدات الصناعية، تعيق تحقيق النمو المتوقع في قطاع التصنيع الأمريكي. هذه السياسات، التي أُطلقت بهدف “إعادة إحياء الصناعة الأمريكية”، تواجه تحديات كبيرة في خلق الوظائف الصناعية التي وعد بها الرئيس ترامب.
وتظهر البيانات الرسمية لشهر سبتمبر الماضي تناقضاً ملحوظاً؛ ففي حين أضاف الاقتصاد الأمريكي 119 ألف وظيفة جديدة، فقد قطاع التصنيع 6 آلاف وظيفة إضافية. ليصل إجمالي الخسائر في هذا القطاع منذ بداية العام إلى 94 ألف وظيفة، وهو أقل بـ 58 ألف وظيفة مقارنة بالفترة التي بدأت فيها حملة الرسوم الجمركية في أبريل الماضي.
الرسوم على الآلات تعرقل توسع المصانع في أمريكا
تشير التحليلات إلى أن جزءاً من التأثير السلبي على الصناعة الأمريكية يعود إلى طبيعة السلع التي استهدفتها الرسوم الجمركية. ففي حين تم إعفاء مئات الفئات من السلع الاستهلاكية، مثل الموز ولحم البقر والقهوة، بقيت الرسوم مفروضة على الآلات والمعدات الصناعية الضرورية لبناء المصانع الجديدة.
ويرى محللون اقتصاديون أن استهداف السلع الوسيطة يمثل “خطأ هيكلياً”، لأن هذه المنتجات هي المحرك الأساسي لأي نهضة صناعية حقيقية. فرض رسوم على “الروبوتات والآلات الصناعية” يرفع تكلفة إنشاء خطوط الإنتاج الجديدة، مما يجعل الاستثمار الصناعي داخل الولايات المتحدة أكثر تكلفة.
تأثير الرسوم على سلاسل التوريد
تؤدي الرسوم الجمركية إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية، مما يزيد من تكلفة الإنتاج ويقلل من القدرة التنافسية للشركات الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الرسوم تؤثر على الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص، حيث أنها أقل قدرة على تحمل التكاليف الإضافية.
وعود ترامب التصنيعية تصطدم بالأرقام
على الرغم من حديث الرئيس ترامب المتكرر عن “قائمة طويلة من المصانع الجديدة” التي سيتم بناؤها، فإن الأرقام الحالية لا تدعم هذه التصريحات. أكد وزير الخزانة سكوت بيسنت في مقابلة تلفزيونية أن الازدهار قد يحتاج إلى وقت أطول للتحول إلى وظائف فعلية، متوقعاً تحسناً في عام 2026.
يظهر تباين واضح بين أداء القطاعات الصناعية وقطاعات الخدمات. ففي حين أضاف قطاع البناء، المستفيد من طفرة مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، 10 آلاف وظيفة، تشهد القطاعات الصناعية الأخرى انخفاضاً في عدد العمال. في المقابل، شهد قطاعا الصحة والترفيه زيادة في التوظيف بلغت 104 آلاف وظيفة مجتمعين.
ضغوط الصناعيين على البيت الأبيض
تمارس جمعيات صناعية، مثل “الاتحاد الوطني للمصنّعين”، ضغوطاً على البيت الأبيض للحصول على إعفاءات للمواد الخام والآلات. وتقترح هذه الجمعيات “استيراد المواد الأساسية دون رسوم، واسترداد الرسوم المدفوعة على المعدات الصناعية” كحلول ممكنة.
وتشير التقارير إلى أن التباطؤ في التوظيف الصناعي يأتي على الرغم من استفادة الشركات من إعفاءات ضريبية جديدة تسمح بخصم قيمة المعدات مباشرة من الضرائب. ومع ذلك، تُظهر البيانات أن الرسوم تشمل جزءاً أساسياً من سلسلة التوريد: الآلات التي تبني المصانع نفسها، مما يعيق أي تقدم حقيقي نحو تحقيق نهضة صناعية.
من المتوقع أن يستمر الجدل حول تأثير الرسوم الجمركية على قطاع التصنيع الأمريكي في الأشهر المقبلة. وستراقب الأسواق عن كثب أي تغييرات في السياسات التجارية الأمريكية، بالإضافة إلى البيانات الاقتصادية الجديدة التي ستصدر في الربع الأول من عام 2026، لتقييم مدى فعالية هذه السياسات في تحقيق أهدافها المعلنة. يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت الإدارة الأمريكية ستعدل سياساتها التجارية لتشجيع الاستثمار الصناعي وخلق الوظائف، أو ستواصل اتباع نفس النهج الحالي.





