بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية والعمل معاً لتحقيق السلام والتنمية في الشرق الأوسط.. بقلم السفير الصيني تشانغ جيانوي
يشهد قطاع غزة حاليا الحرب الأكثر دموية منذ 20 عاما في تاريخ الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي، ويواجه كارثة إنسانية غير مسبوقة. ولقد أثبت تأثير الصراع وآثاره الجانبية مرة أخرى أنه لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط ولن ينعم العالم بالسلام، ما لم يتم حل القضية الفلسطينية.
في الوقت الذي تعمل فيه الدول التي تسعى لتحقيق السلام والعدالة، بما في ذلك الصين والكويت، جاهدة لدفع وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب ورفع الظلم التاريخي الذي لحق به الشعب الفلسطيني، علينا أن نتساءل: في عالم اليوم حيث ترتبط البلدان بشكل وثيق ولا يمكن فيه لأي بلد أن يكون في مأمن من التحديات العالمية، كيف يمكننا أن نتخلى بشكل أساسي عن النظرة الضيقة للأمن، وننخرط في التفاهم والاحترام المتبادل والحوار والتعاون، ونترك السلام والتنمية والصداقة للأجيال القادمة بدلا من الحرب والكساد والكراهية؟
الإجابة هي: بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
لقد أشار المؤتمر المركزي بشأن العمل المتعلق بالشؤون الخارجية المنعقد في بكين مؤخرا إلى أن بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية هو الهدف النبيل الذي تسعى إلى تحقيقه ديبلوماسية الدولة الكبيرة ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، وان الهدف هو بناء عالم منفتح وشامل ونظيف وجميل يسوده السلام الدائم والأمن العالمي والازدهار المشترك، وان المسار هو الدفع بالحوكمة العالمية التي تتميز بالتشاور والتعاون والمنفعة للجميع، وان المبدأ التوجيهي هو تطبيق القيم المشتركة للبشرية، وان الركيزة الأساسية تكمن في بناء نمط جديد من العلاقات الدولية، وان القيادة الاستيراتيجية تأتي من تنفيذ مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية، وان منصة العمل تقوم على التعاون في بناء الحزام والطريق بالجودة العالية. وعلى هذا الأساس، نسعى إلى حشد جهود جميع الدول لمواجهة التحديات، وتحقيق الازدهار المشترك، ودفع عالمنا إلى مستقبل مشرق ينعم بالسلام والأمن والازدهار والتقدم.
إن التعددية القطبية المتسمة بالمساواة والانتظام والعولمة الاقتصادية القائمة على المنفعة للجميع والاحتضان هي ما ينبغي أن يكون عليه مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. تتطلب التعددية القطبية المتسمة بالمساواة والانتظام الالتزام بالمساواة بين جميع الدول بغض النظر عن حجمها، ورفض الهيمنة وسياسة القوة، وتعزيز دمقرطة العلاقات الدولية بخطوات ملموسة.
ومن أجل إبقاء عملية التعددية القطبية مستقرة بشكل عام والحفاظ على طابعها البناء، لابد للجميع أن يلتزم بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ويتمسك بالقواعد الأساسية للعلاقات الدولية التي يعترف بها عالميا، وينفذ تعددية الأطراف الحقيقية. وتكون العولمة الاقتصادية القائمة على المنفعة للجميع والاحتضان عولمة تلبي الاحتياجات السائدة لكل الدول وخاصة الدول النامية، وتعالج ما يترتب عليه التوزيع العالمي للموارد من الاختلالات التنموية الدولية والمحلية بشكل جيد.
ومن المهم أن نعارض بحزم التيار المضاد للعولمة وإساءة استخدام مفهوم الأمن، ونرفض النزعة الأحادية والحمائية بكل الأشكال، ونعزز الحرية والتسهيل للتجارة والاستثمار بحزم، ونتغلب على المعضلات الهيكلية التي تعوق التنمية السليمة للاقتصاد العالمي، بما يدفع بتطور العولمة الاقتصادية على نحو أكثر انفتاحا وشمولا ومنفعة للجميع وتوازنا.
عندما تدق أجراس السنة الجديدة وتتردد عبارات التهنئة في كل أنحاء العالم، تمنى أطفال غزة ألا يموتوا في عام 2024. طالما عانت دول الشرق الأوسط من الاضطرابات والصراعات، وطالما تطلعت شعوبها إلى السلام والتنمية، الأمر الذي يتطلب جوابا أفضل من ضمير الإنسان حول الشرق الأوسط في عام 2024. يقول المثل العربي المشهور: «تملك يدين، واحدة لتساعد بها نفسك، والأخرى لمساعدة الآخرين». ظلت الصين تضع مستقبل البشرية ورفاهية الشعوب في عين الاعتبار، والصين مستعدة للعمل مع دول المنطقة بما فيها الكويت معا للدفع بإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وبذل جهود حثيثة من أجل تحقيق السلام الدائم والتنمية المستدامة في منطقة الشرق الأوسط.