Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخر الاخبار

تفاصيل مشروع “شروق الشمس” الأميركي لتغيير وجه غزة

أثار مشروع أميركي طموح لإعادة إعمار قطاع غزة، والمعروف باسم “شروق الشمس”، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والأكاديمية. يهدف المشروع، الذي تقدر تكلفته بـ 112 مليار دولار، إلى تحويل غزة إلى مدينة تكنولوجية حديثة، لكن منتقديه يشككون في جدواه وفي تجاهله للواقع الإنساني والسياسي المعقد في القطاع. الخطة، التي تم طرحها في 20 ديسمبر 2025، تثير تساؤلات حول دوافعها الحقيقية ومستقبل الفلسطينيين.

جاء النقاش حول المشروع خلال حلقة من برنامج “المسائية” على الجزيرة مباشر، حيث استضاف البرنامج الدكتور محمد الشرقاوي، أستاذ تسوية النزاعات الدولية، والدكتور هاني المصري، مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات). ركز الحوار على أبعاد الخطة الأميركية وأهدافها المعلنة وغير المعلنة، في ظل استمرار الأزمة الإنسانية وتدهور الأوضاع المعيشية في غزة.

مدينة تكنولوجية في غزة: رؤية أم وهم؟

يقوم مشروع “شروق الشمس” على خطة طويلة الأمد تمتد لعشر سنوات على الأقل، مقسمة إلى أربع مراحل. تبدأ المرحلة الأولى في جنوب القطاع، وتحديداً في رفح وخانيونس، وتتوسع تدريجياً لتشمل مدينة غزة، التي تطمح الولايات المتحدة إلى تحويلها إلى مركز تكنولوجي واقتصادي مزدهر. تتضمن الرؤية إنشاء بنية تحتية متطورة، وتوفير فرص عمل جديدة، وتحسين مستوى المعيشة بشكل عام.

أبعاد الخطة والتمويل المقترح

وفقاً لما ذكره الدكتور الشرقاوي، فإن هذه الرؤية ليست جديدة، بل هي امتداد لفكرة “السلام الاقتصادي” التي طرحت سابقاً. تعتمد الخطة على مساهمة أميركية تقدر بنحو 20% من التمويل، بينما يُفترض أن تتحمل دول إقليمية، مثل قطر ومصر وتركيا ودول الخليج، النسبة المتبقية التي تصل إلى 80-85 مليار دولار. يثير هذا الأمر تساؤلات حول مدى واقعية توقع الحصول على هذا التمويل الضخم، خاصة في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها المنطقة.

تجاهل الواقع الفلسطيني المعقد

ينتقد الدكتور الشرقاوي بشدة ما يراه تجاهلاً كاملاً للواقع الديموغرافي والسياسي في غزة. ويؤكد أن المشروع يتعامل مع القطاع وكأنه أرض خالية، متجاهلاً وجود أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون فيه، ويعانون من ظروف معيشية صعبة للغاية. كما يشير إلى أن الخطة تتجاهل جذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتعتبره مجرد مشكلة اقتصادية يمكن حلها من خلال الاستثمارات والمشاريع التنموية.

بالإضافة إلى ذلك، يرى الدكتور المصري أن المشروع يندرج ضمن نمط جديد من الاستعمار والهيمنة، يعتمد على إغراق الرأي العام في خيالات براقة، بينما يتم التعتيم على القضايا الجوهرية المتعلقة بالسيادة وحقوق الفلسطينيين. ويؤكد أن أي حديث عن مستقبل غزة يجب أن يكون مرتبطاً بحل القضية الفلسطينية بشكل عادل وشامل، بما في ذلك إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

التركيز على نزع السلاح والقضايا الأمنية

يركز المشروع بشكل كبير على القضايا الأمنية، مثل نزع سلاح المقاومة وإبعاد حركة حماس عن الحكم. في المقابل، هناك صمت شبه كامل حول انسحاب إسرائيل من القطاع، أو التزامها بإنهاء السيطرة الأمنية. وهذا الأمر يثير مخاوف لدى الفلسطينيين من أن المشروع يهدف إلى فرض حلول من الخارج، دون مراعاة إرادتهم ومصالحهم.

وفي سياق متصل، يشير الدكتور المصري إلى أن الخطة قد تتضمن إنشاء مناطق عازلة تحت السيطرة الإسرائيلية، وهو ما يرفضه الفلسطينيون بشدة. ويعتبر أن هذا الأمر يمثل تهديداً للسيادة الفلسطينية، ويقوض أي فرصة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. كما يثير تساؤلات حول الجهة التي ستتحمل كلفة المشروع، وما إذا كانت الولايات المتحدة ستفي بالتزاماتها المالية.

غموض يكتنف مستقبل غزة

يختتم الدكتور المصري بالتحذير من أن الغموض الحالي يخدم الطرف الأقوى على الأرض، أي الاحتلال الإسرائيلي. ويؤكد أن استمرار الوضع الراهن، أو الذهاب نحو حلول تفرض من الخارج، لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد المعاناة والدوران في حلقة مفرغة. ويشدد على أهمية معالجة جذور الصراع، والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، كشرط أساسي لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

من المتوقع أن تقدم الولايات المتحدة المزيد من التفاصيل حول مشروع “شروق الشمس” في الأسابيع القادمة، وأن تبدأ في التنسيق مع الدول الإقليمية لجمع التمويل اللازم. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من التحديات والعقبات التي تواجه المشروع، بما في ذلك الوضع السياسي المعقد في غزة، والمخاوف الفلسطينية من فقدان السيادة، والشكوك حول مدى التزام الولايات المتحدة والدول الإقليمية بتمويله. سيكون من المهم مراقبة التطورات على الأرض، وتقييم مدى تأثير المشروع على حياة الفلسطينيين في غزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى