جراح لا تلتئم.. شتاء غزة يضاعف عذابات المصابين ومبتوري الأطراف

في قطاع غزة، يمثل فصل الشتاء تحديًا إضافيًا للمدنيين، خاصةً المصابين وذوي الإعاقة الذين يعانون بالفعل من ظروف صحية وإنسانية صعبة. ومع انخفاض درجات الحرارة وتدهور الخدمات الأساسية، تتفاقم معاناة هذه الفئات، وتزداد المخاطر التي تهدد حياتهم. هذا الوضع يتطلب اهتمامًا عاجلاً وتوفير الدعم اللازم للتخفيف من وطأة البرد والألم.
تتسبب الظروف المعيشية القاسية، بما في ذلك نقص المأوى المناسب والتدفئة، في تفاقم الإصابات الموجودة وزيادة خطر حدوث مضاعفات صحية. يعيش العديد من المصابين في خيام أو منازل متضررة لا توفر الحماية الكافية من العوامل الجوية، مما يجعلهم عرضة للإصابة بأمراض الشتاء والالتهابات.
معاناة المصابين في غزة
تظهر تقارير ميدانية من مناطق مختلفة في قطاع غزة أن المصابين يواجهون صعوبات جمة في الحصول على الرعاية الصحية اللازمة. بالإضافة إلى الألم الجسدي الناتج عن الإصابات، يعانون من نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، مما يعيق عملية الشفاء ويؤدي إلى تفاقم حالتهم الصحية.
يواجه حمزة، وهو شاب مصاب، صعوبة خاصة في التعامل مع البرد. المثبتات المعدنية في ساقه، والتي تعتبر ضرورية لالتئام الكسر، تنقل البرودة مباشرة إلى العظام والعضلات، مما يزيد من حدة الألم ويجعل النوم صعبًا. يضطر حمزة إلى الاهتمام بأطفاله وإدارة إصابته في نفس الوقت، في ظل ظروف معيشية صعبة.
نقص الرعاية الصحية يشكل تحديًا رئيسيًا آخر. يفتقر القطاع إلى عدد كافٍ من المرافق الطبية والموظفين المؤهلين لتقديم الرعاية اللازمة للمصابين. وبحسب تقارير وزارة الصحة الفلسطينية، فإن العديد من المستشفيات والمراكز الصحية تعمل في ظروف صعبة للغاية، وتعاني من نقص حاد في الإمدادات والمعدات.
تأثير البرد على الإصابات
يوضح الأطباء أن انخفاض درجات الحرارة يمكن أن يؤثر سلبًا على عملية التئام الجروح والكسور. البرد يقلل من تدفق الدم إلى الأطراف، مما يعيق وصول الأكسجين والمواد المغذية اللازمة لإصلاح الأنسجة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي البرد إلى تقلص العضلات وتصلبها، مما يزيد من الألم ويجعل الحركة صعبة.
المثبتات الخارجية، على الرغم من أهميتها في تثبيت الكسور، يمكن أن تصبح مصدرًا إضافيًا للألم في الطقس البارد. المعادن المستخدمة في هذه المثبتات تنقل البرودة إلى العظام والعضلات، مما يزيد من الانزعاج ويؤخر عملية الشفاء.
لا تقتصر المعاناة على المصابين الذين يعيشون في الخيام. يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة أيضًا تحديات كبيرة في الحصول على المساعدة والدعم اللازمين. يجد الكثيرون صعوبة في التنقل في الأنقاض والطرق الوعرة، مما يجعلهم عرضة لخطر السقوط والإصابة. الأمن يمثل قلقًا إضافيًا، حيث أنهم قد يكونون أقل قدرة على الهروب من المواقف الخطرة.
الوضع الإنساني وتحديات الشتاء
تتفاقم هذه المشاكل في ظل الوضع الإنساني العام في قطاع غزة، والذي يعاني من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء. تؤثر الظروف المعيشية الصعبة سلبًا على الصحة العامة للمدنيين، وتزيد من خطر انتشار الأمراض المعدية. الأمطار الغزيرة تتسبب في فيضانات وبرك مياه، مما يزيد من صعوبة الحياة ويجعلها أكثر خطرًا.
وتنبع المشكلة الأساسية من استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي يحد من وصول المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية. كما أن تدهور البنية التحتية في القطاع، نتيجة للنزاعات المتكررة، يزيد من صعوبة التعامل مع تحديات الشتاء.
من المتوقع أن يستمر الطقس البارد والماطر في قطاع غزة خلال الأسابيع القادمة. هذا يستدعي تكثيف الجهود لتوفير المساعدات الإنسانية للمدنيين، خاصةً المصابين وذوي الإعاقة. من الضروري أيضًا العمل على إصلاح البنية التحتية المتضررة وتحسين الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والمأوى والتدفئة. يبقى الوضع معقداً وغير مؤكد، ويعتمد على تطورات الأوضاع السياسية والإنسانية في المنطقة.





