حركة “23 مارس” تأسر جنودا بورونديين بعد أيام من اتفاق واشنطن

أعلنت حركة 23 مارس، وهي جماعة متمردة نشطة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، عن أسرها المئات من الجنود البورونديين خلال الاشتباكات الأخيرة. يأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتحديات تواجه اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه مؤخرًا برعاية الولايات المتحدة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الاستقرار في المنطقة وفعالية الجهود الدبلوماسية المبذولة. هذا التطور يضع الضغط على بوروندي ورواندا والكونغو الديمقراطية لتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاق.
صرح باتريك بوسو بوا، الحاكم المعين من قبل الحركة لإقليم كيفو الجنوبي، بأن الجنود البورونديين أسروا أثناء مشاركتهم في القتال، وأن الحركة مستعدة لإعادتهم إلى بلادهم بشرط تقديم بوروندي طلبًا رسميًا. وأضاف أن الحركة تطالب بانسحاب جميع القوات البوروندية من الأراضي الكونغولية وعودتها إلى ديارها بسلام. لم تصدر الحكومة البوروندية أي تعليق رسمي حتى الآن على هذه المزاعم.
تصاعد التوترات وتهديد اتفاق السلام
يأتي هذا الهجوم بعد أيام قليلة من سيطرة حركة 23 مارس على بلدة أوفيرا الاستراتيجية بالقرب من الحدود مع بوروندي. وقد أثار هذا التقدم مخاوف بشأن قدرة الاتفاق الأخير على تحقيق الاستقرار في المنطقة. في الرابع من ديسمبر، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورؤساء رواندا والكونغو الديمقراطية اتفاقًا يهدف إلى إنهاء الصراع المستمر منذ عقود في شرق الكونغو الغني بالموارد.
وينص الاتفاق على وقف إطلاق النار، واحترام وحدة الأراضي الكونغولية، وضمان سيادة الكونغو الديمقراطية على مواردها المعدنية. ومع ذلك، فإن استمرار الاشتباكات وأسر الجنود يشير إلى أن التنفيذ الفعلي للاتفاق يواجه صعوبات كبيرة. الوضع الأمني في المنطقة يظل هشًا للغاية.
اتهامات متبادلة ودور القوى الإقليمية
تتهم كل من الأمم المتحدة والحكومة الكونغولية رواندا بدعم حركة 23 مارس، وهو اتهام تنفيه رواندا بشدة. في المقابل، تتهم رواندا القوات الكونغولية والبوروندية بتجديد القتال. هذه الاتهامات المتبادلة تعقد جهود السلام وتزيد من حدة التوتر بين الدول المعنية.
تعتبر حركة 23 مارس من الجماعات المتمردة الرئيسية في شرق الكونغو الديمقراطية، وتتكون بشكل كبير من أعضاء من قبيلة التوتسي. تأسست الحركة بعد انهيار اتفاق السلام عام 2009، وتسعى إلى تحقيق مطالب سياسية واقتصادية لأفراد قبيلتها. الصراع في المنطقة له جذور تاريخية عميقة تتعلق بالهوية العرقية والسيطرة على الموارد.
انتقد وزير الخارجية البوروندي، إدوارد بيزيمانا، الاتفاق ووصف عدم تنفيذه بأنه “إهانة للجميع”، خاصةً للرئيس ترامب الذي رعى المحادثات. وأكد على أهمية الالتزام الكامل بالاتفاق من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
من جانبه، أعرب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن قلقه إزاء تصرفات رواندا في شرق الكونغو، واصفًا إياها بأنها انتهاك لاتفاقيات واشنطن. وأشار إلى أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات لضمان وفاء رواندا بالتزاماتها. هذا التحذير يعكس الضغط الأمريكي المتزايد على رواندا للعب دور بناء في عملية السلام.
تعتبر قضية الموارد الطبيعية، وخاصة المعادن الثمينة، من العوامل الرئيسية التي تغذي الصراع في شرق الكونغو الديمقراطية. تسعى الجماعات المسلحة إلى السيطرة على هذه الموارد لتمويل عملياتها وتعزيز نفوذها.
الوضع الحالي يمثل اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام الأطراف المعنية باتفاق السلام. من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من الجهود الدبلوماسية للضغط على حركة 23 مارس وبوروندي ورواندا لتهدئة التوترات والعودة إلى طاولة المفاوضات.
يبقى مستقبل الاستقرار في شرق الكونغو الديمقراطية غير مؤكد. يتوقف تحقيق السلام الدائم على معالجة الأسباب الجذرية للصراع، وتعزيز الحوار بين الأطراف المتنازعة، وضمان توزيع عادل للموارد الطبيعية. من الضروري مراقبة تطورات الوضع عن كثب وتقييم مدى فعالية الجهود المبذولة لحل الأزمة.





