الجزيرة نت تقرأ مشهد الجنوب اللبناني على ألسنة المواطنين
جنوب لبنان- الصمت سيد الموقف في جنوب لبنان عند الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة، البالغ طوله قرابة 79 كيلومترا، وشهدت مناطق عدة منها توترات ومناوشات بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي، شملت قصفا وقصفا مضادا أوقع قتلى وجرحى من الجانبين.
منذ دخولنا إلى منطقة الشريط الحدودي المحاذية للشريط الفاصل بين الأراضي اللبنانية والفلسطينية، التي بقيت تحت الاحتلال الإسرائيلي حتى انسحابه منها سنة 2000، وجدنا كل شيء ينذر بسخونة المعارك التي حصلت، وربما ستحصل في الساعات القليلة القادمة، مع كل رد من الجانبين اللبناني والإسرائيلي.
ووجدنا المحال التجارية مقفلة إقفالا شبه تام، وحركة السير شبه معدومة مقارنة بالأيام الطبيعية، أما حركة الناس فكانت خجولة.
جرأة
هناك من بقي في بيته وأرضه ولم يتركهم تحت أي ظرف، وبمجرد صعود طلعة العديسة، تصادفك مجموعة من الشبان يقفون على قارعة الطريق في مكان مشرف على الأراضي المحتلة يصورون المنطقة المحاذية التي تظهر منها مستوطنة المطلّة، التي استهدف فيها حزب الله جيبا إسرائيليا أمس الأربعاء.
طلال الغول (40 عاما) من بلدة ميس الجبل الحدودية يؤكّد -للجزيرة نت- أنه “لدى الشعب اللبناني كامل الجرأة للسير قريبا جدا من الحدود مع فلسطين، غير آبه بما قد يقدم عليه العدو الذي يرتكب المجازر اليومية بحق الشعب الفلسطيني”.
ويضيف “نحن لسنا خائفين، بل الإسرائيلي هو المرتعب والخائف، فنحن لدينا الثقة التامة بمقاومتنا التي لن تتوانى في الرد على أي اعتداء إسرائيلي على لبنان”.
أما محمد القادري (30 سنة) من بلدة غزة في البقاع الغربي شرقي لبنان، فقدم من بلدته برفقة صديقه للاطلاع على المنطقة، ويؤكد أنه غير خائف على الإطلاق مما يحصل، وقد أمضى ساعة ونصف الساعة من بلدته إلى نقطة العديسة، لكي يرى الأراضي المحتلة من كثب.
وضع متأزم
يقول محمد القادري للجزيرة نت، إن جو الحذر هو المسيطر حيث اعتاد رؤية حركة كثيفة من الناس والسيارات، ويعدّ ذلك أمرا طبيعيا في ظل وضع متأزم كهذا.
وبدخولنا بلدة العديسة، صادفنا محمد رمّال صاحب مقهى صغير لا يبعد أكثر من 10 أمتار عن الجدار الفاصل بين لبنان وفلسطين، ويؤكد أن الجو هادئ نوعا ما وتخرقه بين الحين والآخر بعض المناوشات.
ويقول محمد رمال للجزيرة نت، “رغم الحذر الموجود فإن هناك ثقة كبيرة لدى المواطنين بوجود المقاومة وبدورها الفاعل والرادع لأي حماقة إسرائيلية، ونحن مع الجيش والشعب والمقاومة”.
وصلنا إلى قرية مركبا وظهر لنا موقع إسرائيلي لجهة بلدة هونين المحتلة، وتقدمنا نحو بلدة حولا وظهر -أيضا- موقع العباد الإسرائيلي في أول البلدة، وكان هذان الموقعان في الفترة السابقة يضجّان بالجنود الإسرائيليين، أما اليوم فلا أثر لهم.
ووصلنا إلى بلدة ميس الجبل وظهرت لنا مستوطنة المنارة التي شهدت معارك عديدة بين المقاومة والجيش الإسرائيلي، وأقفلت معظم محالها التجارية أبوابها، وصادفنا حسن طه يهم بالنزول إلى بيروت مع عائلته، الذي أكد -للجزيرة نت- شعوره بالحذر الشديد داخل البلدة وعلى طول الشريط الحدودي.
تدبير احترازي
ورأى حسن أنه من الطبيعي أن تخرج العائلات من البلدات الحدودية توخيا لما قد تؤول إليه الأوضاع في الأيام القادمة، حيث لجأ العديد من الأسر إلى بيروت، أو لمناطق في جبل لبنان، ضمن التدابير الاحترازية.
وأضاف “جيش العدو غدّار ولا يعير أي اهتمام للمدنيين وعلينا أن نتوقع منه كل شيء، فهو يتعمد قصف المدنيين لذلك توجهنا إلى العاصمة، ونحن على ثقة تامة بالمقاومة التي ستحمي كل لبنان من جنون الاحتلال”.
رجعنا إلى بلدة دير ميماس قضاء مرجعيون، حيث لم يستطع أهالي البلدة والمنطقة الحدودية النزول إلى بساتينهم لقطف الزيتون قبل أيام مع احتدام المعارك المتفرقة، أما اليوم ومع هدوء الحال نسبيا، خرج عدد منهم لقطف ما تيسر استغلالا للوقت، وخوفا من تطور الأحداث في الأيام القادمة.
دخلنا إلى معصرة دير ميماس وصادفنا خليل حرفوش الذي يعمل مزارعا من البلدة يقول -للجزيرة نت-، إنه لم يقطف كل محصوله من الزيتون نظرا لسوء الأوضاع، بعد قصف قوات الاحتلال مرات عدة نقاط مختلفة في البلدة، مما هدد سلامة السكان.
هلع وخوف
وأضاف أن هذا القصف المتكرر أدى كذلك إلى ندرة اليد العاملة التي تتردد بالنزول إلى العمل في أوضاع أمنية صعبة، ويأمل في استمرار الهدوء حتى يتمكن من قطف كل محاصيله ولا يتكبد خسائر اقتصادية.
أما عن جهة المستوطنات الإسرائيلية، فكانت المواقع الإسرائيلية خالية تماما، ولا توجد دوريات سيارات بمحاذاة جدار الفصل التي اعتاد الجنوبيون رؤيتها، ولا أثر لوجود حياة فيها على الإطلاق، إذ أخليت تماما في الساعات الماضية بعد تعرضها لقصف صاروخي.
يعزو اللبنانيون الذين صادفناهم سبب هلع الجانب الإسرائيلي إلى خوفه من المقاومة في لبنان، التي توعدت دائما بالدخول إلى المستوطنات والسيطرة على الجليل، وأكدت أن الإسرائيلي “وافد إلى هذه الأرض وعاجلا أو آجلا سيرحل عنها، وستعود إلى أهلها الفلسطينيين واللبنانيين مهما طال الزمن”.
وخلال إعداد هذا التقرير، عادت واندلعت مواجهات في ميس الجبل وبليدا وعيترون، حيث ردت المقاومة على القصف الإسرائيلي للأراضي اللبنانية بقصف مستوطنة المنارة ونقاط عسكرية إسرائيلية عديدة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والمالكية.