خروق الاحتلال بغزة تثير قلق التهجير شرق “الخط الأصفر”

شهد قطاع غزة، صباح اليوم الثلاثاء الموافق 23 ديسمبر 2025، تصعيدًا جديدًا في العمليات العسكرية الإسرائيلية، مع غارات جوية مكثفة استهدفت مناطق شرقي دير البلح وخان يونس ورفح. وتثير هذه التطورات مخاوف متزايدة لدى السكان من احتمال حدوث تهجير جماعي نحو المناطق الغربية، خاصةً مع استمرار القصف والتوغلات في المناطق الحدودية.
وأفادت مصادر ميدانية بأن الغارات تركزت على مناطق انتشار القوات الإسرائيلية، بينما تشير تقارير أخرى إلى عمليات تمشيط وإطلاق نار بالقرب من “الخط الأصفر” الذي يمثل منطقة عازلة بين القوات الإسرائيلية والمناطق السكنية. وقد أدت هذه العمليات إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين، مع صعوبة وصول الطواقم الطبية إلى المصابين بسبب استمرار القصف.
الوضع الإنساني وتصاعد المخاوف من التهجير
تأتي هذه التطورات في ظل وضع إنساني كارثي يعاني منه قطاع غزة، حيث يواجه أكثر من 1.6 مليون شخص انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، وفقًا لمنظمة الأمن الغذائي المتكامل. كما تعاني المستشفيات والمنشآت الصحية من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، مما يعيق قدرتها على تقديم الرعاية اللازمة للمصابين والمرضى.
وتشير التقارير إلى أن القصف الإسرائيلي يهدف إلى الضغط على السكان وتهجيرهم من مناطقهم، وهو ما يرفضه الفلسطينيون بشدة. ويؤكد العديد من السكان أنهم يفضلون البقاء في منازلهم وأراضيهم، حتى في ظل الظروف الصعبة، على أن يتعرضوا للتهجير القسري.
خروق مستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار
أدان رئيس بلدية خان يونس، علاء البطة، القصف الإسرائيلي ووصفه بأنه “خروق لاتفاق وقف إطلاق النار” القائم. وأضاف أن هذه الخروق تهدف إلى “تهجير الناس من مناطقهم” وتفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن الاحتلال الإسرائيلي نفذ أكثر من 875 خرقًا للاتفاق منذ دخوله حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، مما أسفر عن استشهاد 411 شخصًا وإصابة 1112 آخرين.
وتواجه جهود إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة صعوبات كبيرة بسبب القيود الإسرائيلية. فقد أوضح المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن متوسط دخول الشاحنات المحملة بالمساعدات لا يزال أقل بكثير من المعدل المطلوب، حيث يدخل حوالي 244 شاحنة يوميًا، في حين ينص الاتفاق على دخول 600 شاحنة.
تأثير القصف على البنية التحتية
تسبب القصف الإسرائيلي في دمار واسع النطاق للبنية التحتية في قطاع غزة، بما في ذلك المنازل والمباني والمؤسسات الحكومية والمدنية. وقد أدى ذلك إلى نزوح مئات الآلاف من السكان الذين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم. وتشير التقديرات إلى أن الآلاف من الوحدات السكنية قد دمرت بشكل كامل أو جزئي، مما يزيد من معاناة السكان ويؤخر جهود إعادة الإعمار.
وفي هذا السياق، أكدت رئيسة المكتب الإعلامي الإقليمي لمنظمة “أطباء بلا حدود”، إيناس أبو خلف، أن قوات الاحتلال تنتهج سياسة انتقائية في السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وأن الكميات المسموح بدخولها لا تكفي لتلبية احتياجات السكان المتزايدة. وتدعو المنظمة إلى رفع القيود المفروضة على إدخال المساعدات وضمان وصولها إلى جميع المحتاجين في القطاع.
من المتوقع أن تستمر التوترات في قطاع غزة خلال الأيام القادمة، مع احتمال استمرار القصف والتوغلات الإسرائيلية. وتعتمد التطورات المستقبلية على مدى التزام الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار، وعلى الجهود المبذولة لتحسين الوضع الإنساني في القطاع. ويراقب المجتمع الدولي عن كثب الوضع في غزة، ويحث الأطراف على التوصل إلى حل سلمي يضمن حقوق الفلسطينيين ويحقق الأمن والاستقرار في المنطقة. الوضع الإنساني في غزة (التهجير، الأمن الغذائي، المساعدات) يظل هشًا ويتطلب تدخلًا عاجلاً.




