دراسة: الاستهلاك المعتدل للقهوة والشاي يعزز صحة الجهاز التنفسي

كشف علماء من جامعة إديث كوان الأسترالية عن وجود صلة إيجابية بين الاستهلاك المعتدل للشاي والقهوة وتحسين صحة الرئة. وأظهرت دراسة حديثة شملت مئات الآلاف من المشاركين أن تناول كميات معتدلة من هذه المشروبات قد يقلل من خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي المزمنة مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن والربو. هذه النتائج تقدم رؤى جديدة حول العوامل الغذائية التي قد تؤثر على وظائف الرئة.
أجريت الدراسة، التي نُشرت نتائجها مؤخرًا، على بيانات من مشروع البنك الحيوي البريطاني، والذي يضم معلومات صحية تفصيلية لمجموعة واسعة من السكان. وشملت عينة البحث حوالي 367 ألف مشارك، وتم تحليل بياناتهم لتقييم العلاقة بين عادات استهلاك الشاي والقهوة ومؤشرات صحة الرئة المختلفة.
فوائد الشاي والقهوة لصحة الرئة
أظهرت التحليلات أن الاستهلاك المنتظم للشاي والقهوة بكميات معتدلة – ما يعادل نصف كوب إلى كوبين يوميًا – يرتبط بتحسين وظائف الرئة بشكل عام. وتشمل هذه الوظائف حجم الزفير القسري والسعة الحيوية للرئة، وهما مقياسان مهمان لتقييم كفاءة الجهاز التنفسي. بالإضافة إلى ذلك، ارتبط الاستهلاك المعتدل لهذه المشروبات بانخفاض مستويات الالتهاب في الجسم.
آلية التأثير المحتملة
يعتقد الباحثون أن هذه الفوائد قد تعزى إلى الخصائص المضادة للأكسدة والمضادة للالتهابات الموجودة في كل من الشاي والقهوة. تحتوي هذه المشروبات على مركبات مثل البوليفينول والكافيين، والتي قد تساعد في حماية الرئتين من التلف الناتج عن الجذور الحرة والملوثات البيئية. ومع ذلك، يشددون على أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم الآليات الدقيقة التي تكمن وراء هذه العلاقة.
ووفقًا للدراسة، يبدو أن القهوة تقدم فائدة إضافية من خلال تقليل خطر الإصابة بالربو لدى البالغين. هذا الاكتشاف يثير اهتمامًا خاصًا، حيث أن الربو هو أحد أكثر الأمراض المزمنة شيوعًا في جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك، أظهرت التحليلات أيضًا أن الاستهلاك المرتفع للشاي قد يكون مرتبطًا بزيادة خطر الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن لدى الأشخاص الذين لم يدخنوا قط. لكن هذا الارتباط تلاشى بعد استبعاد المشاركين الذين أبلغوا عن أعراض تنفسية سابقة، مما يشير إلى أن الشاي قد لا يكون له تأثير سلبي على الرئة لدى الأفراد الأصحاء.
من المهم ملاحظة أن الباحثين لم يجدوا تأثيرًا مماثلاً للاستهلاك المرتفع للقهوة على مرض الانسداد الرئوي المزمن. وهذا يشير إلى أن تأثير الشاي والقهوة على صحة الرئة قد يكون مختلفًا، ربما بسبب الاختلافات في تركيبهما الكيميائي.
أكد فريق البحث على أهمية الاعتدال في استهلاك الشاي والقهوة. ففي حين أن الكميات المعتدلة قد تقدم فوائد صحية، فإن الإفراط في تناولها لا يعزز هذه الفوائد وقد يكون مرتبطًا بعوامل صحية أخرى سلبية.
يشير الخبراء إلى أن هذه النتائج لا تعني أن الشاي والقهوة هما علاج لأمراض الرئة، بل هما جزء من نمط حياة صحي شامل. يجب على الأفراد الذين يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي استشارة الطبيب للحصول على التشخيص والعلاج المناسبين.
تعتبر هذه الدراسة إضافة قيمة إلى الأبحاث المتزايدة التي تستكشف العلاقة بين النظام الغذائي وصحة الرئة. وتسلط الضوء على الدور المحتمل الذي يمكن أن تلعبه المشروبات الشائعة مثل الشاي والقهوة في الحفاظ على وظائف الرئة الجيدة والوقاية من الأمراض التنفسية.
من الجدير بالذكر أن الدراسة اعتمدت على بيانات ذاتية الإبلاغ، مما قد يكون عرضة للتحيز. بالإضافة إلى ذلك، لم تتمكن الدراسة من إثبات علاقة سببية مباشرة بين استهلاك الشاي والقهوة وصحة الرئة، بل أظهرت فقط وجود ارتباط.
في المستقبل، يخطط الباحثون لإجراء المزيد من الدراسات لتأكيد هذه النتائج واستكشاف الآليات البيولوجية التي قد تفسر العلاقة بين الشاي والقهوة وصحة الرئة. كما يهدفون إلى تحديد ما إذا كانت هناك أنواع معينة من الشاي أو القهوة أكثر فائدة من غيرها. من المتوقع أن تكون هناك تحديثات حول هذه الأبحاث في غضون العامين المقبلين.
الكلمات المفتاحية: صحة الرئة، الشاي، القهوة، أمراض الجهاز التنفسي، الربو، مرض الانسداد الرئوي المزمن.





