Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

دموع هيام عباس تروي نكبة عائلتها خلال تكريمها في مهرجان القاهرة

تأثرت الممثلة الفلسطينية العالمية هيام عباس بالدموع أثناء استعراضها تجربتها في فيلم “باب الشمس” للمخرج يسري نصر الله، مؤكدة أن هذا العمل السينمائي الذي يتناول قصة النكبة الفلسطينية عام 1948 أعاد إلى ذاكرتها حكايات عائلتها ومعاناة جدها الذي فقد منزله وذاكرته. هذا التكريم يأتي ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46، حيث تُكرّم عباس بجائزة إنجاز العمر تقديراً لمسيرتها الفنية الممتدة.

جاءت تصريحات عباس خلال جلسة حوارية بعنوان “حوار مع هيام عباس: رحلة بلا حدود في عالم التمثيل والإخراج”، حيث استعرضت محطات رئيسية في حياتها المهنية والشخصية. وتعد عباس من أبرز الممثلات العربيات اللاتي حققن نجاحاً عالمياً، وشاركت في العديد من الأفلام والمسلسلات المرموقة، مما جعلها رمزاً للإبداع والتميز في مجال السينما العربية.

رحلة هيام عباس الفنية: من المسرح إلى العالمية

بدأت هيام عباس مسيرتها الفنية على خشبة المسرح المدرسي، حيث اكتشفت شغفها بالتمثيل وقدرتها على التأثير في الجمهور. وتقول إنها لم تكن تمتلك رؤية واضحة لمستقبلها، لكنها شعرت بقوة التعبير من خلال تجسيد الشخصيات المختلفة. وقد أدت دور الأم في إحدى المسرحيات، ولاحظت تأثر الحاضرين، مما عزز قناعتها بموهبتها وقدرتها على إيصال المشاعر بصدق.

انتقلت عباس بعد ذلك إلى المجال السينمائي، حيث تعاونت مع المخرج ميشيل خليفي في بداية مسيرتها. وتوضح أنها كانت تعيش في قرية بعيدة عن عالم الفنون، وعملت في مسرح الحكواتي قبل أن تتاح لها الفرصة للمشاركة في فيلم لخليفي. وتؤكد أن هذه التجربة كشفت لها علاقتها الحقيقية بالكاميرا، وفتحت أمامها آفاقاً جديدة لاكتشاف قدراتها كممثلة.

بدايات في أوروبا وتحديات الهوية

شددت هيام عباس على أنها لم تغادر إلى أوروبا بهدف احتراف التمثيل، بل كانت تبحث عن مساحة أكبر من الحرية كامرأة عربية تسعى لتحقيق ذاتها بعيداً عن القيود الاجتماعية والسياسية. وأضافت أنها فكرت في افتتاح سيرك في لندن كنوع من التعبير عن هذه الحرية، لكنها أدركت لاحقاً أن التمثيل هو المجال الذي يمكنها من خلاله تحقيق طموحاتها.

وتطرقت عباس إلى رحلتها إلى أوروبا عام 1988، ومشاركتها في فيلم “وداعاً طبرية” الذي أخرجته ابنتها لينا سويلم، ويتناول تاريخ نساء عائلتها. وقالت إنها كانت تخشى أن يتحول الفيلم إلى سرد شخصي بحت، لكن لينا أرادت أن تروي ذاكرة متصلة لأربع نساء، تمثل كل واحدة منهن حقبة مختلفة. وشعرت عباس بمسؤولية تجاه الذاكرة الجماعية في فلسطين، من خلال قصتها الشخصية.

الذاكرة الفلسطينية والالتزام الفني في أعمال هيام عباس

مع دخولها تجربة الأمومة، خصصت هيام عباس وقتها لتعلم اللغة الفرنسية بجدية، واستغرق الأمر أربع سنوات قبل أن تبدأ التمثيل بها. وتصف هذه المرحلة بأنها ثمرة المثابرة والإصرار اللذين قاداها إلى ما تطمح إليه. وعلى الرغم من نجاحها العالمي، بقي سؤال الهوية حاضراً في مسيرتها، وتؤكد أنها فلسطينية وعربية، ولا يمكنها تجاوز هذا الانتماء.

وتضيف: “في كل عمل عربي أشارك فيه، أعتبر أن عليّ إتقان اللغة واللهجة بدقة لأقدم شخصية متماسكة”. ولا تختار عباس أدوارها بناءً على جنسية الشخصية، بل وفقاً لقيمة القصة وما تحمله من أفكار، وتفضل مفهوم مشاركة رسالة وطرح الأسئلة بدلاً من إيصال رسالة.

كما تحدثت عباس عن تعاونها مع عدد من المخرجات العربيات، مثل نجوى نجار وماري جاسر ورجاء العماري وابنتها لينا سويلم، مؤكدة أنها شعرت بمسؤولية لدعمهن، خاصة في بداياتهن، طالما كانت المشاريع تناسبها فنياً. وتعتبر تجربتها مع رجاء العماري ومع المنتجة درة بوشوشة محطة مهمة في مشوارها، حيث تحدين القيود معاً لتقديم فيلم أثار جدلاً واسعاً.

“غزة مونامور” والالتزام بقضايا المجتمع

تحدثت هيام عباس عن تعاونها مع عرب وطرزان ناصر، وقالت إن العلاقة بدأت بروح أمومية ثم تحولت إلى احترام مهني كبير. وأضافت: “أعجبني أسلوبهما الإنساني في السرد. وأنا لم أوافق يوماً على عمل من أجل المال، فالقيمة الفنية وحدها تحدد اختياراتي”. وتعد مشاركتها في فيلم “غزة مونامور” مثالاً على التزامها بقضايا المجتمع وقدرتها على تجسيد الشخصيات المعقدة بصدق وإقناع.

تعد هيام عباس واحدة من أبرز الوجوه العربية في المشهد السينمائي الدولي، إذ اشتهرت بأدائها العميق في أعمال بارزة مثل العروس السورية وغزة مون آمور والزائر. وعرفت بقدرتها على مزج الحساسية الإنسانية بالقوة الدرامية في كل شخصية تجسدها، مما جعلها محط إعجاب النقاد والجمهور على حد سواء.

من المتوقع أن يستمر مهرجان القاهرة السينمائي في تكريم المبدعين العرب، وأن يشكل منصة لتقديم أعمال سينمائية جديدة تعكس قضايا المجتمع وتساهم في إثراء الحركة الفنية. وستظل مسيرة هيام عباس الفنية مصدر إلهام للأجيال القادمة من الممثلين والمخرجين، وستبقى أعمالها شاهدة على التزامها بقيم الفن والإبداع. وينتظر الجمهور بفارغ الصبر أعمالها القادمة، ويتطلعون إلى رؤية المزيد من الإبداع والتميز في مسيرتها الفنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى