قررت الحكومة البريطانية، برئاسة كير ستارمر، إجراء تعديلات على ضريبة الميراث لتخفيف الأعباء على المزارعين وأصحاب الممتلكات الزراعية، وذلك بعد احتجاجات واسعة النطاق قادها مزارعون غاضبون، شملت حتى إيقاف جراراتهم في شوارع لندن. تهدف هذه التعديلات إلى معالجة المخاوف المتعلقة باستمرارية الأعمال الزراعية والحفاظ على الأراضي الريفية، وهي قضية أثارت جدلاً واسعاً في الأشهر الأخيرة.
ووفقاً لصحيفة “تليغراف” البريطانية، رفعت الحكومة الحد الأدنى لتطبيق ضريبة الميراث على المزارعين إلى 2.5 مليون جنيه إسترليني، مقارنةً بالمليون جنيه إسترليني الذي كان مقترحاً في البداية. يعني هذا التعديل أن الأزواج والشركاء الذين يمتلكون أراضٍ زراعية أو منازل تتجاوز قيمتها الإجمالية 5 ملايين جنيه إسترليني لن يخضعوا للضريبة، طالما أن حصة كل فرد لا تتجاوز 2.5 مليون جنيه إسترليني.
تخفيف ضريبة الميراث: استجابة للاحتجاجات
جاءت هذه التعديلات استجابةً مباشرةً للاحتجاجات التي نظمها المزارعون، والتي شملت قيادة جراراتهم إلى العاصمة لندن تعبيراً عن رفضهم للضريبة المقترحة. أعرب المزارعون عن قلقهم من أن الضريبة ستجبرهم على بيع أراضيهم، مما يهدد سبل عيشهم واستدامة القطاع الزراعي في البلاد. وقد فرضت السلطات قيوداً على قيادة الجرارات في المدن، إلا أن المزارعين تحدوا هذه القيود للتعبير عن مطالبهم.
وأوضحت وزيرة البيئة البريطانية، إيما رينولدز، أن الحكومة تدرك أهمية دعم المزارعين، مشيرةً إلى أن العقارات الأكبر حجماً يجب أن تساهم بشكل أكبر في الإيرادات الضريبية. وأكدت في الوقت نفسه على التزام الحكومة بضمان استمرار القطاع الزراعي في لعب دوره الحيوي في الأمن الغذائي وإدارة البيئة. هذا التوازن بين زيادة الإيرادات الضريبية ودعم القطاع الزراعي كان محوراً رئيسياً في النقاشات الأخيرة.
ردود فعل إيجابية من قادة المزارعين
أعرب قادة المزارعين عن ارتياحهم للتعديلات التي أدخلتها الحكومة. غافين لين، رئيس جمعية الأراضي والأعمال الريفية، وصف التعديلات بأنها “إيجابية للغاية” وأنها ستخفف الضغط على آلاف المزارعين الذين كانوا يخشون فقدان مزارعهم بسبب الضرائب. وأضاف أن هذه التعديلات تمثل خطوة مهمة نحو ضمان مستقبل مستدام للقطاع الزراعي.
من جانبه، أشاد توم برادشو، رئيس الاتحاد القومي للمزارعين، بالاستجابة الحكومية، مؤكداً أن الحوار البناء مع ستارمر ورينولدز أثمر عن نتائج إيجابية. وأشار إلى أن هذه التعديلات تعكس فهماً أعمق للتحديات التي تواجه المزارعين وأهمية دعمهم. الأمن الغذائي والاستدامة الزراعية كانا من بين القضايا الرئيسية التي طرحها المزارعون خلال المفاوضات.
تأثير التعديلات على المزارع الصغيرة والمتوسطة
على الرغم من الإشادة الواسعة بالتعديلات، يرى بعض المحللين أنها قد لا تكون كافية لحماية المزارع الصغيرة والمتوسطة التي تمتلك أراضٍ ذات قيمة أقل. قد لا تزال هذه المزارع تواجه صعوبات في دفع الضرائب، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. التخطيط الضريبي وإدارة الممتلكات قد يصبحان أكثر أهمية لهذه المزارع في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك، يثير البعض مخاوف بشأن تأثير هذه التعديلات على الإيرادات الضريبية للحكومة. قد تحتاج الحكومة إلى إيجاد مصادر دخل بديلة لتعويض النقص المحتمل في الإيرادات الضريبية. هذا التحدي قد يؤدي إلى مزيد من النقاشات حول السياسات الضريبية في المستقبل.
من المتوقع أن يتم تطبيق هذه التعديلات على قانون الميراث بشكل كامل بحلول بداية العام المقبل. وسيتم مراقبة تأثير هذه التعديلات عن كثب من قبل الحكومة والمزارعين على حد سواء. من المهم أيضاً متابعة أي تطورات أخرى في السياسات الضريبية التي قد تؤثر على القطاع الزراعي في بريطانيا.
