“شاهدة على قوة الأمة”.. إليكم مواصفات وقدرات أحدث حاملة طائرات أعلن عنها ماكرون

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موافقته على بناء حاملة طائرات نووية جديدة، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على مكانة فرنسا كقوة عسكرية بحرية رائدة. ومن المتوقع أن تحل هذه الحاملة، التي ستبدأ الخدمة بحلول عام 2038، محل حاملة الطائرات شارل ديغول الحالية، مما يعزز القدرات الدفاعية الفرنسية في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة. هذا القرار يأتي في وقت تشهد فيه أوروبا تغيرات جيوسياسية كبيرة.
وجاء الإعلان خلال زيارة للرئيس ماكرون لقوات بلاده في أبو ظبي، حيث أكد على أهمية هذه الحاملة كرمز للقوة الفرنسية، وقدرات صناعتها وتكنولوجيتها، ودورها في الحفاظ على الأمن البحري. وتأتي الموافقة رغم المخاوف المتعلقة بالميزانية الحكومية الحالية.
حاملة الطائرات الجديدة: تعزيز النفوذ البحري الفرنسي
وستكون حاملة الطائرات الجديدة، والتي تعمل بالطاقة النووية، أكبر بكثير من سابقتها، حيث ستبلغ حمولتها حوالي 80 ألف طن وطولها يقارب 310 أمتراً، مقارنة بـ 42 ألف طن و261 متراً لحاملة الطائرات شارل ديغول. هذا الحجم المتزايد سيسمح لها بحمل ما يقارب 30 طائرة مقاتلة، مما يزيد من نطاق وقدرة الردع البحري الفرنسي. بالإضافة إلى ذلك، من الأهمية بمكان أن هذا الاستثمار في الأصول العسكرية يعزز قطاع الدفاع الفرنسي.
التوقيت والتحديات المالية
على الرغم من الأهمية الاستراتيجية للمشروع، فقد كان الإعلان الرسمي لبناء الحاملة الجديدة متوقعًا في ضوء الصعوبات المالية التي تواجهها الحكومة الفرنسية، خاصة فيما يتعلق بمشروع الموازنة. وذكرت وزيرة الجيوش الفرنسية كاترين فوتران أن السفينة الجديدة ستدخل الخدمة في عام 2038، وهو نفس الموعد المتوقع لتقاعد شارل ديغول التي بدأت عملياتها في عام 2001. هذا الجدول الزمني يضمن استمرار فرنسا في امتلاك حاملة طائرات عاملة.
وقبل الإعلان، اقترح بعض المشرعين الفرنسيين من الوسط واليسار تأجيل المشروع بسبب الضغوط على المالية العامة، مطالبين بإعادة تقييم الأولويات في ظل الأزمات الاقتصادية. ومع ذلك، فإن الحكومة الفرنسية أكدت على ضرورة المضي قدمًا في المشروع للحفاظ على الاستقلالية الاستراتيجية لفرنسا.
الأهمية الاستراتيجية والتأثيرات الجيوسياسية
تأتي هذه الخطوة في سياق سعي فرنسا لتعزيز دورها كقوة عسكرية رئيسية في أوروبا والعالم. فرنسا، التي لا تزال تحتفظ بمكانة مرموقة كواحدة من القوى العسكرية الرائدة في القارة، هي أيضًا إحدى خمس دول تمتلك أسلحة نووية معترف بها رسميًا. كما أنها تتمتع بحق النقض في مجلس الأمن الدولي، مما يمنحها نفوذًا كبيرًا في صنع القرار الدولي.
ومع ذلك، يشير المحللون إلى أن فرنسا تواجه تحديات متزايدة في الحفاظ على نفوذها في بعض مناطق أفريقيا، حيث شهدت عمليات سحب للقوات من مالي والسنغال وتشاد وكوت ديفوار وبوركينا فاسو والنيجر، في ظل تغير ديناميكيات العلاقات مع هذه الدول. بناءً على ذلك، يمكن اعتبار الاستثمار في حاملة الطائرات الجديدة محاولة لتعزيز مكانة فرنسا كقوة عالمية قادرة على حماية مصالحها في جميع أنحاء العالم.
كما أن بناء هذه الحاملة يعكس التزام فرنسا بدعم صناعة الدفاع المحلية، وتوفير فرص عمل متخصصة عالية التقنية. هذا الاستثمار من شأنه أن يساهم في تعزيز الابتكار التكنولوجي في قطاع الدفاع الفرنسي، ويعزز من قدرته التنافسية على المستوى الدولي.
الخطوة التالية ستكون إجراء دراسة شاملة خلال الصيانة الرئيسية القادمة لحاملة الطائرات شارل ديغول في عام 2029، لتقييم إمكانية تمديد عمرها التشغيلي لبضع سنوات بعد عام 2038. تعتمد هذه الإمكانية بشكل كبير على حالة المفاعلات النووية وهيكل السفينة. من الضروري مراقبة نتائج هذه الدراسة، وأي تأخير محتمل في بناء الحاملة الجديدة، بالإضافة إلى التطورات في البيئة الجيوسياسية التي قد تؤثر على أولويات فرنسا الدفاعية.





