شهدت صادرات الصين من السيارات الكهربائية نموًا ملحوظًا في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث ارتفعت بنسبة 87% على أساس سنوي لتصل إلى 199,836 مركبة. يعكس هذا الارتفاع مكانة الصين المتزايدة كلاعب رئيسي في سوق السيارات الكهربائية العالمي، وقدرتها على تلبية الطلب المتزايد على هذه المركبات في مختلف أنحاء العالم. وتأتي هذه الزيادة في ظل تحولات عالمية نحو تبني وسائل نقل أكثر استدامة.
وبحسب بيانات الجمارك الصينية، فإن صادرات السيارات الكهربائية إلى المكسيك شهدت قفزة هائلة بلغت 2367% على أساس سنوي، مسجلة 19,334 سيارة، وهو الأعلى بين جميع الدول والمناطق المستوردة. يشير هذا التوجه إلى اهتمام متزايد بالسيارات الكهربائية في أسواق أمريكا اللاتينية، واستعداد هذه الأسواق لتبني تقنيات جديدة في قطاع النقل.
تفوق صيني في سوق السيارات الكهربائية
تتصدر الصين حاليًا السباق العالمي نحو الهيمنة على سوق السيارات الكهربائية، مدفوعة بإنتاجها المتزايد وقدرتها التنافسية في الأسعار. وقد ساهم تراجع السياسات الداعمة في أوروبا، والتحديات التي تواجهها شركات صناعة السيارات الأمريكية، في تعزيز موقع الصين في هذا السوق. وتشير التقارير إلى أن الشركات الصينية تسعى بقوة إلى توسيع نطاق عملياتها في الأسواق الخارجية.
وتواجه الصادرات الصينية بعض العقبات، مثل الرسوم الجمركية المرتفعة في الولايات المتحدة، والتي تصل إلى 100% على المركبات، ورسوم مماثلة في الاتحاد الأوروبي تتراوح بين 17% و38% حسب الشركة المصنعة. ومع ذلك، فإن هذه الرسوم لم تمنع الشركات الصينية من تحقيق نمو كبير في صادراتها، خاصة إلى الأسواق الناشئة.
الأسواق الرئيسية لصادرات السيارات الكهربائية الصينية
تستحوذ الصين على حصة متزايدة من الأسواق الناشئة، حيث ارتفعت مبيعاتها بشكل ملحوظ في إندونيسيا وسنغافورة وفيتنام في جنوب شرق آسيا. كما تشهد أوروغواي والمكسيك والبرازيل ازدهارًا في مبيعات السيارات الكهربائية الصينية. وتعتبر البرازيل والمكسيك وإندونيسيا من بين أكبر 10 وجهات لصادرات السيارات الكهربائية الصينية، وذلك بفضل السياسات الحكومية الداعمة لتبني هذه السيارات.
وتشير بيانات حديثة إلى أن معظم نمو صادرات السيارات الكهربائية الصينية منذ منتصف عام 2023 جاء من أسواق خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ويؤكد محللون أن هذه الأسواق الناشئة ستلعب دورًا حاسمًا في مستقبل سوق السيارات العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، يشهد السوق الصيني المحلي تفوقًا واضحًا في مبيعات السيارات الكهربائية على السيارات التقليدية التي تعمل بالوقود الأحفوري. وتتجاوز حصة السيارات الكهربائية حاليًا 50% من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة شهريًا، مما يعكس التحول السريع نحو تبني هذه التقنية في الصين.
وتشهد صناعة السيارات الكهربائية تطورات متسارعة في مجال تكنولوجيا البطاريات، وأنظمة الشحن، والقيادة الذاتية. وتساهم هذه التطورات في تحسين أداء السيارات الكهربائية، وخفض تكاليفها، وزيادة جاذبيتها للمستهلكين. كما أن هناك اهتمامًا متزايدًا بتطوير البنية التحتية اللازمة لدعم انتشار السيارات الكهربائية، مثل محطات الشحن السريعة.
مستقبل السيارات الكهربائية وتحديات النمو
من المتوقع أن يستمر نمو سوق السيارات الكهربائية العالمي في السنوات القادمة، مدفوعًا بالسياسات الحكومية الداعمة، والوعي المتزايد بأهمية حماية البيئة، والتطورات التكنولوجية المستمرة. ومع ذلك، هناك بعض التحديات التي قد تعيق هذا النمو، مثل ارتفاع تكاليف البطاريات، ونقص المواد الخام اللازمة لتصنيعها، ومحدودية البنية التحتية للشحن في بعض المناطق.
وتشير التقديرات إلى أن مبيعات المركبات الكهربائية بالكامل على مستوى العالم ارتفعت بنسبة 35% خلال الربع الثالث من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وللمرة الأولى، تجاوزت حصة السيارات الكهربائية بالكامل حاجز 21% من إجمالي السيارات المبيعة عالميًا، أي ما يعادل سيارة واحدة من كل 5 سيارات.
وفي نهاية عام 2024، بلغ عدد السيارات الكهربائية على الطرقات حوالي 58 مليون مركبة، وهو ما يزيد عن ثلاثة أضعاف حجم الأسطول المسجل عام 2021. وتشير هذه الأرقام إلى أن التحول نحو السيارات الكهربائية يتسارع بوتيرة غير مسبوقة.
من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة المزيد من المنافسة بين الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية، مع إطلاق نماذج جديدة ومبتكرة. كما أن هناك توقعات بزيادة الاستثمارات في مجال تطوير البنية التحتية للشحن، وتوسيع نطاق شبكات الشحن السريع. وسيكون من المهم مراقبة التطورات في مجال السياسات الحكومية، وتأثيرها على نمو سوق السيارات الكهربائية.
