“ضايل عنا عرض”.. مقاومة الاحتلال بضحكة الأطفال

فرض السينما الفلسطينية حضورها بقوة في المهرجانات السينمائية العربية والعالمية، وخاصةً مهرجان القاهرة السينمائي. وفي دورة المهرجان الأخيرة، برزت أفلام فلسطينية تناولت القضية الفلسطينية من زوايا مختلفة، مع التركيز على حياة الفلسطينيين اليومية في ظل الظروف الصعبة. فيلم “ضايل عنا عرض” (One More Show)، وهو فيلم وثائقي مصري فلسطيني، أثار اهتمامًا كبيرًا في المهرجان، حيث يعرض قصة فرقة سيرك غزة الحر وكفاح فنانيها في مواجهة الاحتلال.
يعرض الفيلم، الذي حظي بعرضه العالمي الأول في مهرجان القاهرة السينمائي، حياة ستة فنانين من فرقة سيرك غزة الحر، وكيف يحاولون إضفاء البهجة على قلوب الأطفال في غزة رغم الظروف القاسية التي يعيشونها. يركز الفيلم على التحديات التي يواجهها هؤلاء الفنانون، ليس فقط بسبب الاحتلال، بل أيضًا بسبب الأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة في القطاع.
فنانو السيرك في مواجهة الاحتلال
تدور أحداث فيلم “ضايل عنا عرض” في غزة بعد أحداث أكتوبر 2023، حيث يواصل فناني السيرك تقديم عروضهم في ظل القصف والدمار. يقيمون عروضهم في الأماكن المفتوحة، وعلى أطلال المنازل المدمرة، وفي المدارس التي تحولت إلى ملاجئ للنازحين. يهدف هؤلاء الفنانون من خلال عروضهم إلى إدخال الفرح والبهجة إلى قلوب الأطفال الذين عانوا كثيرًا.
يعكس الفيلم التناقض الصارخ بين عالم السيرك المليء بالبهجة والألوان، والواقع المرير الذي يعيشه الفلسطينيون في غزة. يظهر الفيلم كيف يحاول هؤلاء الفنانون التغلب على الصعاب والتحديات، وكيف يستخدمون فنهم كوسيلة للمقاومة والتعبير عن هويتهم الوطنية.
تحديات الحياة اليومية
لا يقتصر الفيلم على عرض عروض السيرك، بل يتناول أيضًا حياة الفنانين الشخصية وتحدياتهم اليومية. يكشف الفيلم عن أحلامهم وطموحاتهم، وعن مخاوفهم وآمالهم. يظهر الفيلم كيف يعيش هؤلاء الفنانون في ظل الحصار والقصف، وكيف يحاولون الحفاظ على حياتهم الكريمة.
يتطرق الفيلم إلى قضايا مثل الفقدان والهجرة والبطالة، وهي قضايا تعاني منها غالبية الفلسطينيين في غزة. يظهر الفيلم كيف يحاول هؤلاء الفنانون التمسك بأملهم في مستقبل أفضل، وكيف يرفضون الاستسلام لليأس.
السينما كأداة للتعبير
يعتبر فيلم “ضايل عنا عرض” مثالًا على كيف يمكن للسينما أن تكون أداة قوية للتعبير عن القضايا الإنسانية والاجتماعية. يساهم الفيلم في تسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين في غزة، وفي إيصال أصواتهم إلى العالم. كما يبرز الفيلم أهمية الفن والثقافة في مقاومة الظلم والاحتلال.
يستخدم الفيلم لغة سينمائية بسيطة وواقعية، تعتمد على المشاهد الوثائقية والحوارات العفوية. يركز الفيلم على تصوير الحياة اليومية للفنانين، وعلى إظهار مشاعرهم وأحاسيسهم الحقيقية. هذا الأسلوب السينمائي يجعل الفيلم مؤثرًا وقريبًا من المشاهد.
ثقل الواقع وامتحان السينما
يواجه فيلم “ضايل عنا عرض” تحديًا كبيرًا في تقديم قصة إنسانية مؤثرة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون. يتطلب الفيلم من المخرج والمصور التعامل بحساسية مع هذه القضية، وتجنب الوقوع في فخ المبالغة أو التبسيط. كما يتطلب الفيلم تقديم رؤية فنية جديدة ومبتكرة، تتجاوز الأساليب التقليدية في الأفلام الوثائقية.
على الرغم من أهمية القصة التي يتناولها الفيلم، إلا أنه يعاني من بعض الهنات الفنية. تكرار بعض المشاهد، وعدم وجود تطور درامي كافٍ، قد يؤثر على تأثير الفيلم. كما أن الاعتماد على الحوارات الطويلة قد يجعل الفيلم مملًا في بعض الأحيان. ومع ذلك، يظل الفيلم محاولة مهمة لتسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين في غزة.
الفيلم يمثل تحديًا للسينما العربية، حيث يتطلب تقديم قصة إنسانية مؤثرة في ظل الظروف الصعبة. يتطلب الفيلم من المخرج والمصور التعامل بحساسية مع هذه القضية، وتجنب الوقوع في فخ المبالغة أو التبسيط. كما يتطلب الفيلم تقديم رؤية فنية جديدة ومبتكرة، تتجاوز الأساليب التقليدية في الأفلام الوثائقية.
من المتوقع أن يثير فيلم “ضايل عنا عرض” نقاشًا واسعًا حول القضية الفلسطينية، وأن يساهم في زيادة الوعي بمعاناة الفلسطينيين في غزة. من المرجح أن يحظى الفيلم بمشاركة واسعة في المهرجانات السينمائية الدولية، وأن يحصل على جوائز وتقديرات. يبقى أن نرى كيف سيساهم الفيلم في تغيير الصورة النمطية عن الفلسطينيين في أذهان الجمهور العالمي.





