Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

طوفان موسيقي.. الأغنية الفلسطينية بعد 7 أكتوبر

|

منذ النكبة العربية في فلسطين عام 1948، ارتبطت الفنون الفلسطينية بقضيتها التحررية، فحين اقتُلِع الشعب الفلسطيني من أرضه وبيوته، تحوّلت الأغنية الفلسطينية إلى أكثر من مجرد تعبير فني. صارت ذاكرة حيّة للمنفى والتهجير، وسلاحًا رمزيًا لمواجهة النسيان، بل حتى أداة للحفاظ على الهوية مثلها في ذلك مثل الحطة الفلسطينية، ومفاتيح البيوت القديمة التي هُجّر منها أصحابها. الأغنية لم تكن مجرد فن، بل حملت في كلماتها وألحانها حكاية اللاجئين وحنينهم إلى القرى وحقول الزعتر والزيتون والبرتقال، والمفاتيح المعلقة في الرقاب يتوارثها الرجال والنساء كوعد محتوم للعودة.

وفي كل مراحل الصراع العربي الإسرائيلي وقضيته المحورية الفلسطينية، كانت الفنون الفلسطينية لاسيما الأغنية حاضرة بقوة تعبّر وتحفّز وتوثق، حتى في مرحلة ما بعد عملية “طوفان الأقصى” والعدوان الإسرائيلي على غزة والضفة في أعقاب 7 أكتوبر/تشرين الأول، واصلت الأغنية الفلسطينية إثبات حضورها، ليس فقط داخل الأراضي العربية لكنها تجاوزت حدود الجغرافيا واللغة كأحد أبرز تأثيرات “طوفان الأقصى” التي أعادت القضية الفلسطينية إلى بؤرة الخطاب العالمي وأبرزت حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه وأكسبته تعاطفا حتى داخل أروقة الجامعات الأوروبية والأميركية.

“تحيا فلسطين”

عقب أحداث طوفان الأقصى والممارسات التي ارتكبها الاحتلال في حق المدنيين الفلسطينيين على مدار قرابة عامين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عادت الأغنية إلى دورها الأصلي كجزء من المقاومة الثقافية، داخل فلسطين وخارجها، وكانت من أبرز شواهد هذه المقاومة الموسيقية عودة أغنية “Leve Palestina” أو بالعربية “تحيا فلسطين”، والتي غنتها فرقة “الكوفية” السويدية، والتي كوّنها المغني الفلسطيني السويدي “جورج طوطري” العضو السابق بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

تعد الأغنية حاليًا قاسمًا مشتركًا في التحركات الشعبية والمظاهرات والمسيرات المتضامنة مع القضية الفلسطينية والمناهضة للصهيونية، بالطبع مع كلماتها البسيطة كالماء والواضحة كطلقة مسدس:

“تحيا فلسطين، وتسقط الصهيونية

حرثنا الأرض، حصدنا القمح،

وقطفنا الليمون، وعصرنا الزيتون

والعالم كله يعرف أرضنا

تحيا تحيا، تحيا فلسطين”

حين صدرت الأغنية لأول مرة عام 2016، كتبت الكلمات باللغة السويدية، وترجمت إلى العربية والإنجليزية، لكن في أعقاب طوفان الأقصى تمت ترجمتها إلى 20 لغة، من بينها العبرية وحققت انتشارها على منصات التواصل الاجتماعي ما بين يوتيوب وفيسبوك وإنستغرام وحتى تيك توك، لتسجل اعتراضًا واضحًا على الانتهاكات الإسرائيلية في حق المدنيين الفلسطينيين في المستشفيات والملاجئ وحتى المخيمات.

ثبت جذورك في التراب

ظهرت أغانٍ تستحضر ذاكرة النكبة كحدث متواصل، يؤكد أن ما يجري اليوم في غزة ليس سوى امتداد لما يحدث منذ أكثر من 75 عاما، حيث تمثل الأغنية الفلسطينية اليوم جسرًا بين أجيال 3: جيل النكبة، جيل المخيمات، وجيل الإنترنت، فبعد نحو 6 شهور من انطلاق طوفان الأقصى، أُطلقت أغنية “أصحاب الأرض”، بصوت رئيسي للمطربة السورية أصالة نصري، وبمصاحبة فرقة “أكابيلا مصرية”، وشعر ألقاه فارس قطرية.

جاءت الأغنية التي نُشرت عبر منصة يوتيوب مزيجا بصريا وسمعيا يحمل العديد من الرموز، إذ تنفتح الأغنية بمقطع يغنيه الكورال، مستخدمًا الشفرة التي اعتادت النساء الفلسطينيات استخدامها قديمًا لتمويه رسائلهن ليصعب على قوات الاحتلال فهمها، بمقطع يستلهم خدعة إضافة حرف “لام” في مواضع مختارة وسط الكلام مع موسيقى استلهمت اللحن المميز للترويدة الفلسطينية التراثية:

شمالي لالي يا هوالي لديرة شمالي لالي يا وريللووو “شمالي يا هوا الديرة شمالي”

ع لالي للبواب هولولم تفتح شمالي لالي يا رويللووو “على اللي بوابهم تفتح شمالي”

وانا ليليلبعث معليلريح الشمالي لالي يا رويللووو “وأنا الليلة لبعث مع الريح الشمالي”

ياصليلار ويدور ليللي على لحبيليلابا يا رويللووو “يوصل ويدور على الحباب يابا”

مع لقطات ورقصات تسرد بشكل، بصري تراث أصحاب الأرض الحقيقيين، وتتداخل مع صوت أصالة التي استعانت بلهجتها الشامية التي تقارب اللهجة الفلسطينية، في غناء مقطعها: “ريت المركب اللي أخذه و ما رده، يبلاه بكسره و بنار عقده، ريت المصاري تقلب حديدة، تسفر شبابنا لبلاد بعيدة”.

وتنتهي الأغنية بوصية شاعرية اللغة بأن ثبت جذورك في التراب فأنت باقٍ هاهنا، الأرض أرضك يا فتى هذه البلاد بلادنا.

دمي فلسطيني

بنقرات الدبكة التي تهز الأرض، اشتهرت الرقصة الفلسطينية بأنها رقصة أصحاب الأرض، وانتشرت فيديوهاتها عبر غالبية منصات الفيديو، لكثيرين حول العالم يحاولون تقليدها، وانتشرت الرقصة مع أغنية “أنا دمي فلسطيني”، الأغنية التي صارت ظاهرة، تذاع في المظاهرات العالمية، وحتى في حفلات الزفاف في المدن العربية، ورغم أن الأغنية يزيد عمرها على 10 سنوات، فإنها عادت بقوة إلى الساحة العربية والعالمية وفضاءات التواصل الاجتماعي في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” كأن الجميع يصدر بيانه الواضح بصوت المغني الفلسطيني محمد عساف، نجم “محبوب العرب” Arab Idol أن “على عهدي على ديني على أرضي تلاقيني. أنا لأهلي أنا أفديهم، أنا دمي فلسطيني فلسطيني فلسطيني”.

 

مثلما أعادت عملية “طوفان الأقصى” القضية الفلسطينية إلى محور الأحداث العالمية، داخل الجامعات والمدن الأوروبية، وجعلتها موضوعًا رئيسًا للحديث والنقاشات، أعادت كذلك إحياء الأغنية الفلسطينية ورفعت تراثها الموسيقي إلى سطح الاهتمام والاستماع والترديد متجاوزة حواجز اللغة والجغرافيا لتصبح الأغنية سلاحًا من بين أسلحة المقاومة الثقافية وقوتها الناعمة، جنبًا إلى جنب السينما والأدب وحتى الأكلات الفلسطينية الشهيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى