عودة أشباح تموز 2006.. هل يمضي نتنياهو في نظرية “الحرب الدائمة”؟
نتنياهو والاستثمار في الحرب
ورغم تزايد الضربات على المدن الإسرائيلية وزيادة تكاليف الحرب وتعقد الأهداف الإسرائيلية، يرفض نتنياهو أي مبادرات لوقف إطلاق النار في غزة أو لبنان.
ويرى محللون إسرائيليون أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيذهب بعيدا في مواصلة الحرب ومراكمة تلك التكاليف الباهظة على إسرائيل حتى تحقيق ما يراه نصرا، مستحضرا نموذج غزة والجرائم التي ارتكبها هناك والذي هدد بنقله إلى لبنان.
ويؤكد الكاتب عاموس هاريل (صحيفة هآرتس 14أكتوبر/تشرين الأول) أن “توسيع الائتلاف الحاكم وزيادة الاستقرار السياسي لنتنياهو وقلة الضغوط من الولايات المتحدة، عوامل تعمّق استثمار رئيس الوزراء الإسرائيلي في الحرب”.
من جهته، ينتقد الكاتب والمحلل السياسي في صحيفة هآرتس نحميا شتراسل (عدد 15 أكتوبر/تشرين الأول) سياسات نتنياهو ونزوعه إلى “الحرب الدائمة”، معتبرا أنه “رئيس الوزراء الأكثر تهورا في تاريخ إسرائيل. وهو يعرّض وجودنا للخطر حقا، وقد جرنا إلى حرب استنزاف طويلة، وهو ما يعني المزيد من القتلى، والمزيد من الدمار، وضربة شديدة للاقتصاد”.
وخلال زيارة للقاعدة المستهدَفة في بنيامينا، أكد نتنياهو أن الجيش الإسرائيلي “سيواصل ضرب حزب الله بلا رحمة في جميع أنحاء لبنان وفي بيروت أيضا”، ضمن ما يسميه ضمان “أبدية إسرائيل”.
فمع استقرار وضعه السياسي، استطاع نتنياهو تغيير قواعد الردع المتعارف عليها، وجر إسرائيل -مجتمعًا وجيشًا ومؤسساتٍ- إلى التسليم بأن الحربَ التي يخوضها في غزة ولبنان هي حرب لا بد من تحمل أثمانها وتكاليفها، وأنها “ستحقق الأمان النهائي لإسرائيل وتنهي جميع الحروب في العقود المقبلة”.
كما أنه دفع إسرائيل في النهاية إلى قبول ما لم يكن يُقبل، والتطبيع مع مقتلِ العشرات والمئات من الجنود أو أسرهم، وتحمّل خوض حرب طويلة، تستنزف الموارد البشرية والاقتصادية، وهو متغير طرح تحديات حتى بالنسبة للمقاومة في فلسطين ولبنان، وجعل نتنياهو بلا رادع داخلي أو خارجي.
ففي غياب الضغوط الدولية على إسرائيل ونتنياهو -الذي يضع استثماره الرئيسي في الحرب حسب عاموس هاريل- يستبعد محللون أن يرتدع رئيس الوزراء الإسرائيلي مبدئيا بحجم الخسائر، وأن يذهب إلى حرب طويلة وأكثر كلفة عسكرية وبشرية لإسرائيل وأكثر تدميرا في لبنان، محاولا جر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية واسعة.
وعلى الساحة اللبنانية، يرى محللون أنه سيتجه إلى مزيد من خلط الأوراق وتوتير الأوضاع، وارتكاب مجازر تؤلب الرأي العام ضد حزب الله، وقد بدا ذلك عمليا بمجزرة بلدة “أيطو” بقضاء زغرتا، معقل تيار المردة المسيحي الذي يعد حليفا لحزب الله.
كما يضع نتنياهو ضمن رهاناته وخططه اللعب على التناقضات الداخلية اللبنانية وتفجير المجتمع اللبناني من الداخل، وصولا إلى إشعال حرب أهلية تخدم الأهداف الإسرائيلية بإضعاف حزب الله وإشغال ما بقي من قوته داخليا وإبقاء لبنان هشا ومستنزفا.
تبدو في خلفية الأهداف الكبرى لنتنياهو ونظريته للحرب الطويلة خريطة “الشرق الأوسط الجديد”، التي تمر عبر غزة والضفة ولبنان، ثم إيران، ولم يحقق نتنياهو الأهداف الأولية في غزة، ولم يحقق أي تقدم مهم على الجبهة اللبنانية- وفق المحللين- وتتزايد الخسائر الإسرائيلية بوتيرة يومية، ولا تبدو هناك أي مؤشرات لتحقيق مكاسب في حال اندلاع مواجهة مفتوحة مع إيران.