فنزويلا تقترح ميزانية مخفضة للعام المقبل

كشفت حكومة فنزويلا عن خطة ميزانية لعام 2026، تشير التقديرات إلى انخفاضها بنسبة 12% مقارنةً بالعام الجاري. وتأتي هذه الميزانية المقترحة في ظل تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة، والتي تتهمها فنزويلا بالتخطيط لعمل عسكري محتمل. وتعد هذه الميزانية الفنزويلية خطوة مهمة في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية المعقدة التي تمر بها البلاد.
الوضع الاقتصادي والسياسي في فنزويلا وتأثيره على الميزانية
قدمت ديلسي رودريغيز، نائبة الرئيس، الميزانية التي تقدر بنحو 20 مليار دولار أمريكي للجمعية الوطنية. يأتي ذلك في وقت يرى فيه الرئيس نيكولاس مادورو أن الانتشار العسكري الأمريكي في منطقة البحر الكاريبي ليس مجرد مكافحة لتهريب المخدرات، بل هو تمهيد لعمل عسكري يهدف إلى الإطاحة بحكومته والاستيلاء على موارد البلاد النفطية. تعتبر هذه المخاوف جزءًا من سياق أوسع من العلاقات المتوترة بين البلدين.
تبلغ الميزانية المقترحة 5.02 مليارات بوليفار، وهو ما يمثل انخفاضًا عن ميزانية عام 2025 التي بلغت 22.7 مليار دولار. هذا الانخفاض يعكس التحديات الاقتصادية المستمرة التي تواجهها فنزويلا، بما في ذلك التضخم وانخفاض قيمة العملة.
مؤشرات اقتصادية مختلطة
على الرغم من الصعوبات، أظهرت فنزويلا مؤخرًا بعض بوادر التعافي بعد سنوات من الركود الاقتصادي الشديد والتضخم المفرط. فقد أعلنت عن نمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8.7% في الربع الثالث من عام 2024، وفقًا لبيانات البنك المركزي الفنزويلي.
ومع ذلك، لا تزال عملة البوليفار تعاني من انخفاض حاد في قيمتها، مما يؤثر سلبًا على القدرة الشرائية للمواطنين والاستقرار الاقتصادي العام. وقد اتسع الفارق بين سعر الدولار الرسمي وسعر السوق السوداء إلى أكثر من 50%، مما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي.
العقوبات الأمريكية وتأثيرها على الاقتصاد الفنزويلي
تلقي الحكومة الفنزويلية باللوم على العقوبات الأمريكية المفروضة على البلاد، وخاصة تلك التي تستهدف قطاع النفط منذ عام 2019، في تفاقم الأزمة الاقتصادية. وتزعم الحكومة أن هذه العقوبات تعيق جهودها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
وتنفي الولايات المتحدة أن تكون العقوبات تهدف إلى إلحاق الضرر بالشعب الفنزويلي، بل تؤكد أنها تستهدف أفرادًا وكيانات مرتبطة بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان. ومع ذلك، يرى مراقبون أن العقوبات تساهم بشكل كبير في تدهور الوضع الاقتصادي. وتعتبر السياسة الاقتصادية في فنزويلا نقطة محورية في هذا النقاش.
وصفت رودريغيز الميزانية بأنها “ميزانية لفنزويلا الإيجابية” على الرغم من “التدخل الأمريكي” و”حملة الإرهاب النفسي” التي تتعرض لها البلاد. وأكدت أن الحكومة الفنزويلية تبذل قصارى جهدها لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية.
تداعيات الميزانية الجديدة على القطاعات المختلفة
لم يتم حتى الآن الكشف عن تفاصيل تخصيص الميزانية الجديدة للقطاعات المختلفة. ومع ذلك، يتوقع المحللون أن تشهد القطاعات الأساسية مثل الصحة والتعليم والنقل تخفيضات في الميزانية بسبب الوضع المالي الصعب. من المرجح أن تركز الحكومة على دعم قطاع الطاقة، الذي يعتبر المصدر الرئيسي للدخل القومي. الاستثمار الأجنبي في قطاع النفط ربما يكون له دور في تحديد مسار المستقبل.
من ناحية أخرى، قد تسعى الحكومة إلى زيادة الإنفاق على الأمن والدفاع لمواجهة التهديدات المحتملة من الولايات المتحدة. هذا قد يأتي على حساب الإنفاق الاجتماعي والتنمية الاقتصادية.
الخطوات التالية والمخاطر المحتملة
من المتوقع أن تجري الجمعية الوطنية الفنزويلية مناقشات وتعديلات على الميزانية المقترحة قبل التصويت عليها رسميًا. قد تتطلب الحكومة تقديم تنازلات للمعارضة من أجل الحصول على الدعم اللازم لإقرار الميزانية.
يبقى مستقبل الاقتصاد الفنزويلي والوضع السياسي غير مؤكدين. وتشكل التوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة خطرًا كبيرًا على الاستقرار الإقليمي. مع استمرار انخفاض قيمة العملة وتضاؤل الاحتياطيات الأجنبية، قد تواجه فنزويلا صعوبات متزايدة في تلبية التزاماتها المالية. من الضروري مراقبة تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية في فنزويلا عن كثب في الأشهر المقبلة.





