في خضمّ الأحداث المأساوية التي تشهدها غزة، يمثل كتاب “قرع جدران الخزّان” للدكتور حيدر عيد، إضافةً نوعيةً إلى الأدب الفلسطيني المعاصر، مُقدّماً تحليلاً عميقاً وشهادات مؤثرة عن الواقع المعيش في القطاع، ومُلهماً الأمل في مواجهة الإبادة المستمرة. الكتاب، الذي حظي باستقبال نقدي واسع، يوثق سنوات من الحصار والحروب والانتفاضات، ويطرح رؤى جديدة حول مستقبل القضية الفلسطينية.
يجمع الكتاب، الصادر مؤخراً، تأملات وتحليلات وشهادات جمعها الدكتور عيد، أستاذ الأدب بجامعة الأقصى في غزة، على مدى 18 عاماً. يتناول الكتاب حصار غزة منذ عام 2007، والحروب الإسرائيلية المتتالية، ومسيرات العودة، بالإضافة إلى الوضع الراهن في ظل الإبادة الجماعية الجارية. ويقدم الكتاب أيضاً بدائل سياسية وفرصاً للمقاومة، وآفاقاً لسلام عادل وشامل.
أهمية كتاب “قرع جدران الخزّان” في ظل الأوضاع الراهنة
يأتي صدور كتاب “قرع جدران الخزّان” في توقيت بالغ الأهمية، حيث يشهد العالم تصاعداً في الاهتمام بالقضية الفلسطينية، وتزايداً في الوعي بمعاناة الشعب الفلسطيني. ويقدم الكتاب منظوراً من الداخل، يكسر حاجز الصمت، ويسلط الضوء على الحقائق الميدانية التي غالباً ما يتم تجاهلها في وسائل الإعلام الغربية.
وقد كتب مقدمة الكتاب البروفيسور ريتشارد فولك، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، ومقرر الأمم المتحدة السابق لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيداً بجهود الدكتور عيد، ومؤكداً على أهمية الكتاب في فهم القضية الفلسطينية.
شهادات مؤثرة وتحليلات عميقة
يتميز الكتاب بأسلوبه الأدبي الرفيع، وقدرته على المزج بين التحليل الأكاديمي والشهادة الشخصية. يستعرض الكتاب الأحداث التاريخية بتفصيل دقيق، ويقدم تحليلاً عميقاً للأسباب الجذرية للصراع، والعوامل التي تعيق تحقيق السلام. كما يضم الكتاب شهادات مؤثرة من سكان غزة، تروي قصصاً مروعة عن المعاناة والفقر واليأس، ولكنها في الوقت نفسه تعبر عن الصمود والإصرار على الحياة.
يركز الكتاب بشكل خاص على مفهوم المقاومة، ويطرح رؤية جديدة حول كيفية مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. يدعو الدكتور عيد إلى تبني استراتيجية شاملة للمقاومة، تجمع بين المقاومة الشعبية السلمية، والمقاومة المسلحة، والمقاومة القانونية والدبلوماسية. كما يؤكد على أهمية المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل (BDS) كأداة فعالة للضغط عليها من أجل إنهاء الاحتلال.
“قرع جدران الخزّان” ودعوة إلى التضامن الدولي
لا يقتصر تأثير كتاب “قرع جدران الخزّان” على الأوساط الأكاديمية والثقافية الفلسطينية، بل يمتد ليشمل القراء في جميع أنحاء العالم. يدعو الكتاب إلى تعزيز التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، وتقديم الدعم المادي والمعنوي له في نضاله من أجل الحرية والاستقلال. كما يطالب الكتاب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه القضية الفلسطينية، واتخاذ خطوات جادة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
يرى النقاد أن الكتاب يمثل إضافة قيمة إلى المكتبة العربية، ويساهم في إثراء النقاش حول القضية الفلسطينية. ويعتبرونه مرجعاً أساسياً للباحثين والطلاب والمهتمين بالشأن الفلسطيني. كما يشيدون بأسلوب الدكتور عيد في الكتابة، وقدرته على تقديم تحليل عميق ومعقد بطريقة سلسة وواضحة.
تأثير الكتاب على الرأي العام
من المتوقع أن يساهم كتاب “قرع جدران الخزّان” في زيادة الوعي بالقضية الفلسطينية، وتغيير الرأي العام العالمي. فالكتاب يقدم صورة حقيقية عن الواقع المعيش في غزة، ويكشف عن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. كما يطرح الكتاب رؤية جديدة حول كيفية تحقيق السلام العادل والشامل، ويقدم بدائل سياسية قابلة للتطبيق.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الكتاب يمثل دعوة إلى العمل، ويحث القراء على الانخراط في النضال من أجل الحرية والعدالة. يدعو الكتاب إلى دعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل، وإلى الضغط على الحكومات والمنظمات الدولية من أجل اتخاذ خطوات جادة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
في الختام، يمثل كتاب “قرع جدران الخزّان” للدكتور حيدر عيد، صوتاً صادقاً من قلب المعاناة، ورسالة أمل في مستقبل أفضل. ومن المتوقع أن يثير الكتاب جدلاً واسعاً، وأن يساهم في إحداث تغيير إيجابي في الرأي العام العالمي، وأن يدفع المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات جادة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة. وستترقب الأوساط الفلسطينية والعربية والدولية ردود الفعل الرسمية والشعبية على الكتاب، وتأثيره المحتمل على مسار القضية الفلسطينية في المرحلة القادمة.
