كولوسيوم الجم التونسية.. تحفة معمارية تجسد عبقرية العمارة الرومانية

تستقطب مدينة الجم الأثرية في تونس أعدادًا متزايدة من السياح، خاصةً مع بدء انتعاش القطاع السياحي بعد سنوات من التحديات. شهد المسرح الروماني في الجم، وهو أحد أبرز المعالم التاريخية في البلاد، إقبالًا ملحوظًا من الزوار القادمين من دول أوروبية مختلفة، مما يعزز مكانة تونس كوجهة سياحية ثقافية وتاريخية متميزة. ويتزايد الاهتمام بهذا المعلم الأثري كجزء من تجربة السياحة في تونس.
وصلت السائحة البلجيكية ليليان كومباس إلى الجم مع مجموعة من السياح الفرنسيين والبلجيكيين، قادمين من المهدية. وقد أثارت زيارتها للمسرح الروماني إعجابها الشديد، حيث قارنته بالمعالم الأثرية المشابهة التي زارتها في فرنسا والجزائر وتركيا. وأكدت أن المسرح في الجم يتميز بهيبة فريدة من نوعها، وأن التاريخ ينبض بالحياة في أروقته القديمة.
المسرح الروماني في الجم: تحفة معمارية تتحدى الزمن
يعتبر المسرح الروماني في الجم، الذي يعود تاريخ بنائه إلى الفترة بين عامي 238 و250 ميلادية، من أهم وأفضل المحافظة على المعالم الرومانية في شمال إفريقيا. وقد تم تصميمه على غرار الكولوسيوم الشهير في روما، ويستوعب حوالي 35 ألف متفرج، مما يجعله ثالث أكبر مسرح روماني في العالم. أُدرج المسرح في قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 1979، اعترافًا بقيمته التاريخية والثقافية الاستثنائية.
وبحسب معهد التراث في تونس، فإن بناء المسرح يعود إلى هبة من الإمبراطور غورديان الثالث للمدينة. يتميز المسرح بتصميمه البيضاوي الدقيق وتقسيمه إلى قطاعات متناظرة، بالإضافة إلى الأعمدة والأقواس التي تدعم المدرجات. تُظهر الواجهة الخارجية للمسرح، المبنية من الحجر المصقول، ثلاثة مستويات تضم 64 عقدة تفصلها أعمدة نصف أسطوانية.
أهمية المسرح الروماني في السياحة التونسية
يشكل المسرح الروماني في الجم نقطة جذب رئيسية للسياح، الذين يتوافدون إليه من مختلف أنحاء العالم للاستمتاع بجمال العمارة الرومانية واكتشاف تاريخ المنطقة. يقول الدليل السياحي مهتدي الهواري إن السياح من أوروبا الشرقية والغربية على دراية بأهمية المسرح كجزء من الإمبراطورية الرومانية، ويثير اهتمامهم وفضولهم بشكل كبير.
بالإضافة إلى ذلك، تستضيف مدينة الجم العديد من الفعاليات الثقافية والمهرجانات الموسيقية، بما في ذلك المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية، مما يزيد من جاذبية المنطقة للسياح. وتساهم هذه الفعاليات في تعزيز الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل للسكان.
لا يقتصر الإعجاب بالمسرح على السياح فحسب، بل يعبر السكان المحليون أيضًا عن فخرهم بهذا المعلم التاريخي. ويشير الحرفيون المحليون إلى أن الإقبال على شراء المجسمات والتحف التي تحاكي المسرح والمدينة القديمة قد ازداد في السنوات الأخيرة.
تحديات تواجه الحفاظ على قصر الجم
على الرغم من الجهود المبذولة للحفاظ على المسرح الروماني في الجم، إلا أنه لا يزال يواجه بعض التحديات. يشير بعض السياح والحرفيين إلى الحاجة إلى تحسين النظافة والعناية بالبيئة في المنطقة المحيطة بالمسرح، حيث تتراكم بقايا البلاستيك في بعض الأحيان.
ومع ذلك، يظل المسرح الروماني في الجم رمزًا للجمال والتاريخ والثقافة التونسية. وتخطط السائحة فابيان فاندرمال، التي زارت تونس سبع مرات، لزيارة المسرح مرة أخرى مع أبنائها في الموسم السياحي المقبل، مؤكدةً أن المنطقة ساحرة وتستحق الزيارة.
من المتوقع أن تشهد تونس زيادة في عدد السياح خلال الأشهر القادمة، مع تحسن الأوضاع الصحية العالمية وتخفيف القيود على السفر. وستركز وزارة السياحة التونسية على الترويج للمعالم التاريخية والثقافية في البلاد، بما في ذلك المسرح الروماني في الجم، بهدف جذب المزيد من الاستثمارات وتعزيز النمو الاقتصادي. وستراقب الوزارة عن كثب تأثير هذه الزيادة على البنية التحتية المحلية وجهود الحفاظ على التراث.





