Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

لاكروا: إلى أي حد يمكن أن يذهب بوتين في تهديده لأوروبا؟

:

تصاعدت المخاوف في أوروبا بشأن التهديد الروسي المباشر، مع تحذيرات متزايدة من أجهزة الاستخبارات حول إمكانية مواجهة عسكرية في المستقبل القريب. يأتي هذا في وقت أعلنت فيه فرنسا عن إطلاق خدمة عسكرية تطوعية جديدة، بهدف تعزيز قدراتها الدفاعية في ظل هذه التطورات. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من استجابة أوروبية أوسع نطاقًا لتقييمات المخاطر المتغيرة، وتأثيرات الحرب في أوكرانيا على الأمن القاري.

أفادت صحيفة لاكروا الفرنسية بأن هذه التحذيرات، الصادرة بشكل خاص من أجهزة الاستخبارات الألمانية، تشير إلى احتمال تصعيد الموقف مع روسيا. ورغم الجدل الدائر حول مدى واقعية هذا السيناريو، إلا أن التجارب السابقة، وخاصةً تجاهل التحذيرات بشأن أوكرانيا، عززت من الشعور الأوروبي بضرورة الاستعداد لمواجهة أسوأ الاحتمالات.

التهديد الروسي: تقييمات جديدة وتصعيد محتمل

قبل أربع سنوات، تجاهلت أوروبا تحذيرات الاستخبارات الأمريكية بشأن نية روسيا شن هجوم واسع النطاق على أوكرانيا، حيث بدا ذلك غير وارد. ومع ذلك، فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العالم بتنفيذ الهجوم، مما أدى إلى إعادة تقييم شاملة للتهديد الروسي في القارة. وتشير التقارير إلى أن هذا التحول في التفكير دفع إلى زيادة الاهتمام بتحليل سلوك بوتين ونظامه.

ورغم أن الحرب في أوكرانيا أظهرت نقاط ضعف في الجيش الروسي وأثرت سلبًا على اقتصادها، إلا أن أجهزة الاستخبارات الأوروبية لا تزال ترى أن نوايا موسكو المستقبلية غير واضحة. وتتركز المخاوف حول إمكانية استمرار بوتين في سياسة التوسع، وربما استهداف دول أخرى في المنطقة، مثل مولدافيا أو دول البلطيق. هذا السيناريو قد يتطلب تدخلًا عسكريًا من حلف شمال الأطلسي (الناتو) والدول الأوروبية.

تأثير الحرب في أوكرانيا على الاستراتيجيات الأوروبية

تعتبر الحرب في أوكرانيا نقطة تحول رئيسية في السياسة الأمنية الأوروبية. وقد دفعت هذه الحرب الدول الأوروبية إلى زيادة الإنفاق الدفاعي، وإعادة النظر في استراتيجياتها العسكرية، وتعزيز التعاون الأمني الإقليمي. كما أدت إلى زيادة الوعي بأهمية الأمن السيبراني ومكافحة التضليل الإعلامي.

وتشير التحليلات إلى أن تقييم التهديد الروسي يواجه تحديًا يتمثل في صعوبة التنبؤ بسلوك الرئيس بوتين. فهو يتصرف انطلاقًا من قناعته الراسخة بأن الغرب يسعى إلى إضعاف روسيا وتقويضها. هذه القناعة تدفعه إلى استخدام مجموعة متنوعة من الأدوات، مثل الهجمات السيبرانية، والتجسس، والطائرات المسيرة، وحملات التضليل الإعلامي، لزعزعة الاستقرار في الدول الأوروبية.

إضافة إلى ذلك، أصبحت **الأمن الإقليمي** أولوية قصوى في أوروبا. ويتطلب ذلك تنسيقًا وثيقًا بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. كما يتطلب تقييمًا مستمرًا للمخاطر المحتملة والاستعداد لمواجهة أي تطورات غير متوقعة. ويزيد من التعقيد استخدام روسيا للغاز كأداة سياسية، مما يتطلب بدائل للطاقة وتنويع مصادر الإمداد.

التهديدات الهجينة وتأثيرها على الاستقرار الأوروبي

لا يقتصر التهديد الروسي على العمليات العسكرية التقليدية. بل يتضمن أيضًا تهديدات هجينة تستهدف البنية التحتية الحيوية، والأنظمة السياسية، والرأي العام. وتشمل هذه التهديدات الهجمات السيبرانية، وحملات التضليل الإعلامي، والتدخل في الانتخابات، ودعم الحركات الانفصالية.

وتدرك أجهزة الاستخبارات الأوروبية أن هذه التهديدات تتطلب استجابة شاملة ومتكاملة. ويشمل ذلك تعزيز القدرات الدفاعية السيبرانية، ومكافحة التضليل الإعلامي، وحماية البنية التحتية الحيوية، وتعزيز التعاون الاستخباراتي بين الدول الأوروبية. وتلعب **الاستخبارات** دورًا حاسمًا في فهم التهديدات الهجينة وتطوير استراتيجيات لمواجهتها.

وفي سياق متصل، يشير الخبراء إلى أن روسيا تدرس بعناية ردود الفعل الغربية على أفعالها. ويعتقدون أن بوتين قد يرى أن أوروبا ضعيفة ومنقسمة، وأنها غير قادرة على اتخاذ إجراءات حاسمة. هذا التصور قد يشجعه على اتخاذ المزيد من الخطوات التصعيدية.

الوضع الحالي يتطلب من أوروبا أن تكون موحدة وحازمة في مواجهة التهديد الروسي. ويشمل ذلك فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا، وتقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، وتعزيز الردع العسكري في المنطقة. كما يتطلب ذلك تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين في حلف الناتو.

في الختام، يظل التهديد الروسي قائمًا ما بقي بوتين ونظامه في السلطة. ومع ذلك، فإن مستقبل روسيا بعد بوتين يمثل عاملًا حاسمًا في تحديد مستوى الأمن الأوروبي في السنوات المقبلة. من المتوقع أن تقوم الدول الأوروبية بمواصلة تقييم المخاطر وتطوير استراتيجياتها الدفاعية، مع التركيز على تعزيز الردع والقدرة على الاستجابة لأي طارئ. وستظل **السياسة الدفاعية** الأوروبية محورًا رئيسيًا للمناقشات والقرارات في المستقبل القريب، خاصةً مع اقتراب موعد مراجعة استراتيجية الأمن والدفاع المشترك للاتحاد الأوروبي في الربع الأول من عام 2026.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى