لم تعد مواقع تواصل!
في عصر البدايات (البريئة إذا جاز استخدام هذا الوصف) كانت مواقع التواصل في نهاية سنوات التسعينيات عبارة عن منصات للتعارف وتكوين صداقات تحتفظ بهم المنصات على أنهم جزء من شبكة شخصية، وتدريجياً تمكن هؤلاء من أن يتشاركوا معاً مقاطع الفيديو والصور والرسائل مع مستخدمين آخرين، كما أمكنهم ترك تعليقات على الملفات الشخصية لأشخاص آخرين، ما داموا ينتمون للمنصة نفسها.
اتضح الأمر أكثر حين تأسست مواقع «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام» وأخيراً «تيليغرام» الذي يحظى هذه الأيام بجدل كبير بعد أن قامت السلطات الفرنسية بالقبض على مؤسسه وتوجيه عدة تهم له. عندما أعلن عن تطبيق «فيسبوك» كان مجرد فكرة لجمع زملاء ورفقاء الدراسة والربط بينهم عبر الإنترنت، وتبادل مناسباتهم وصورهم، لكن الأمر خرج عن نطاق السيطرة فيما بعد لأسباب عديدة.
بمجرد أن بدأ الناس يتواجدون على هذه المواقع، ومع شيوع مصطلحات مواقع التواصل، وصحافة المواطن، مترافقة مع نطاق لامحدود من حريات التعبير وتبادل المعلومات وسهولة الاتصال، وتطور تقنيات الهواتف الذكية، تزايد ظهور مواقع التواصل واحتلت شبكة الإنترنت حول العالم، وتزايد المشتركون فيها حتى وصلت أعدادهم إلى مئات الملايين بعد أن تمكنت إغراءات هذه المواقع من استقطاب جميع فئات المجتمع، بدءاً بطلاب المدارس الابتدائية وبائعي الخردوات والقطط، وانتهاء بنجوم وأباطرة المال والسياسة وكرة القدم الذين يتابعهم ملايين البشر حول العالم (اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو مثلاً يتابعه أكثر من 630 مليون شخص!).
ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي العديد من الأفراد على إيجاد أرضية مشتركة مع الآخرين عبر الإنترنت، مما جعل العالم يبدو أكثر ترابطاً وفي متناول اليد، أيضاً تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً رئيسياً في استراتيجيات التسويق للشركات، نظراً للوقت الهائل الذي يقضيه الأفراد كل يوم على المنصات والتطبيقات الاجتماعية، وصار الأسهل للشركات أن تستخدم هذه المنصات للعثور على العملاء والتفاعل معهم، وزيادة المبيعات من خلال الإعلانات ومعرفة اتجاهات المستهلكين.
لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك، فقد غزا الإرهابيون والجماعات المسلحة والمشبوهة وتجار المخدرات والمتاجرون بالبشر و…، هذه المواقع، لتبدأ مرحلة شراسة وخطورة هذه المواقع التي تكشف عن الوجه المدمر للتقنية.