ما أهمية الشراكة بين سوريا وأميركا لمحاربة تنظيم الدولة؟

أكد محللون عسكريون وسياسيون أهمية تعزيز التنسيق بين دمشق وواشنطن لمواجهة خطر تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وذلك في أعقاب الهجوم الأخير في تدمر. وتشير التقديرات إلى أن مستوى التعاون الأمني والعسكري بين الطرفين قد يشهد تصعيدًا في المستقبل القريب، مع تزايد الضغوط الدولية لمكافحة الإرهاب في المنطقة.
ورحبت الحكومة السورية بالعمليات العسكرية التي أطلقتها الولايات المتحدة ضد معاقل تنظيم الدولة في البادية السورية، معتبرة إياها ردًا على الهجوم الذي استهدف تدمر وأسفر عن مقتل ثلاثة أمريكيين. وأعلنت وزارة الخارجية السورية التزامها الثابت بمكافحة الإرهاب ومنع أي ملاذات آمنة للتنظيم في البلاد، داعيةً إلى دعم جهود سوريا من قبل التحالف الدولي.
تنظيم الدولة الإسلامية: آفاق التعاون السوري الأمريكي
وفقًا للدكتور كمال عبدو، الأكاديمي والباحث السياسي، توجد حاليًا أربع غرف عمليات مشتركة بين دمشق وواشنطن لتنسيق الجهود الأمنية واللوجستية والعسكرية في محاربة تنظيم الدولة. ويرجح أن يكون الهجوم الأمريكي الأخير على مواقع التنظيم قد تم بالتنسيق مع الحكومة السورية، على الرغم من عدم وجود تأكيد رسمي من أي من الطرفين.
ومع ذلك، تساءل الدكتور عبدو عن سبب تأخر الولايات المتحدة في استهداف تنظيم الدولة قبل هجوم تدمر، مشيرًا إلى أن واشنطن تمتلك المعلومات الاستخباراتية اللازمة لتحديد مواقع التنظيم ومخازنه. وأضاف أن الحكومة السورية مستعدة للتعاون الكامل مع الولايات المتحدة لتحقيق هزيمة نهائية للتنظيم، لكنه أكد على ضرورة الارتقاء بمستوى التعاون إلى مستويات أعلى.
القدرات الأمريكية والقيود الاستراتيجية
من جانبه، صرح هينو كلينك، نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق، بأن بلاده تمتلك القدرات والإمكانيات اللازمة للوصول إلى مخابئ عناصر التنظيم وتدمير قدراتهم. وأشار إلى أن الولايات المتحدة ستواصل استهداف تنظيم الدولة في سوريا لفترة طويلة، مع إمكانية استخدام طائرات ومقاتلات موجودة في المنطقة.
على الرغم من الخبرة العسكرية الأمريكية الواسعة في المنطقة، أكد كلينك على أنه من المستحيل القضاء على تنظيم الدولة بضربات عسكرية منفردة دون عمل منسق مع الأطراف الأخرى، بما في ذلك الحكومة السورية. وأوضح أن التنسيق مع الحكومة السورية الجديدة سيوفر معلومات استخباراتية قيمة على الأرض.
دعم عسكري مستمر ومستقبل الوجود الأمريكي
وأضاف كلينك أن الولايات المتحدة ستواصل تقديم الدعم العسكري لسوريا في ظل الظروف الراهنة والعلاقات الجيدة بين البلدين، معتبرًا أن ذلك يخدم مصالح الطرفين. واستبعد إمكانية انسحاب الولايات المتحدة من سوريا في المستقبل القريب، مؤكدًا أنها ستبقى للحفاظ على قدرتها على التحرك والتدخل.
خطر أمني وسياسي متطور
ويرى العميد إلياس حنا، الخبير العسكري والإستراتيجي، أن تنظيم الدولة لم يعد يمثل التهديد الذي كان عليه في السابق، بل تحول إلى مجموعات صغيرة تفتقر إلى قيادة مركزية. وأشار إلى أن محاربة هذه المجموعات تتطلب تعاونًا وتنسيقًا بين الجيش السوري والولايات المتحدة، نظرًا لسيطرة الجيش السوري على الأرض.
واختتم الخبير العسكري حديثه بالإشارة إلى أن تنظيم الدولة أصبح يشكل خطرًا أمنيًا وسياسيًا أكثر من كونه خطرًا وجوديًا، وأن الحل السياسي في سوريا سيساهم في حل المشكلة الأمنية بشكل عام. وتشكل مكافحة الإرهاب تحديًا مستمرًا، ويتطلب جهودًا إقليمية ودولية متواصلة.
من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة مزيدًا من التنسيق بين دمشق وواشنطن في مجال مكافحة الإرهاب، مع التركيز على تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنفيذ عمليات مشتركة. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التحديات والعقبات التي قد تعيق هذا التعاون، بما في ذلك الخلافات السياسية والمصالح المتضاربة. وسيكون من المهم مراقبة تطورات الوضع على الأرض وتقييم فعالية الجهود المشتركة في تحقيق الاستقرار في سوريا.





