ماكرون يدعو لبناء علاقة “هادئة” مع الجزائر

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تعزيز العلاقات الفرنسية الجزائرية، مؤكدًا على ضرورة وجود “علاقة هادئة” بين البلدين مع الإقرار بوجود قضايا تحتاج إلى “تصحيح”. جاءت هذه التصريحات على هامش قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ، السبت، وتُظهر رغبة باريس في استقرار الشراكة مع الجزائر في ظل تحديات إقليمية ودولية متزايدة.
وأشار ماكرون إلى أن هناك مجالات رئيسية مثل الأمن والهجرة والاقتصاد تحتاج إلى تحسينات ملموسة، معربًا عن أمله في تحقيق “نتائج” إيجابية في المستقبل القريب. وكان من المقرر أن يلتقي الرئيس الفرنسي بنظيره الجزائري عبد المجيد تبون خلال القمة، لكن تبون لم يتمكن من السفر إلى جنوب أفريقيا.
“العلاقات الفرنسية الجزائرية”: الاحترام والمعايير العالية”
شدد ماكرون على أن التقدم في العلاقات الفرنسية الجزائرية خلال السنوات الأخيرة تم بفضل “الاحترام والمعايير العالية”، وهو نهج يرى أنه يجب الاستمرار فيه. وأضاف أن كلا البلدين يجب أن يتجنبا تحويل هذه العلاقة إلى قضية داخلية سياسية، مشيرًا إلى أن ذلك يعيق تحقيق التعاون المثمر.
وتأتي هذه الدعوة في سياق جهود فرنسا لتعزيز دورها في منطقة شمال أفريقيا، حيث تعتبر الجزائر شريكًا استراتيجيًا مهمًا في مجالات مكافحة الإرهاب وإدارة تدفقات الهجرة. كما أن الجزائر تعد من أهم موردي الغاز لفرنسا، خاصة في ظل الأزمة الطاقية التي يشهدها العالم.
التحديات القائمة في الشراكة
على الرغم من الروابط الاقتصادية القوية، تواجه العلاقات الفرنسية الجزائرية بعض التحديات. تتعلق هذه التحديات بشكل خاص بمسائل الذاكرة التاريخية المتعلقة بالفترة الاستعمارية، بالإضافة إلى بعض الخلافات حول قضايا الهجرة والتعاون الأمني.
في الأسبوع الماضي، أصدر الرئيس تبون عفوًا عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، وهو ما كان يُنظر إليه على أنه بادرة حسن نية. ومع ذلك، لم يمنع ذلك ماكرون من التأكيد على الحاجة إلى معالجة القضايا العالقة.
التعاون الاقتصادي والفرص المستقبلية
تعتبر التجارة والاستثمار من الركائز الأساسية للعلاقات بين البلدين. تسعى فرنسا إلى زيادة استثماراتها في الجزائر، خاصة في قطاعات الطاقة والزراعة والبنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك، هناك اهتمام متزايد بتعزيز التعاون في مجال التكنولوجيا والابتكار. وتشير التقارير إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين تجاوز 15 مليار دولار في العام الماضي، مما يعكس الأهمية الاقتصادية المتبادلة.
كما أن هناك فرصًا واعدة لتعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة، حيث تسعى الجزائر إلى تنويع مصادر الطاقة لديها وتقليل الاعتماد على النفط والغاز. وتعتبر فرنسا من الدول الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، ويمكنها تقديم الخبرة والتكنولوجيا اللازمة لمساعدة الجزائر في تحقيق أهدافها الطاقية.
وفيما يتعلق بالهجرة، تسعى فرنسا إلى تعزيز التعاون مع الجزائر في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية وإعادة المهاجرين غير النظاميين. وتعتبر الجزائر نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الأفارقة الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا، ويمكنها لعب دور مهم في إدارة تدفقات الهجرة.
من الجانب الجزائري، هناك رغبة في تعزيز الشراكة الاقتصادية مع فرنسا وجذب المزيد من الاستثمارات الفرنسية. كما أن الجزائر تسعى إلى تحسين صورتها في فرنسا وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة حول تاريخها وثقافتها.
من المتوقع أن يتم عقد اجتماع بين الرئيسين ماكرون وتبون في وقت لاحق من هذا العام لمناقشة هذه القضايا وغيرها من القضايا ذات الاهتمام المشترك. وسيكون هذا الاجتماع فرصة لتقييم التقدم المحرز في العلاقات الفرنسية الجزائرية وتحديد الخطوات التالية لتعزيز التعاون بين البلدين. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض الشكوك حول ما إذا كان هذا الاجتماع سيؤدي إلى نتائج ملموسة، خاصة في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه كلا البلدين.





