مالي.. 9 ضباط يطعنون أمام المحكمة العليا في قرار عزلهم

تقدم تسعة من كبار الضباط الماليين الذين تم عزلهم في أكتوبر الماضي بطعن أمام المحكمة العليا، معتبرين أن قرار إقصائهم يمثل “تجاوزًا في استخدام السلطة” و”انتهاكًا لحقوقهم في الدفاع”. يأتي هذا الطعن في أعقاب اتهامات وجهتها السلطات الانتقالية لهؤلاء العسكريين بـ”التآمر” و”محاولة تقويض استقرار الدولة”، وهي قضايا حساسة تثير تساؤلات حول مستقبل الجيش المالي.
تم عرض صور الضباط المعتقلين على التلفزيون الرسمي في أغسطس الماضي، واتهموا بالتورط في “محاولة انقلابية”، وهو ما أثار جدلاً واسعاً داخل مالي وخارجها. ويؤكد محامو الضباط التسعة أن إجراءات العزل شابها “القصور” و”غياب أي دليل على مخالفات مهنية أو تأديبية”، بالإضافة إلى “تجاوز السلطة”.
سياق الأزمة ووضع الجيش المالي
يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه مالي حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني المتزايد. تتولى حاليًا حكومة انتقالية السلطة، وتسعى إلى إعادة الاستقرار وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية. ومع ذلك، تواجه هذه الحكومة تحديات كبيرة، بما في ذلك التمرد الجهادي المستمر والتوترات مع القوى الإقليمية.
وفقًا لبيان صادر عن فريق الدفاع، لم يتلق الضباط المعنيون أي استدعاء رسمي أو إخطار بالاتهامات الموجهة إليهم، ولم يتم إبلاغهم بقرارات المجلس التأديبي أو الإجراءات القانونية المتاحة لهم. هذا النقص في الإجراءات القانونية الواجبة هو أحد الأسباب الرئيسية التي دفعتهم إلى الطعن في قرار العزل.
تداعيات الاعتقالات الأخيرة
لم تقتصر الاعتقالات الأخيرة على الضباط الماليين، بل شملت أيضًا موظفًا فرنسيًا يعمل في جهاز الاستخبارات الخارجية، والذي لا يزال قيد الاحتجاز حتى اليوم. أضافت هذه الحادثة بعدًا دبلوماسيًا معقدًا إلى الأزمة، وزادت من التوترات بين مالي وفرنسا، التي كانت تلعب دورًا رئيسيًا في مكافحة الإرهاب في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، أصدرت السلطات مؤخرًا مرسومًا يقضي بعزل العقيد يحيى ألفا سنغاري، الذي كان معتقلاً منذ مارس 2024. يعود هذا القرار إلى نشر العقيد سنغاري لكتاب يتضمن تقارير حقوقية تتهم الجيش المالي بارتكاب انتهاكات، مما أثار غضب السلطات.
التحديات الأمنية والسياسية في مالي
تواجه مالي تحديات أمنية كبيرة، حيث تنتشر الجماعات المسلحة في شمال ووسط البلاد، وتنفذ هجمات متكررة على المدنيين والقوات الحكومية. تعتمد الحكومة على الدعم العسكري من دول أخرى، بما في ذلك فرنسا وروسيا، ولكن هذا الدعم غالبًا ما يكون مشروطًا أو محدودًا.
علاوة على ذلك، تعاني مالي من أزمة سياسية عميقة، حيث يفتقر المجتمع المالي إلى الثقة في المؤسسات الحكومية. تتطلب معالجة هذه الأزمة حوارًا وطنيًا شاملاً وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية جذرية. وتشير التقارير إلى أن استقرار الوضع السياسي في مالي يعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة على بناء الثقة مع الشعب.
تعتبر قضية الضباط المعزولين بمثابة اختبار حقيقي لسيادة القانون واستقلالية القضاء في مالي. من المتوقع أن تصدر المحكمة العليا حكمها في هذه القضية في غضون الأشهر القليلة المقبلة، ومن شأن هذا الحكم أن يكون له تأثير كبير على مستقبل الاستقرار في مالي.
في الختام، يمثل الطعن المقدم أمام المحكمة العليا فصلًا جديدًا في الأزمة السياسية والأمنية التي تشهدها مالي. من غير الواضح حتى الآن كيف ستتعامل المحكمة مع هذه القضية، ولكن من المؤكد أن قرارها سيكون له تداعيات بعيدة المدى على مستقبل البلاد. يجب مراقبة التطورات في هذا الملف عن كثب، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني في مالي.




