مجندون قسرا بالجيش الروسي يضعون جنوب أفريقيا في موقف محرج

تواجه جنوب أفريقيا أزمة دبلوماسية وقانونية متصاعدة بسبب تجنيد عدد من مواطنيها في الجيش الروسي، وذلك دون علمهم أو موافقتهم. وتتركز القضية حول ادعاءات بأن هؤلاء الأفراد تم تضليلهم بشأن طبيعة التدريب الذي كانوا سيتلقونه في روسيا، ليجدوا أنفسهم لاحقًا يقاتلون في أوكرانيا. هذه القضية المتعلقة بـ الجنود المرتزقة أثارت غضبًا محليًا ودوليًا، وتضع الحكومة في موقف صعب.
بدأت القضية في الظهور بعدما تلقت الحكومة الجنوب أفريقية طلبات مساعدة من 17 مواطنًا، أفادوا بأنهم عالقون في مناطق قتال في أوكرانيا. وتشير التقارير إلى أن هؤلاء الأفراد سافروا إلى روسيا بناءً على وعود بتدريب مهني في مجال الأمن الخاص، ولكنهم وجدوا أنفسهم مجندين في صفوف القوات الروسية. وقد أدت هذه التطورات إلى اتهامات موجهة لشخصيات نافذة بالضلوع في عملية التجنيد.
التحقيقات تتجه نحو ابنة الرئيس السابق
تتركز الشبهات حاليًا حول دودوزيلي زوما سامبودلا، ابنة الرئيس الجنوب أفريقي السابق جاكوب زوما. وتُتهم سامبودلا بأنها لعبت دورًا رئيسيًا في إقناع هؤلاء الرجال بالسفر إلى روسيا، وأنها لم تكشف لهم عن المخاطر الحقيقية التي تنتظرهم. وقد نفت سامبودلا هذه الاتهامات، مدعية أنها هي الأخرى كانت ضحية تضليل.
ووفقًا لوسائل إعلام دولية، فإن رسائل واتساب تم الكشف عنها تشير إلى أن المجندين بدأوا في التعبير عن قلقهم بعد توقيعهم على عقود باللغة الروسية وفقدانهم القدرة على التواصل مع عائلاتهم. وقد انقطعت أخبارهم منذ أغسطس الماضي، مما زاد من مخاوف أهاليهم.
الخلفية القانونية والسياسية
تعتبر قضية الجنود المرتزقة معقدة من الناحية القانونية، حيث أن القانون الجنوب أفريقي يحظر على المواطنين القتال في صراعات أجنبية منذ عام 1998. وهذا يعني أن المشاركة في القتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا تعتبر جريمة بموجب القانون المحلي. بالإضافة إلى ذلك، تأتي هذه القضية في سياق علاقات متنامية بين جنوب أفريقيا وروسيا، مما يزيد من حساسيتها السياسية.
جنوب أفريقيا، التي حافظت على علاقات تاريخية مع موسكو تعود إلى الحقبة السوفيتية، شاركت في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا والصين في عام 2023. وقد أثارت هذه الخطوة انتقادات من بعض الدول الغربية، التي ترى فيها دليلًا على تقارب جنوب أفريقيا مع القوى الشرقية. ومع ذلك، يصر الرئيس سيريل رامافوزا على أن روسيا حليف وصديق مهم لبلاده.
تأثير القضية على العلاقات الدولية
تلقي هذه القضية بظلالها على العلاقات بين جنوب أفريقيا وأوكرانيا، وكذلك على علاقاتها مع الدول الغربية. وقد طالبت أوكرانيا بفتح تحقيق شامل في الأمر، وإعادة جميع المواطنين الجنوب أفريقيين الذين يقاتلون إلى جانب القوات الروسية. وتشير تقديرات وزارة الخارجية الأوكرانية إلى وجود أكثر من 1400 أفريقي يقاتلون في صفوف الجيش الروسي، وكثير منهم وقعوا ضحية لعمليات احتيال مماثلة.
بالإضافة إلى ذلك، تثير القضية تساؤلات حول دور الشركات الأمنية الخاصة في تجنيد الجنود المرتزقة، ومدى قدرة الحكومات على مراقبة هذه الشركات ومنعها من الانخراط في أنشطة غير قانونية. وتشير بعض التقارير إلى أن شركات أمنية خاصة قد تكون متورطة في عملية تجنيد المواطنين الجنوب أفريقيين.
وتشكل قضية المرتزقة تحديًا إضافيًا للحكومة الجنوب أفريقية، التي تواجه بالفعل ضغوطًا اقتصادية وسياسية كبيرة. وتأتي هذه القضية في وقت تحتاج فيه جنوب أفريقيا إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك روسيا وأوكرانيا والدول الغربية.
من المتوقع أن تواصل الحكومة الجنوب أفريقية تحقيقاتها في القضية، وأن تتخذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة مواطنيها وإعادتهم إلى الوطن. كما من المحتمل أن تضغط على الحكومة الروسية لتقديم معلومات حول عملية التجنيد، والتعاون في إعادة الجنود المرتزقة. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستنجح، وما إذا كانت القضية ستؤدي إلى توترات إضافية في العلاقات الدولية. سيراقب المراقبون عن كثب تطورات هذه القضية، وتأثيرها على السياسة الداخلية والخارجية لجنوب أفريقيا.





