مصدر رزق لآلاف الفلسطينيين.. إغلاق “الكرامة” يعرقل تصدير زيت الزيتون
رام الله– بات القلق يراود مزارعي ومصدري الزيت الفلسطيني إلى الخارج، خشية عدم القدرة على تصديره، كما تجري العادة منذ سنوات طويلة.
وتنبع المخاوف من تهديد مصدر دخل رئيسي لآلاف العائلات التي تنتظر الموسم بفارغ الصبر لجني المال وتحقيق مشاريعها من بناء وزواج ومصاريف جامعية وغيرها.
أما السبب فهو مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في إغلاق الشق التجاري من معبر “الكرامة”، الخاضع لسيطرته والمنفذ الرئيسي لفلسطينيي الضفة الغربية المحتلة، إلى الأردن والخارج.
ومنذ 9 سبتمبر/أيلول الماضي يغلق المعبر الواقع شرقي مدينة أريحا، أمام حركة الشاحنات وذلك بعد مقتل 3 من عناصر الأمني الإسرائيلي فيه برصاص سائق الشاحنة الأردني الشهيد ماهر الجازي.
معطيات رسمية
وفق معطيات وزارة الزراعة الفلسطينية، فإن عدد أشجار الزيتون في فلسطين يقدر بنحو 9 ملايين و300 ألف شجرة موزعة على 920 ألف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع).
ومطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري بدأ موسم جني ثمار الزيتون في الضفة الغربية، وسط تقديرات بإنتاج يتجاوز 22 ألف طن من الزيت، مقابل تشاؤم إزاء الموسم في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب مدمرة منذ أكثر من عام.
وتقدر الوزارة حجم الإنتاج من الثمار هذا العام بنحو 81 ألف طن، يتوقع أن ينتج منها نحو 17 ألفا و700 طن من الزيت، وتخليل نحو 8 آلاف طن من الزيتون.
وفق الوزارة فإن استهلاك المحافظات الفلسطينية السنوي يقدر بنحو 11 ألف طن، في حين يتم تصدير بين 5 و6 آلاف طن، مشيرة إلى وجود 276 معصرة زيتون، منها 6 معاصر تقليدية.
وذكرت أنه بسبب ظروف الحرب تم تدمير ما يزيد على 75% من أشجار الزيتون في قطاع غزة والبالغ عددها 1.3 مليون شجرة.
حسب وزارة الزراعة فإن صناعة زيت الزيتون تشكل 25% من الدخل الزراعي للأرض الفلسطينية المحتلة، وتسهم في سبل العيش لما يقرب من 96 ألفا و500 أسرة.
ووفق مختص فلسطيني، فإن الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج والأردن، وجهات رئيسية للزيت الفلسطيني.
ويقول فياض فياض وهو مزارع وصاحب معصرة، ومدير عام مجلس الزيت والزيتون الفلسطيني، إن تقديراته الشخصية تشير إلى كمية تتراوح بين 20 إلى 22 ألف طن من الزيت هذا العام.
وجهات تصدير الزيت
ويضيف، في حديثه للجزيرة نت، أن مجموع ما يخرج من فلسطين يقدر بنحو 7 آلاف طن تذهب وجهات ثلاث: الأولى على شكل أمانات لعائلات فلسطينية تقيم في دول الخليج وهذه بلا ضرائب أو جمارك، وهناك 16 شركة حاصلة على تصاريح نقل منذ فترة طويلة.
أما الوجهة الثانية فهي الأردن وينظمها بروتوكول تعاون بين وزارتي الزراعة الفلسطينية والأردنية يتيح سنويا لكل أسرة نقل 4 تنكات زيت (التنكة نحو 15 كيلوغراما) وذلك خلال الفترة بين نوفمبر/تشرين الثاني ويناير/كانون الثاني من كل عام.
أما الوجهة الثالثة فهي التصدير التجاري حيث يصدر نحو ألفي طن، وتتصدر الولايات المتحدة الدول المستوردة بنحو نصف الكمية، يليها معظم الدول الأوربية وبشكل خاص بريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا، ومن آسيا اليابان وماليزيا وإندونيسيا، وذلك بعائد إجمالي يقدر بنحو 16 مليون دولار.
لكن مع استمرار إغلاق معبر الكرامة، يتوقع فياض تأثيرات سلبية على المزارعين الفلسطينيين الذين ينتظرون الموسم لبيع منتجهم أو الإهداء إلى أقاربهم في الخارج.
وأوضح أن الصادرات إلى أوروبا والولايات المتحدة غالبا تتم عن طريق المطارات والموانئ الإسرائيلية، فيما يتوجب نقل الزيت إلى الأردن والخليج من خلال معبر الكرامة.
ودعا فياض إلى ضغط دولي على الاحتلال “للإسراع في حل مشكلة المعابر، وإذا لم تحل فإن المزارع الفلسطيني الذي يعتمد على الموسم لتوفير قوت عياله طوال العام سيتضرر، خاصة أن شريحة واسعة من العمال الذين كانوا يعملون داخل إسرائيل انشغلوا بموسم الزيتون هذا العام”.
وينصح فياض المزارعين بعدم التسرع في بيع الزيت “إلى حين فتح المعابر واستقرار الأسعار، خشية من بيعه بثمن أقل من السوق أو أقل مما يستحق، في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار زيت الزيتون عالميا”.
ارتفاع التكلفة
وتقدر النقابة الوطنية الفلسطينية لعمال النقل بأن نحو 300 شاحنة تنقل بضائع من معبر الكرامة إلى أنحاء الضفة الغربية يوميا، لكنها متوقفة عن العمل منذ إغلاقه.
ويعد المعبر شريان حياة رئيسيا للضفة حيث يتم من خلاله تصدير البضائع الفلسطينية للخارج والاستيراد أيضا عبر ميناء العقبة الأردني.
من جهته، يقول الحاج حلمي محمود، الذي يعمل منذ سنوات طويلة في تصدير الزيت الفلسطيني إلى الولايات المتحدة عبر شركته “المتوكل على الله” إن لدى المزارعين مخاوف من عدم قدرتهم على بيع إنتاجهم.
وأضاف أن التصدير إلى الولايات المتحدة لن يتأثر لأنه يتم عبر الموانئ والمطارات الإسرائيلية، ولكنه رجّح زيادة في التكلفة.
وأضاف أن “التصدير لدول الخليج سيتأثر حتما باستمرار إغلاق معبر الكرامة، فضلا عن تراجع الأسعار نظرا لنقص الطلب”.
ومعبر “الكرامة” بالتسمية الفلسطينية هو “اللنبي” بالتسمية الإسرائيلية، أو “جسر الملك حسين” بالتسمية الأردنية، ولا يستخدم في التبادل التجاري بين الأردن وإسرائيل.