مصر تواجه أزمة حادة في توافر الدواء وسط تحديات اقتصادية وضغوط على القطاع الصحي

تواجه مصر حاليًا أزمة متصاعدة في توفير بعض الأدوية الأساسية، مما أثار مخاوف واسعة النطاق بين المرضى والعاملين في القطاع الصحي. وتتجلى هذه الأزمة في نقص حاد في بعض الأصناف الدوائية الحيوية وارتفاع ملحوظ في أسعار البدائل المتاحة، الأمر الذي يمثل عبئًا إضافيًا على الأسر المصرية. وتعتبر أزمة نقص الدواء من القضايا الهامة التي تتطلب معالجة عاجلة لضمان حصول المواطنين على الرعاية الصحية اللازمة.
أسباب تفاقم أزمة نقص الدواء في مصر
يعزو خبراء القطاع الصحي أسباب هذه الأزمة إلى عدة عوامل متداخلة. من أبرز هذه العوامل ارتفاع تكلفة استيراد المواد الخام اللازمة لتصنيع الأدوية، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه سلاسل الإمداد العالمية. وقد ساهمت تقلبات أسعار الصرف بشكل كبير في زيادة هذه التكاليف، مما أثر على قدرة شركات الأدوية على الاستمرار في الإنتاج بوتيرة منتظمة.
بالإضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى أن زيادة الطلب المحلي على بعض الأدوية، خاصةً تلك المستخدمة في علاج الأمراض المزمنة، قد فاقّمت من حدة النقص. وتشهد بعض الصيدليات ازدحامًا كبيرًا من المرضى الذين يحاولون الحصول على أدويتهم المعتادة، مما يزيد من صعوبة الوضع.
تأثير الأزمة على المرضى
يعاني أصحاب الأمراض المزمنة بشكل خاص من نقص الأدوية، حيث يجدون صعوبة بالغة في الحصول على العلاج المنتظم. ويضطر العديد منهم إلى اللجوء إلى السوق السوداء، حيث تُباع الأدوية بأسعار مضاعفة، وهو ما يشكل انتهاكًا واضحًا لحقهم في الحصول على الرعاية الصحية بأسعار معقولة.
وقد تقدم النائب خالد طنطاوي بسؤال برلماني موجه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، بشأن أزمة الدواء وتصاعد أسعارها، مؤكدًا أن الدواء مسألة حياة أو موت وأن أي تقصير في هذا الملف يعتبر خطرًا على حياة المواطنين.
إجراءات حكومية لمواجهة الأزمة
اتخذت الجهات الحكومية المعنية عدة إجراءات بهدف احتواء أزمة نقص الدواء. وتشمل هذه الإجراءات تسريع عمليات تسجيل بعض الأدوية الجديدة، وتشجيع الاستثمار في التصنيع المحلي للأدوية لتقليل الاعتماد على الاستيراد. كما قامت وزارة الصحة بتكثيف الرقابة على الأسواق لمنع الاحتكار والتلاعب بالأسعار.
وأكدت مصادر رسمية أن الحكومة تعمل على تأمين مخزون استراتيجي من الأدوية الأساسية، بما يكفي لتلبية احتياجات المرضى لفترة زمنية معينة. وتشمل هذه الجهود توفير العملة الصعبة لشركات الأدوية الوطنية لتمكينها من استيراد المواد الخام اللازمة للإنتاج. وتعتبر زيادة الإنتاج المحلي من الأدوية من أهم الحلول الاستراتيجية لضمان الأمن الدوائي.
وطالب النائب طنطاوي بإعادة النظر في تسعير الأدوية لتحقيق التوازن بين تكلفة الإنتاج وقدرة المرضى على تحمل الأسعار، بالإضافة إلى تشديد الرقابة على سلاسل التوزيع لمنع التخزين والتهريب. كما دعا إلى الإعلان بشفافية عن أي نقص في الأدوية ووضع خطط واضحة لتعويض هذه النواقص.
مستقبل الأمن الدوائي في مصر
تؤكد الحكومة المصرية على أهمية تحويل مصر إلى مركز إقليمي رئيسي في صناعة الأدوية. وتشير إلى أن مصر تمتلك المقومات الطبيعية والبشرية اللازمة لتحقيق هذا الهدف الطموح. ويتطلب ذلك وضع خطط وسياسات جديدة تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية في هذا القطاع، وتطوير البنية التحتية اللازمة لإنتاج الأدوية بجودة عالية.
من المتوقع أن يعقد مجلس الوزراء اجتماعًا خلال الأسبوع القادم لمناقشة آخر مستجدات أزمة الدواء، واتخاذ قرارات جديدة بشأن دعم شركات الأدوية وتوفير الأدوية الأساسية للمواطنين. وسيتم التركيز بشكل خاص على توفير العملة الصعبة لشركات الأدوية، وتسهيل إجراءات الاستيراد، وتشجيع الإنتاج المحلي. نقص الدواء لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا، ويتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية لضمان حصول المرضى على العلاج الذي يحتاجونه.
وتشير التوقعات إلى أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأدوية بشكل أكبر، وزيادة معاناة المرضى، خاصةً أصحاب الأمراض المزمنة. لذلك، من الضروري اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لحل هذه الأزمة، وضمان الأمن الدوائي للمواطنين. الأدوية هي حق أساسي من حقوق الإنسان، ويجب على الدولة أن تعمل على توفيرها بأسعار معقولة للجميع. القطاع الصحي في مصر يراقب عن كثب تطورات الأزمة، ويأمل في أن يتم التوصل إلى حلول مستدامة في أقرب وقت ممكن.





