معسكرات بلا دواء ولا غذاء.. معاناة قاسية للنازحين بمدينة الأبيض

تتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، حيث يواجه النازحون أوضاعاً مأساوية في مدينة الأبيض ومناطق أخرى، مع استمرار القتال وتزايد أعداد الفارين من ديارهم. وتواجه المعسكرات صعوبات كبيرة في توفير الاحتياجات الأساسية للسكان، مما يثير مخاوف جدية مع اقتراب فصل الشتاء. هذا الوضع يضع ضغوطاً هائلة على الموارد المتاحة والجهود الإغاثية.
تشير التقارير إلى أن مدينة طويلة استقبلت أكثر من 600 ألف نازح، بينما يضم معسكر بالبيضاء أكثر من مليون شخص. هذا التدفق الهائل للنازحين أدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء والمأوى، بالإضافة إلى تفاقم الأوضاع الصحية. وتعتمد هذه المناطق بشكل كبير على المساعدات الإنسانية العاجلة.
تدهور أوضاع النازحين في الأبيض وطويلة
وصف مراسل الجزيرة الطاهر المرضي الوضع في مناطق النزوح بأنه “صعب للغاية”، مشيراً إلى أن المساعدات الغذائية التي تصل لا تكفي لتلبية الاحتياجات المتزايدة. وأكد نازحون أن الكميات المتوفرة من الحبوب “غير كافية إطلاقاً” للحفاظ على حياتهم اليومية.
بالإضافة إلى ذلك، يعاني النازحون من نقص حاد في الخدمات الصحية، حيث يفتقر المعسكر إلى مستشفى ميداني، وتعتمد المنطقة على عيادات متنقلة محدودة الإمكانيات. وقد أبلغت مصادر طبية عن ارتفاع ملحوظ في حالات سوء التغذية، خاصة بين الأطفال.
تحديات إضافية مع حلول فصل الشتاء
مع اقتراب فصل الشتاء، تزداد معاناة النازحين بسبب الظروف الجوية القاسية. فالخيام المهترئة والممزقة لا توفر حماية كافية من البرد والأمطار، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض.
وتشكل هذه الظروف تحدياً إضافياً للمنظمات الإنسانية التي تسعى جاهدة لتقديم المساعدة. ومع ذلك، لا يزال الدعم المقدم أقل بكثير من الاحتياجات الفعلية، حيث لم تتجاوز المساعدات التي قدمها برنامج الأغذية العالمي وغيره من المنظمات 30% من المطلوب.
موجات النزوح المستمرة وتأثيرها على الأزمة الإنسانية
لا تزال موجات النزوح مستمرة من مناطق مختلفة، بما في ذلك بارا، علوبة، البان جديد، كازقيل، وغرب الأبيض. العمليات العسكرية الأخيرة دفعت آلاف الأسر إلى الفرار، مما أدى إلى زيادة الضغط على الموارد المتاحة في مناطق النزوح.
وحذر محمد الناير، الناطق باسم حركة تحرير السودان-مجموعة عبد الواحد نور، من كارثة إنسانية وشيكة في مناطق الحركة، مشيراً إلى أن 80% من النازحين مهددون بالمجاعة. ودعا الناير الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى زيادة الدعم وتقديم المساعدة العاجلة.
وتشير التقديرات إلى أن مشفى واحداً فقط يخدم أكثر من مليون ونصف المليون نازح في طويلة، مما يعكس حجم الانهيار في النظام الصحي. هذا النقص في الخدمات الطبية يهدد حياة العديد من النازحين، خاصة الفئات الأكثر ضعفاً.
تتزايد الدعوات إلى وقف شامل لإطلاق النار تحت مراقبة دولية، بهدف السماح بتدفق المساعدات الإنسانية واستقرار الأوضاع في مناطق النزوح. ويعتبر هذا الوقف لإطلاق النار أمراً ضرورياً لتلبية الاحتياجات المتزايدة للنازحين وتجنب المزيد من التدهور في الأوضاع الإنسانية.
الوضع في السودان يتطلب استجابة إنسانية عاجلة ومنسقة. وتعتبر زيادة الدعم المقدم للمنظمات الإنسانية وتسهيل وصول المساعدات إلى المحتاجين أمراً حيوياً لإنقاذ حياة النازحين وتخفيف معاناتهم.
من المتوقع أن تقدم الأمم المتحدة تقريراً مفصلاً عن الوضع الإنساني في السودان في غضون الأسبوعين المقبلين، مع التركيز على الاحتياجات العاجلة للنازحين. وستبحث المنظمات الدولية أيضاً سبل زيادة الدعم المقدم للسودان، بما في ذلك تخصيص المزيد من الموارد المالية والإنسانية. ومع ذلك، لا تزال التحديات كبيرة، ويتوقف نجاح هذه الجهود على التزام جميع الأطراف بوقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات إلى المحتاجين.





