من أرشيف الشرطة إلى الشاشة.. كيف نجح فيلم “وحش حولّي” في خطف الأضواء؟

وسط اهتمام متزايد بالإنتاج السينمائي الخليجي، يبرز الفيلم الكويتي “وحش حولّي” كمحاولة فنية جريئة لتحويل تفاصيل جريمة حقيقية إلى عمل درامي مشوق، مع التركيز على الجوانب النفسية والاجتماعية للقضية. الفيلم، الذي يعيد فتح ملف جريمة هزت الكويت عام 2008، يثير تساؤلات حول حدود تمثيل الأحداث الصادمة وكيفية الحفاظ على كرامة الضحايا في سياق سردي يهدف إلى التشويق والإثارة.
ينتمي “وحش حولّي” إلى نوعية أفلام الجريمة والدراما النفسية، حيث يستند إلى وقائع حقيقية تركت أثراً عميقاً في الذاكرة الجماعية. يمزج الفيلم بين عناصر التحقيق البوليسي وتأثير الجريمة على الضحايا والمجتمع، مما يجعله عملاً يطرح أسئلة أخلاقية وفنية حول كيفية التعامل مع قصص الألم والمعاناة.
“وحش حولّي“.. من مسلسل إلى فيلم
بدأت قصة “وحش حولّي” كجزء من مسلسل درامي كويتي عرض في عام 2025 على منصة “شاشا” الرقمية. المسلسل، الذي يحمل اسم “وحوش”، قدم عشر حلقات مستوحاة من قضايا جنائية حقيقية وقعت في الكويت، مع التركيز على الجوانب الإنسانية والنفسية لكل قضية. نجاح المسلسل دفع “نتفليكس” إلى اقتناء الحقوق وتحويل كل قضية إلى فيلم مستقل، مما أتاح للعمل الوصول إلى جمهور أوسع على مستوى العالم.
يركز فيلم “وحش حولّي” بشكل خاص على قضية “حجاج”، المتهم بالاعتداء على عدد من الأطفال في منطقة حولّي. يستعرض الفيلم تفاصيل التحقيقات التي أجرتها الشرطة، ومحاولاتهم للإيقاع بالجاني، بالإضافة إلى استعراض دوافعه وخلفياته النفسية من خلال مشاهد “فلاش باك”.
رهان على القصة الحقيقية
يعتمد الفيلم على قوة القصة الحقيقية كعنصر جذب رئيسي للجمهور. عادة ما تثير القضايا الجنائية التي تقع في الواقع اهتماماً أكبر لدى المشاهدين، خاصة عندما يتم تقديمها بطريقة درامية ومشوقة. هذا الاهتمام يعود إلى رغبة الناس في فهم الأسباب والدوافع التي تدفع الأفراد إلى ارتكاب الجرائم، وكذلك إلى التعاطف مع الضحايا ومعاناتهم.
ساهم أداء الممثلين، وعلى رأسهم بشار الشطي في دور المحقق ومحمد يوسف “أوزو” في دور “حجاج”، في نجاح الفيلم. كما أشاد النقاد بالإخراج المتقن لمحمد سلامة، وقدرته على خلق جو من التشويق والإثارة، مع الحفاظ على حساسية القضية واحترام مشاعر الضحايا. استخدام الإضاءة الداكنة والزوايا التصويرية المبتكرة ساهم في تعزيز هذا الجو.
جدل وانعكاسات اجتماعية
أثار فيلم “وحش حولّي” جدلاً واسعاً في بعض الأوساط، خاصة في مصر، بسبب اختيار ممثل مصري لأداء دور الجاني. اعتبر البعض أن هذا الاختيار قد يساهم في تكريس صورة نمطية سلبية عن الجالية المصرية. في المقابل، رأى آخرون أن الفيلم لا يهدف إلى الإساءة إلى أي مجتمع، بل يسعى إلى تسليط الضوء على قضية إنسانية مهمة.
بالإضافة إلى ذلك، أثار الفيلم نقاشاً حول مسؤولية الفن تجاه المجتمع، وكيفية التعامل مع القصص الحقيقية التي تتضمن جرائم عنف واعتداء. هل يجب على الفنانين أن يقدموا هذه القصص كما هي، أم يجب عليهم أن يحرصوا على عدم إثارة مشاعر الألم والمعاناة لدى الضحايا وعائلاتهم؟
من المتوقع أن يستمر الجدل حول فيلم “وحش حولّي” في الأيام والأسابيع القادمة. من المرجح أن تتناول وسائل الإعلام والمنصات الاجتماعية القضية بشكل أوسع، مما قد يؤدي إلى زيادة الوعي بقضايا العنف ضد الأطفال وأهمية حماية حقوقهم. من الجدير بالملاحظة أن وزارة الداخلية الكويتية لم تصدر أي تعليق رسمي حول الفيلم حتى الآن، وهو ما قد يثير المزيد من التساؤلات حول موقفها من هذا العمل الفني.
بشكل عام، يمثل فيلم “وحش حولّي” إضافة مهمة إلى السينما الخليجية، ويطرح أسئلة مهمة حول العلاقة بين الفن والمجتمع، وكيفية التعامل مع القصص الحقيقية التي تتضمن جرائم عنف واعتداء. الفيلم، الذي يعتمد على القصص الحقيقية، يثير نقاشاً حول الدراما والجريمة، ويقدم رؤية فنية جريئة ومثيرة للتفكير. وحش حولّي يمثل تحدياً للمخرجين والمنتجين في المنطقة لتقديم أعمال فنية ذات جودة عالية، وتتناول قضايا تهم المجتمع.





