Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

مواجهة بين جنوب أفريقيا وواشنطن بشأن رئاسة قمة الـ20

انطلقت قمة قادة مجموعة العشرين (G20) في جوهانسبورغ، جنوب أفريقيا، يوم السبت وسط أجواء مشحونة وغياب لافت للوفد الأمريكي. وقد اختتم القادة أعمال القمة بإعلان مشترك، جاء بعد مفاوضات مكثفة تناولت قضايا عالمية ملحة مثل المساواة بين الجنسين، والتغير المناخي، والأزمات الإنسانية في غزة والسودان وأوكرانيا، بالإضافة إلى الكونغو الديمقراطية. وتلقي هذه القمة الضوء على أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات العالمية.

ورفضت جنوب أفريقيا في خطوة غير مسبوقة طلبًا أمريكيًا متأخرًا يسمح بوجود ثمانية موظفين من السفارة الأمريكية في ختام القمة يوم الأحد، وذلك قبل تسليم الرئاسة إلى الولايات المتحدة رسميًا. هذا الرفض يأتي على خلفية توترات دبلوماسية متصاعدة، وأثار تساؤلات حول مستقبل التعاون بين البلدين في إطار المجموعة.

قمة مجموعة العشرين: توترات أمريكية تلقي بظلالها على الإعلان المشترك

تصاعد التوتر قبل بدء القمة، حيث جدد وزير العلاقات الدولية في جنوب أفريقيا، رونالد لامولا، اتهاماته للولايات المتحدة باعتناق “أجندة تفوق البيض”، وهي التصريحات التي سبق أن أدت إلى طرد السفير الجنوب أفريقي من واشنطن. تعتبر هذه التصريحات تعبيرًا عن استياء جنوب أفريقيا من سياسات الإدارة الأمريكية.

وأكد المتحدث باسم الرئاسة الجنوب أفريقية، فينسنت ماغوينيا، أن الرئيس سيريل رامافوزا لن يسلم رئاسة المجموعة إلى “مسؤول صغير”، ما يشير إلى إصرار جنوب أفريقيا على مستوى عالٍ من التمثيل الأمريكي في عملية التسليم. وشهدت القمة حضورًا لافتًا لقادة عالميين بارزين مثل إيمانويل ماكرون، وناريندرا مودي، ولي تشيانغ، ولولا دا سيلفا، ورجب طيب أردوغان، وكير ستارمر، وفريدريش ميرتس، بالإضافة إلى قادة عرب وأفارقة.

الخلافات حول الرئاسة والتنفيذ

أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مقاطعة القمة في وقت سابق من شهر نوفمبر/تشرين الثاني، معلنةً أن السبب هو “اضطهاد الأقلية البيضاء” في جنوب أفريقيا، على الرغم من أن فرقًا أمريكية كانت قد أكملت بالفعل معظم الترتيبات لزيارة نائب الرئيس. يعكس هذا القرار تحولاً في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القارة الأفريقية.

ورأت مصادر إعلامية أن المطالب الأمنية التي قدمتها السفارة الأمريكية كانت “صعبة التنفيذ” بالنسبة لجنوب أفريقيا، وشملت طلبات لمرافقة شرطية خاصة وفحص دقيق لسيارات الموكب في مواقع غير تقليدية. هذه المطالب أثارت شكوكًا حول النوايا الحقيقية للوفد الأمريكي.

تحقيق إعلان مشترك رغم التحديات

على الرغم من غياب الوفد الأمريكي رفيع المستوى، نجح القادة في التوصل إلى مسودة إعلان مشترك بعد خمسة أيام من المفاوضات المتواصلة، وشملت جلسة ليلية مطولة. تركزت الخلافات خلال المفاوضات على قضايا حيوية مثل تغير المناخ، والطاقة المتجددة، والمساواة بين الجنسين. تعكس هذه المفاوضات تعقيدات التوصل إلى توافق دولي في ظل اختلاف الأولويات والمصالح.

وصرح ماغوينيا أن الإعلان المشترك يعكس نجاح جنوب أفريقيا في “توسيع صوت أفريقيا” على أجندة التنمية العالمية، مشيرًا إلى أن القارة الأفريقية تم ذكرها عدة مرات في النص. هذا الإنجاز يعتبر خطوة مهمة نحو تعزيز دور أفريقيا في صنع القرار على المستوى الدولي.

مستقبل التعاون الدولي بعد قمة مجموعة العشرين

قد يشهد تنفيذ التوصيات الواردة في الإعلان المشترك بعض التباطؤ في ظل رئاسة أمريكية محتملة، بحسب المحللين. لكن في الوقت ذاته، أشارت جنوب أفريقيا إلى أنها تعتمد على المؤسسات متعددة الأطراف لمواصلة العمل على قضايا مثل عدم المساواة واستدامة الديون، مؤكدةً أن هذه الملفات ستبقى على جدول الأعمال حتى بعد انتهاء فترة رئاستها. يظل التعاون مع المؤسسات الدولية ضروريًا لضمان تحقيق الأهداف التنموية المشتركة.

وفي تطور لافت، تعهدت الولايات المتحدة عبر اتصال مرئي بتقديم 4.6 مليار دولار لصندوق الصحة العالمي، وهو مبلغ أقل من التزام سابق، لكنه يؤكد على استمرار التزامها بالجهود الصحية الدولية. هذا التعهد يعتبر حافزًا إيجابيًا للعمل المشترك في مجال الصحة العالمية.

ويرى الباحث في العلاقات الدولية، جون سترملو، أن سلوك الإدارة الأمريكية في هذه القمة ينم عن “التنمر” ضد جنوب أفريقيا، لكنه في المقابل أشاد بإصرار قادة جنوب أفريقيا على التمسك بمبادئ حقوق الإنسان العالمية، والذين حظوا بدعم واسع من المجتمع الدولي خلال القمة. يجب مراقبة التطورات القادمة لتقييم تأثير هذه التوترات على مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا.

من المتوقع أن تتسلم الولايات المتحدة رسميًا رئاسة مجموعة العشرين في ديسمبر/كانون الأول 2025. وستواجه الإدارة الأمريكية الجديدة تحديات كبيرة في الحفاظ على الزخم الذي تحقق في هذه القمة، وفي إيجاد حلول للتحديات العالمية الملحة. ستكون رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة وأولوياتها حاسمة في تحديد مسار المجموعة في السنوات القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى