موقع إخباري: ما صحة الروايات عن الصراع في الكونغو الديمقراطية؟
![](https://dailygulfnews.com/wp-content/uploads/2025/02/congo4-1739527357-780x470.jpg)
أفاد تقرير على موقع وكالة “ذا نيو هيومانيتيريان” للأنباء بأن استيلاء حركة 23 مارس (إم 23) المتمردة الشهر الماضي على مدينة غوما عاصمة مقاطعة شمال كيفو الشمالية قد ضاعف من التغطية الإعلامية الدولية للأزمة المنسية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وورد في التقرير أن معظم التقارير التي تتناول الصراع تستخدم صيغا خاطئة تشير إلى أن الدافع الوحيد وراءه هو الرغبة في نهب الموارد المعدنية الغنية في المنطقة.
وذكر كاتبا المقال -كريستوف فوغل المؤسس المشارك لمعهد إيبوتلي الكونغولي للأبحاث المتعلقة بالسياسة والإدارة والعنف وجوديث فيرويجين الأستاذة المساعدة في جامعة أوتريخت الهولندية- أن التقارير التي تتحدث عن نهب المعادن تتضمن أوصافا مجازية إذ يزعم مؤيدو هذه الرواية أن حركة إم 23 وحلفاءها الروانديين أشعلوا فتيل التمرد لنهب كميات كبيرة من المعادن من الكونغو الديمقراطية المجاورة.
مصالح
كذلك ادّعوا أن شركات الإلكترونيات أو التكنولوجيا الغربية تشتري المعادن التي يصاحب استغلالها أعمال عنف، ومن ثم تصبح متواطئة في الصراع، وأن الحرب يحرِّكها التنافس على ما يسمى “بالمعادن الحرجة” التي يتطلبها التحول في مجال الطاقة.
ووفقا للمقال، ليس هناك شيء جديد أو مفاجئ في ما يتعلق بإلقاء اللوم في تمرد حركة 23 مارس على الجشع على الموارد، فقد كانت تلك المعادن العدسة الرئيسية التي ظلت وسائل الإعلام الدولية تنظر من خلالها إلى النزاعات في شرق الكونغو الديمقراطية طوال ما يقرب من 3 عقود.
وفي حين أن الحروب المستعرة في بيئات أخرى غالبا ما يتم الإقرار بأنها نتاج جغرافيا سياسية وتاريخ وأيديولوجيا أكثر تعقيدا، إلا أن الحروب في أفريقيا تُختزل في الجشع المحض، كما يزعم المقال.
ويحاول الكاتبان في مقالهما تبرئة الشركات الغربية من جريرة ما يحدث في تلك الدولة الواقعة في وسط أفريقيا؛ إذ يريان أن الرواية المتعلقة بالتمرد بقدر ما هي مغرية فهي في نظرهما ناقصة وزائفة، بل يمكن أن تكون خطيرة للغاية لأنها قد تفضي إلى سياسات رديئة وجهود سلام فاشلة تضرّ في نهاية المطاف بالشعوب التي تعاني من ويلات العنف.
الموارد الطبيعية
ويعتقدان أن سردية المعادن هذه ترتكز في نهاية المطاف على رؤية استعمارية للعالم، حيث المنتجون والمستهلكون الغربيون هم الفيصل في المعاناة المستمرة في شرق الكونغو الديمقراطية.
وتلعب الموارد الطبيعية دورا مهما في الاقتصاد السياسي لكل من شرق الكونغو الديمقراطية ورواندا، والصحيح أيضا أن عودة حركة إم 23 في عام 2021 مرتبطة بارتفاع حاد في صادرات المعادن في رواندا، وفقا للإحصاءات الرسمية.
لكن ما الذي يدفع حركة إم 23 إلى التمرد؟ يتساءل الكاتبان قبل أن يجيبا أن الدافع يعود، من ناحية، إلى مصالح قيادة الحركة وطموحاتها، وبعضها مصالح فردية مرتبطة بالعفو عن أعمال العنف السابقة، فضلا عن المطالبات السياسية والعسكرية الأوسع نطاقا.
ومن ناحية أخرى، فإن رواندا -التي دعمت الحركة الكونغولية المتمردة ببضعة آلاف من المقاتلين كما تقول الأمم المتحدة- ظلت تمارس على مدى 3 عقود مضت نفوذا على شرق الكونغو الديمقراطية دفاعا عن مصلحتها الراسخة هناك.
إغراءات جمركية
وعلى عكس الرواية القائلة إن حركة إم 23 لعبت دورا حاسما في وصول رواندا إلى المعادن الكونغولية، فإن هذه الدولة تملك القدرة على الوصول إليها بغض النظر عن دعمها للتمرد أو التدخل بقواتها الخاصة في الصراع هناك.
ويعزو المقال السبب في ذلك لحد كبير إلى أن رواندا تفرض رسوما جمركية أقل تغري المنتجين الكونغوليين بالتصدير إليها سواء بشكل قانوني أو غير قانوني، وهذا يعني أنهم يفعلون ذلك عن طيب خاطر وليس بالضرورة تحت تهديد السلاح.
ورغم أن صادرات رواندا الرسمية من الذهب تضاعفت في السنوات الأخيرة، حيث يأتي معظمه من الكونغو الديمقراطية، فإن علاقتها بالحركة المتمردة لا تزال غير واضحة، بحسب مقال وكالة “ذا نيو هيومانيتيريان” التي تتخذ من العاصمة الكينية نيروبي مقرا لها.