“هجّان”… قربوا مربط “الحَفيرة” مني

أعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية عن قرب الانتهاء من عمليات إزالة التعديات على مربط “الحَفيرة” التاريخي في منطقة الرياض، والذي يُعد من أهم المواقع المتعلقة بتراث الإبل الأصيلة. وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود حماية المراعي الطبيعية والاستثمار في قطاع الإبل، حيث تسبب التعدي على المربط بضرر كبير على البيئة وتاريخ المنطقة. عمليات الإزالة ستشمل استعادة الأراضي المتضررة وتركيب حمايات لمنع التعدي المستقبلي، مما يعزز من مكانة “هجّان” الرياض بشكل عام.
وبحسب بيان الوزارة، فإن الانتهاء من إزالة التعديات متوقع خلال الأشهر القليلة القادمة، وسيتبع ذلك خطة شاملة لإعادة تأهيل المربط وفتح أبوابه للباحثين والمربين المهتمين بالإبل. وتهدف هذه الإجراءات إلى الحفاظ على سلالات الإبل الأصيلة ودعم المزارع المنتجة، بالإضافة إلى تعزيز السياحة البيئية والثقافية في المنطقة. وتشمل خطط التطوير أيضًا برامج للرعاية البيطرية والتحسين الوراثي للإبل.
أهمية مربط “الحَفيرة” وتاريخه في “هجّان” السعودية
يمتلك مربط “الحَفيرة” تاريخًا عريقًا في تربية الإبل الأصيلة، ويعود تأسيسه إلى عهد قديم. ويحظى بسمعة مرموقة في أوساط مربي الإبل لإنتاجه سلالات متميزة من حيث الصفات الوراثية والأداء. ويعتبر هذا المربط جزءًا لا يتجزأ من ثقافة “هجّان” في المملكة العربية السعودية.
التعديات وأثرها على الموارد الطبيعية
تعرض مربط “الحَفيرة” لعدة موجات من التعديات خلال السنوات الماضية، تسببت في إزالة أجزاء كبيرة من الأراضي المملوكة للمربط، وتحويلها إلى استخدامات أخرى غير مرخصة. وقد أدت هذه التعديات إلى تدهور المراعي الطبيعية، ونقص المياه، وتضرر سلالات الإبل الموجودة.
الجهود الحكومية لحماية التراث الإبلي
تأتي عمليات إزالة التعديات من مربط “الحَفيرة” كجزء من جهود متواصلة تبذلها الحكومة السعودية لحماية تراث الإبل ودعم مربيها. وقد كثفت وزارة البيئة والمياه والزراعة من الرقابة على المراعي والمربط، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المتعدين. كما بادرت الوزارة بتنفيذ برامج لدعم مربي الإبل، وتقديم الخدمات البيطرية والإرشادية لهم.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل الحكومة على تطوير البنية التحتية المتعلقة بقطاع الإبل، مثل إنشاء الأسواق والمذبحَات، وتوفير الأعلاف والمياه بأسعار مدعومة. وتهدف هذه الجهود إلى تحسين إنتاجية مربي الإبل، وزيادة دخلهم، وتشجيعهم على الاستمرار في هذا العمل التقليدي. الاستثمار في قطاع الإبل يعتبر جزءًا من رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز التنمية المستدامة.
في سياق متصل، تزايد الاهتمام بـ “الرّيْع” (لون الإبل) كعنصر أساسي في تحديد قيمة الإبل الأصيلة، وهذا ما يمثل تحديًا إضافيًا لجهود الحفاظ على السلالات المتميزة الموجودة في مربط “الحَفيرة” والمناطق الأخرى. ويعتمد تقييم الإبل على عدة عوامل، بما في ذلك لونها، وشكلها، وسلالتها، وأدائها في السباقات والمحالب.
ومع ذلك، فإن جهود الحفاظ على الإبل لا تقتصر على الجانب الحكومي فقط؛ بل يشارك فيها أيضًا القطاع الخاص والمجتمع المدني. تقوم العديد من الشركات والمؤسسات بتمويل الأبحاث والدراسات المتعلقة بالإبل، وتطوير التقنيات الحديثة المستخدمة في تربيتها. كما تنظم العديد من الجمعيات والمراكز الثقافية فعاليات وأنشطة تهدف إلى التعريف بالإبل، وتعزيز ثقافة “هجّان”.
وفي المقابل، هناك بعض التحديات التي تواجه جهود الحفاظ على الإبل، مثل ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتغير المناخ، وانتشار الأمراض. وتتطلب مواجهة هذه التحديات تضافر الجهود بين جميع الأطراف المعنية، وتبني حلول مبتكرة ومستدامة. ويعتبر تطوير “أسواق الإبل” المخصصة خطوة هامة لضمان سلامة التداول وحماية حقوق المربين.
أشارت تقارير حديثة إلى أن قطاع الإبل يشهد نموًا ملحوظًا في المملكة العربية السعودية، وزيادة في الطلب على الإبل الأصيلة. ويعود ذلك إلى عدة عوامل، بما في ذلك الاهتمام المتزايد بالثقافة والتراث، وزيادة الدخل المتاح للمواطنين، وتطور قطاع السياحة البيئية. كما أن الإبل تعتبر مصدرًا هامًا للبروتين الحيواني، ومنتجات الألبان.
يُتوقع أن تعلن وزارة البيئة والمياه والزراعة عن تفاصيل خطة إعادة التأهيل لمربط “الحَفيرة” في غضون شهرين. وتشمل الخطة تحديد أنواع النباتات والأشجار التي ستزرع في المربط، وتوفير مصادر المياه اللازمة للري، وتركيب الحمايات لمنع التعدي المستقبلي. إضافة إلى ذلك، سيتم إنشاء مرافق خدمية للزوار والباحثين، مثل المكاتب والمختبرات والمتاحف. يبقى تقييم الأثر الفعلي لعمليات الإعادة التأهيل على سلالات الإبل الأصيلة في المربط موضوعًا يستحق المتابعة.





