يسألون أين أونروا ومنظمة التحرير؟.. نازحو مخيم اليرموك يحلمون بالعودة والإعمار

دمشق – مضت سنوات عديدة على تدهور الأوضاع الإنسانية في مخيم اليرموك، أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سوريا، حيث تحول المخيم من رمز للصمود إلى بقعة تعاني من الفقر المدقع والعزلة. فبعد حصار طويل بين عامي 2012 و2018، وتهجير قسري لسكانه إلى مناطق شمال غربي سوريا، لا يزال آلاف الفلسطينيين يعيشون ظروفاً قاسية تتفاقم مع مرور الوقت، وتتطلب تدخلاً عاجلاً من الجهات المعنية.
وتشير التقارير إلى أن معاناة سكان المخيم ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لواقع اللجوء الذي بدأ مع نكبة فلسطين عام 1948. فقد تعرضوا للحصار والقتل والتدمير والتهجير المتكرر، بدءاً من اليرموك وصولاً إلى مناطق مثل دير بلوط وعفرين وإدلب، حيث يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة.
عزلة وتشتت في مخيم اليرموك
اليوم، وبعد مرور أكثر من عام على التغييرات السياسية في سوريا، لا يزال آلاف اللاجئين الفلسطينيين من اليرموك يعيشون في عزلة شبه تامة. ويواجهون صعوبات جمة في الحصول على الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، بالإضافة إلى نقص فرص العمل وارتفاع تكاليف المعيشة. وتؤكد مصادر ميدانية أن المساعدات الإنسانية التي تصل إليهم غير كافية لتلبية احتياجاتهم المتزايدة.
ويقول عامر عارف الشاعر، وهو لاجئ فلسطيني مهجر من مدينة صفد، يقيم حالياً في منطقة جنديرس بريف حلب: “حُوصِرنا في مخيم اليرموك، جُوعنا وجُرحنا ودُمرت بيوتنا، ثم تفرقنا وأُخرجنا إلى هنا منذ سنوات عديدة”. ويضيف الشاعر أن الوضع الحالي يبعث على اليأس، وأنهم يشعرون بالإهمال من قبل جميع الأطراف المعنية.
غياب الدعم الرسمي
ويؤكد الشاعر أن منظمة التحرير الفلسطينية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لم يقدموا لهم أي دعم حقيقي حتى الآن. ويشير إلى أنهم لم يتلقوا سوى وعود فارغة، وأنهم يعيشون على المساعدات القليلة التي يقدمها بعض المتطوعين المحليين.
ويضيف: “نناشد منظمة التحرير الفلسطينية وأونروا وهيئة الشؤون الفلسطينية، والرئيس الفلسطيني محمود عباس شخصياً. نحن لا نطلب كرتونة مساعدات ولا بطانيات، نريد فقط العودة إلى منازلنا وإعادة بنائها”.
الوضع الإنساني المتردي
ويصف اللاجئون الفلسطينيون الظروف المعيشية في مخيمات شمال سوريا بأنها كارثية. فالخيام التي يعيشون فيها متهالكة وغير مناسبة للسكن، وتفتقر إلى أبسط وسائل التدفئة والتهوية. كما أنهم يعانون من نقص حاد في المياه والغذاء والدواء.
وتشير التقارير إلى أن نحو 20% من مباني مخيم اليرموك دُمرت بالكامل خلال سنوات الحرب، بينما تعرض 20% أخرى لأضرار جزئية. وهذا يعني أن العودة إلى المخيم ستكون صعبة للغاية، وستتطلب جهوداً كبيرة لإعادة الإعمار.
انعدام الخيارات وتدهور الأوضاع
من جهته، يروي أبو صالح، وهو لاجئ فلسطيني من قرية سمخ قضاء طبريا، قصة تهجيره المتكرر منذ نكبة 1948. ويقول: “كنا نجلس مشتتين في الشوارع”، ويضيف أن “النظام السوري السابق فعل الشيء نفسه عندما هاجم الناس بالمخيم وهجرهم مرة أخرى، والآن نحن مشردون منذ 14 سنة”.
ويصف أبو صالح الوضع في المخيم بأنه “سيئ للغاية وأن لا شيء بلا ثمن”، مشيراً إلى حاجتهم للتدفئة والغاز، وأن الناس يعانون من نقص كل شيء. ويؤكد أنهم لا يستطيعون العودة إلى مخيم اليرموك لأن بيوتهم قد دُمرت بالكامل.
ويضيف أبو صالح، وسط شعور باليأس من عدم وجود من يهتم بهم: “ليس لنا سوى الله معين”. ويتابع أن أونروا تقدم مساعدات قليلة، ويذكرها أن هناك فلسطينيين مشردين في الشمال، في وقت تتواصل الأمطار لتغرق خيامهم. ويتساءل مستنكراً عن نهاية معاناتهم: “ألا يكفي ذلك؟”.
المستقبل غامض
في الوقت الحالي، لا يوجد أي حل واضح لأزمة اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك. وتعتمد عودتهم إلى ديارهم على تطورات الوضع السياسي والأمني في سوريا، وعلى توفر الموارد اللازمة لإعادة الإعمار. من المتوقع أن تستمر الجهات المعنية في تقييم الأوضاع الإنسانية في المخيم، وتقديم المساعدات الطارئة للسكان. ومع ذلك، يبقى مستقبل هؤلاء اللاجئين مجهولاً، ويتطلب جهوداً دولية وإقليمية مكثفة لإيجاد حل عادل ودائم لقضيتهم.





