أنا مشهور إذن أنا موجود! (2-2)
يتخذ الناشطون على منصات التواصل الاجتماعي الذين غالباً ما يحظون بالكثير من الانتشار والشهرة والتأثير على خيارات وقرارات متابعيهم عدة مسميات مثل: المشاهير، والمؤثرين، والمدونين، حيث تتحدد شهرة وتأثير كل فئة بحسب أعداد متابعيهم الذين يتراوحون بين الـ 100 ألف والـ 5 ملايين فما فوق، هذه الأرقام تحدد كذلك سطوة وسعر المؤثر في سوق الإعلان، فالمعروف أن المؤثرين هم أشخاص مسوقون بالدرجة الأولى، يساهمون في تسويق السلع والخدمات بشكل أساسي!
وتقف ثورة المعلوماتية والتقنية أساساً وراء ظاهرة انتشار المشاهير والمؤثرين التي برزت عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي عززت هذا الاندفاع الجنوني نحو الشهرة والتواجد تحت الضوء بأي طريقة، فلكي تصبح مرئياً ومحل اهتمام الآخرين وتحظى بإعجابهم ومتابعتهم، ما عليك سوى أن تستثير اهتمامهم بك وبأية وسيلة ومهما كان الثمن! حتى وإن تحولت إلى مادة للسخرية أو الهجوم، وبهذا تكون (ظاهرة المؤثرين) قد انتقلت من مجرد حالة عشوائية، إلى ظاهرة لها فلسفتها وقانونها ومنظروها!
والحق فإن منظر أو مؤسس نظرية المشاهير هو الكاتب الأمريكي (روبرت جرين) صاحب كتاب «48 قانون للقوة» الصادر عام 2015 مع بزوغ عصر المواقع المعروفة، والذي ينص قانونه السادس على (اجعل اسمك مرتبطاً في أذهان الناس بالإثارة والفضائح، وافتعل أي شيء يجعلك أسطورياً ومختلفاً عن الأشخاص العاديين، ولا تشغل بالك بطبيعة ما يجذب الناس لك، لأن الشهرة مهما كان نوعها تجلب السطوة، ومن الأفضل لك أن يهاجمك الناس ويشهروا بك على أن يتجاهلوك)!!
بهذه الوصية التي جعلها جرين مبدأ من مبادئ القوة والسطوة انطلق ملايين الشباب والنساء والرجال يصنع كل واحد منهم لنفسه صورة مختلفة بافتعال الفضائح والتصرفات الشاذة للوصول إلى الشهرة والسطوة والمال، وبالفعل تمكنت أعداد من هذه الجموع من تكريس نموذجها الجديد والفارغ الذي أصبح محط الإعجاب والمتابعة، والمختلف تماماً عن نموذج الرمز التقليدي المعروف، لقد حمل هؤلاء المؤثرون على عاتقهم مهمة التسويق اليومي للاستهلاك الأعمى وقتل أي شعور أصيل وحقيقي تجاه الأشياء، هؤلاء هم الذين تحدث عنهم آلان دونو في كتابه (نظام التفاهة)!
لمتابعة الحلقة الأولى:
ــ أنا مشهور إذن أنا موجود! (1-2)