الشباب العربي والواقع الصعب
مفاهيم وآراء تطلق حول الشباب العربي، المهاجر منه إلى الخارج أو الثابت في أرضه لم يغادر.
حينما يسمع المرء تلك الإطلاقات ويتأملها، يشعر بالحيرة وشيء من القلق لحجم التشويه المضمّر فيها بلا وجه، حيث قلة من بني جلدتهم – عرباً مثلهم – يرون فيهم أنهم لا يحبون العمل، بل يركنون إلى الكسل، ولهذا يكون دفعهم الفاتورة، شقاء في الحياة.
بالمقابل، هنالك غالبية أجنبية فعلها أشد في هذا الجانب. ترتاب فيهم، وترى فيهم مصدراً لاحتمالات عدّة كلها لا تحمل خيراً؛ فأدناها مزعج، وأقصاها مهدد لحياتهم. والطرفان على خطأ كبير.
والحقيقة أن الشباب العربي ليس كذلك، والمغادرون بلادهم ما كانوا ليخرجوا لو توفرت لهم فيها مقومات الحياة، وإن حدودها الدنيا من قوت بدن، وصحة، وتعليم، وشيء من الكرامة. ومطالب كهذه ليست بالعسيرة. رغم ذلك، فهم يرضون بالمقومات المحدودة، ويعلمون أنها تحول دون مهلكهم، لكنها لا تجلب الحياة مكتملة الجوانب. صحيح أن البعد عن الرفاه ثقيل على النفس، لكن يمكن تقبله بعداً مؤقتاً، يمر وينتهي ثم قد يأتي. والأحوال دائماً متقلبة لا تستقر على حال. هي فطرة الحياة.
الشباب العربي يواجه واقعاً ليس سهلاً، قلما يقترب منه المحللون، يتمثل في عوامل عدة يصعب الإسهاب في وصفها. ليس بينها البحث عن حياة أفضل كالعمل في مجال معين أو الدراسة في جامعة مرموقة، في الخارج. إنما هي البطالة والفقر ونقص فرص التعليم والرعاية الصحية. حتى هذه غيابها يصبح مألوفاً، ناهيك عن الصراعات والاضطرابات السياسية والحروب، التي تقضي على أي أمل بالأمان والاستقرار.. مما يدفع بالشباب إلى البحث عن متنفس مشروع. القصة، ليس من الإنصاف تسميتها رحلة البحث عن تحقيق الأحلام، بل هي رحلة البحث عن حيز يضمن البقاء.