سلسلة نفحات رمضانية اليوم الأول رمضان شهر الإخلاص والتقوى بقلم شيرين يحيى

يحلّ علينا شهر رمضان بنفحاته المباركة، محمّلًا بالخيرات والبركات، ليكون فرصة عظيمة لتجديد الإيمان وتطهير القلوب إنه الشهر الذي تتنزل فيه الرحمات، وتُفتح فيه أبواب الجنة، ويُعتق فيه العباد من النار، فيدعونا إلى الإخلاص في العبادة، والتقرب إلى الله بقلوب نقية وأعمال صادقة فرمضان ليس مجرد صيام عن الطعام والشراب، بل هو صيام عن كل ما يغضب الله، وهو مدرسة تهذيب للنفس وترويض للروح على معاني التقوى والخشوع.
فالإخلاص هو جوهر العبادات، وشرط أساسي لقبول الأعمال، فهو الذي يرفع العبد في مراتب القرب من الله، ويجعل عمله مقبولًا في ميزان حسناته و لذلك الصيام نموذج فريد للإخلاص لأنه عبادة خفية بين العبد وربه لا يراها أحد، ولا يعلم صدقها إلا الله وحده، ولهذا جاء في الحديث القدسي: “كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به”. فحين يمتنع الصائم عن الطعام والشراب ليس خوفًا من أعين الناس، وإنما طاعة لله يكون بذلك قد بلغ مرتبة عظيمة من الإخلاص وهي أعظم غاية يسعى إليها المؤمن في عباداته.
فالصيام ليس غايته الامتناع عن المفطرات فقط، بل هو وسيلة لتحقيق التقوى التي هي الغاية العظمى من الصيام كما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ فالتقوى تجعل الإنسان يراقب الله في كل أفعاله، فيمتنع عن المعاصي كما يمتنع عن الطعام، ويتحكم في جوارحه كما يتحكم في شهواته فعندما يدرك الصائم أن الله يراه في كل حين يكون أكثر حرصًا على تجنب كل ما يُفسد قلبه، ويحرص على أن يكون صيامه صيام الجوارح واللسان والقلب، وليس فقط صيام الجسد.
و لكي نجعل رمضان نقطة تحول في حياتنا يجب أن نستثمره في أعمال الخير، ونجعل كل لحظة فيه خطوة نحو الإخلاص والتقوى حيث يبدأ ذلك باستحضار النية الصادقة في كل عمل سواء في الصيام أو الصلاة أو الصدقة، فكلما كان العمل خالصًا لله كان أكثر بركة وأعظم أجرًا. فالإكثار من الذكر وقراءة القرآن يعين على تزكية القلب، فيبقى الصائم متصلًا بالله، بعيدًا عن الغفلة و مراقبة الله في السر والعلن تجعل الإنسان يحرص على ألا يكون صيامه عادة بلا روح، بل عبادة حقيقية تغيره من الداخل فالأعمال الصالحة في رمضان تضاعف الأجر، فلا يجب أن يقتصر الصائم على الامتناع عن المفطرات، بل يسعى إلى الإحسان في كل شيء، فيكون أكثر عطاءً، وأصدق لسانًا، وألطف خلقًا.
فرمضان ليس مجرد شهر يمر، بل هو فرصة للبدء من جديد لنقترب من الله بقلوب نقية، وننقي أرواحنا من شوائب الدنيا، ونرتقي في مدارج الإيمان فمن فهم حقيقة الصيام، وأدرك جوهره خرج منه إنسانًا جديدًا أكثر صفاءً، وأقرب إلى الله، وأعظم أثرًا في الخير. اللهم اجعل صيامنا صيام المتقين، وعبادتنا خالصة لوجهك الكريم، ووفقنا لاستغلال رمضان كما تحب وترضى.
إذا كانت التقوى هي غاية الصيام، فليكن رمضان نقطة تحول نحو قلب أكثر طهارة وإيمان أكثر عمقًا.”
انتظرونا غدًا مع نفحة جديدة من “نفحات رمضانية”