نفحات رمضانية اليوم السابع لطف الله الخفي حين تأتيك الطمأنينة من حيث لا تحتسب” بقلم أ/ شيرين يحيى

نعيش أيامًا مليئة بالتحديات والمسؤوليات، نمنح وقتنا وجهدنا وعقولنا لعملنا ومشاغل حياتنا، ونواجه ضغوطًا لا تُحصى، أحيانًا نشعر بأننا نحمل أكثر مما نستطيع، فتثقل الروح، ويتسلل التعب إلى أعماقنا، ولكن وسط كل هذاهناك لحظات تأتي كنسمة باردة في قيظ الهموم كرسالة سماوية تخبرنا أن الله يرى ويسمع، ويجازي بكرم يفوق التوقعات.
ورمضان هو شهر تلك الرسائل الربانية الخفية يأتي كرحمة تنساب إلى قلوبنا المرهقة، يحمل إلينا نفحات الطمأنينة والتجلي، كأن الله يقول لنا: “اصبروا، فأنا معكم، وسأجبر قلوبكم بلطف لا تدركونه الآن، لكنكم ستشعرون به في الوقت المناسب.”
في لحظة ما، ربما تشعر أن تعبك يمر دون تقدير، وأن جهودك تُنسى وسط زحام المهام، ولكن فجأة، دون موعد أو انتظار، يأتيك التقدير من حيث لا تحتسب ، يُرسل الله لك أشخاصًا يرون ما لم يره غيرهم، يشيدون بعملك، ويذكّرونك أنك على الطريق الصحيح ، وكأنها رسالة سماوية تقول لك: “أنا أراك، أنا أقدّر تعبك، أنا أرسل لك من يذكّرك بأنك على صواب.”
وكم مرة شعرنا أن الأعباء تزداد، والضغوط تتراكم، ثم جاءت لحظة فرح بسيطة، أو كلمة تقدير غير متوقعة، أو نجاح لم يكن في الحسبان ليعيد إلينا الأمل والثقة؟ إنها رحمة الله التي تتجلى في أبهى صورها ، وفي رمضان تزداد هذه اللحظات نورًا وبركة حين نرفع أكف الدعاء ونحن موقنون بالإجابة، وحين نجد الراحة في سجدة طويلة، وحين نرى أثر أعمالنا الصالحة ينعكس على أرواحنا بالسكينة والسلام.
ليس علينا أن نقلق بشأن التقدير، فالتقدير الحقيقي يأتي من الله أولًا، ثم من القلوب الصادقة التي ترى الجهد دون أن تطلب منه شيئًا ، ولكن الأهم هو أن نستمر، أن نبذل، أن نعطي بكل حب وإخلاص، فالخير الذي نقدّمه لا يضيع، بل يعود إلينا بأجمل صورة وفي أنسب وقت.
وفي رمضان، نجد العطاء يتضاعف، والبركة تحيط بنا، والطمأنينة تغمر قلوبنا، وكأننا نعيش في ظلال لطف الله الخفي.
تذكّر دائمًا: “ربّك لن يتركك، سيجبر خاطرك في الوقت المناسب، وسيرسل لك رسالة طمأنينة حين تحتاجها، حتى دون أن تطلبها.”
فجبر الله لا يخضع لتوقيتنا، لكنه دائمًا يأتي في اللحظة الأجمل، بالطريقة الألطف، وبما يفوق توقعاتنا. فاطمئن، ما فقدته سيُعوَّض، وما أحزنك سيمر، وما أتعبك سيُؤجر. وثق بلطف الله، فهو لا ينسى عباده الصادقين.
وفي رمضان، حين يجبرك الله، تشعر وكأن العالم كله يبتسم لك، وكأن كل الأوجاع كانت مجرد طريق للوصول إلى هذه اللحظة.
فجبر الله لا يُضاهيه شيء، ويأتي ليعيد الروح، ويملأ القلب طمأنينة، ويذكّرك أن لطفه دائم لا ينقطع. فقط ثق بنفسك وبقدراتك، وابقَ متواضعًا، فالتواضع يرفعك، والاجتهاد يميّزك، وجبر الله سيأتيك ليمنحك أكثر مما تتمنى، خاصة في هذا الشهر المبارك، حيث اللطف يتجلى بأجمل صوره، وحيث تتنزل الرحمات من حيث لا تحتسب.
فلطف الله الخفي يُدبّر لك ما تعجز عن تدبيره، ويهيّئ لك الخير في الوقت الذي تظنه بعيدًا، فثق بأن تدابير الله أجمل من أمانيك.
انتظرونا غدًا مع نفحة جديدة من نفحات رمضانية.