بوليتيكو: ضغوط أميركية على أوروبا لعدم استخدام الأصول الروسية لتمويل أوكرانيا

تصاعدت الخلافات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول خطة مثيرة للجدل لاستخدام الأصول الروسية المجمدة، والتي تقدر بنحو 210 مليار يورو، لتمويل احتياجات أوكرانيا المتزايدة. تأتي هذه الخطة في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتصاعد الضغوط على الغرب لتقديم دعم مالي إضافي لكييف. وتثير هذه القضية تساؤلات حول القانون الدولي، وسيادة الدول، والعواقب المحتملة على العلاقات الاقتصادية والسياسية.
أعلن الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة تجميد الأصول الروسية إلى أجل غير مسمى، مع التأكيد على مواصلة العمل لزيادة التكلفة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا. في المقابل، حذرت موسكو من أن أي محاولة لاستخدام هذه الأصول ستواجه عواقب وخيمة، واصفةً المقترحات الأوروبية بأنها غير قانونية. تعتبر هذه القضية اختبارًا حقيقيًا للوحدة الأوروبية وقدرتها على اتخاذ قرارات جريئة في مواجهة التحديات الجيوسياسية.
الخلافات الأمريكية الأوروبية حول الأصول الروسية
تشير التقارير إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمارس ضغوطًا على دول الاتحاد الأوروبي للتخلي عن الخطة التي تهدف إلى منح أوكرانيا قرضًا من الأصول الروسية المجمدة. ويعرب المسؤولون الأمريكيون عن قلقهم بشأن التداعيات القانونية والمالية المحتملة لهذه الخطوة، بالإضافة إلى المخاوف من تصعيد التوتر مع روسيا. وقد سعت واشنطن إلى التأكيد على دورها كوسيط في الحوار بين الأطراف، نافيةً أي تدخل مباشر في القرارات الأوروبية.
في حين يرى الاتحاد الأوروبي أن هذه الخطوة ضرورية لضمان استمرار تمويل أوكرانيا وتمكينها من مواصلة القتال، معتبرًا الحرب الروسية تهديدًا لأمنه. وتشمل الأصول المجمدة ما يقرب من 185 مليار يورو في بلجيكا، و18 مليار يورو في فرنسا، ومبالغ أقل في لوكسمبورغ وألمانيا والسويد. يهدف الاتحاد إلى تشغيل جزء من هذه الأصول السيادية الروسية التي جمدها بعد بدء الحرب في عام 2022.
التقدم المحرز والتحفظات
على الرغم من الخلافات، أفادت مصادر دبلوماسية أوروبية أن التكتل يحرز تقدمًا في إيجاد آلية قانونية لاستخدام الأصول الروسية لصالح أوكرانيا. ومع ذلك، لا تزال بعض القرارات الرئيسية معلقة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالضمانات المطلوبة من بلجيكا، حيث توجد غالبية الأصول. تصر بلجيكا على أن أي خطة يجب أن تشارك فيها جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تحتفظ بأصول روسية مجمدة، لضمان تقاسم المسؤولية.
أعرب المستشار الألماني فريدريش ميرتس عن تفاؤله الحذر بشأن التوصل إلى اتفاق، مشيرًا إلى أن فرص النجاح تبلغ حوالي 50%. ودعا إلى اتخاذ موقف أوروبي موحد تجاه روسيا، مؤكدًا على أهمية التحرك الآن بدلًا من التأجيل. ويشكل هذا الموقف دعمًا قويًا لجهود الاتحاد الأوروبي لزيادة الضغط على روسيا وتقديم الدعم لأوكرانيا.
تحذيرات موسكو
من جانبها، حذرت روسيا من أن أي محاولة لاستخدام أصولها المجمدة ستؤدي إلى عواقب وخيمة. وأكد المبعوث الروسي الخاص كيرلي ديمتريف أن الأوروبيين سيواجهون رد فعل قوي إذا قرروا المضي قدمًا في هذه الخطة. كما أكد البنك المركزي الروسي أن المقترحات الأوروبية غير قانونية، واحتفظ بحقه في استخدام جميع الآليات المتاحة لحماية مصالحه. تعتبر هذه التحذيرات بمثابة رسالة واضحة من موسكو إلى الغرب، تؤكد على رفضها القاطع لأي محاولة لانتهاك سيادتها واستغلال أصولها.
تأتي هذه التطورات في سياق استمرار الحرب في أوكرانيا، والتي بدأت في 24 فبراير 2022. وتشترط روسيا لإنهاء الحرب تخلي كييف عن الانضمام إلى أي تحالفات عسكرية غربية، وهو ما ترفضه أوكرانيا بشدة. تعتبر الحرب في أوكرانيا صراعًا معقدًا له تداعيات عالمية واسعة النطاق، وتتطلب حلولًا دبلوماسية وسياسية شاملة.
من المتوقع أن يناقش قادة الاتحاد الأوروبي هذه القضية خلال قمتهم المقبلة في بروكسل، في محاولة للتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن كيفية استخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من العقبات والتحديات التي يجب التغلب عليها، بما في ذلك الخلافات مع الولايات المتحدة والتحفظات الداخلية داخل الاتحاد الأوروبي. سيكون من المهم مراقبة التطورات القادمة لمعرفة ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيتمكن من المضي قدمًا في هذه الخطة المثيرة للجدل، وما هي العواقب المحتملة لذلك.




